أكد خبيران اقتصاديان أن الحلول العاجلة التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات المعدّين للتدريس وحاملي الدبلومات الصحية بعد الثانوية العامة، ستحدث نقلة نوعية في حياة فئة كبيرة من السعوديين، إذ ستسهم في توسيع قاعدة التوظيف لكلا الجنسين على مستوى المناطق وليس على مستوى المدن فقط. وذكرا أن وضع حد أدنى للرواتب في المدارس الأهلية يمثل نقطة تحول لغالبية خريجي القطاع التعليمي من السعوديين، إذ ستؤدي هذه الخطوة إلى زيادة عدد المدرسين السعوديين في المدارس الأهلية وبالتالي استقرار فئة الشباب، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وفتح فرص وظيفية جديدة، وهو ما يعني مزيداً من الدخل في أيدي المواطنين. وطالبا أن يجري التعامل مع ازدياد حجم السيولة بشكل سليم عبر فتح قنوات استثمارية كيلا تزداد معدلات التضخم. وذكر الخبير الاقتصادي الدكتور علي التواتي ل«الحياة» أن ما يميز القرارات الملكية الصادرة أخيراً أنها طبقت إجراءات قبل وصول المشكلة «وفي العادة نصبر حتى حدوث المشكلة ثم نبحث عن حلول»، مشيراً إلى أن «الخطة الملكية» مهدت الطريق لتوظيف الخريجين المعدين لوظائف تعليمية باستحداث 52 ألف وظيفة، كما عملت على تأنيث عدد من الوظائف وفتح مجالات توظيف لأول مرة، مثل تأنيث مصانع الأدوية ومحال بيع المستلزمات النسوية، ما سيمكن قطاعاً كبيراً من السعوديات من إنشاء أعمال خاصة بهن في هذا المجال، يتولين بدورهن توظيف سعوديات أخريات. وأكد أن هذه القرارات متوازنة، وتوسع قاعدة التوظيف لكلا الجنسين على مستوى المناطق وليس على مستوى المدن فقط، وتلزم الجهات الحكومية كافة التي لم تستكمل فتح أقسام نسائية بالبدء في إجرائها وتحور بعض وظائفها لاستيعاب أقسام نسوية. ولفت التواتي إلى أن هذا النوع من القرارات هو ما يقود إلى استقرار الدول عادة ويمكنها من توسيع القاعدة الإنتاجية التي تخدمها في المستقبل. وتابع: «نسب السعودة أصبحت متغيرة لأنه بقدر ما يتم توظيف سعوديين بقدر ما تستطيع أن تفرض نسباً أعلى للسعودة وهي تغيرات جيدة وجذرية وفيها رؤية مستقبلية وهو الأهم»، مشيراً إلى أن مردود هذه القرارات سيكون المزيد من التوظيف والاستقرار بين فئة الشباب، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وفتح فرص وظيفية جديدة، وهو ما يعني مزيداً من الدخل في أيدي المواطنين، والاستقلالية على المستوى الأسري، وبدلاً من أن يكون شخص واحد هو المنفق على الأسرة يمكن أن يزداد من ينفق على العائلة الواحد، ما سيكون له تأثير اقتصادي على المستوى الكلي بخفض مستوى البطالة وزيادة مستوى الدخل، ونقل الطلب الكلي للاقتصاد إلى مستوى أعلى بالنسبة إلى النشاط الاقتصادي بصفة عامة، كما سينعكس إيجاباً على الأفراد والعائلات على مستوى الاقتصاد الجزئي. من جهته، شدّد رئيس مجلس إدارة مركز آرك للأبحاث الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي، على أهمية القرارات الملكية التي صدرت عقب دراسة لوضع الخريجين السعوديين، مشيراً إلى تنامي البطالة في السعودية إلى أرقام كبيرة تصل إلى 15 في المئة، منهم 28 في المئة إناث. وقال ل«الحياة»: «خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحرص دائماً على أبنائه وبناته كما هي عادته بحياة كريمة ووضع حلول لهذه الإشكالية. وحول وضع حد للرواتب في المدارس الخاصة رأى الدكتور الحارثي أنها كانت مجزية جداً مقارنة بالوضع الحالي، معتبراً أن إدخال صندوق تنمية الموارد البشرية كشريك في دعم هؤلاء الشباب يعطي مؤشراً على حرص خادم الحرمين الشريفين على عدم إثقال كاهل أصحاب المدارس الأهلية، وبالتالي تدخل إحدى الأذرع التنموية والتأهيلية للشباب وهو صندوق تنمية الموارد البشرية كداعم لتلك الرواتب في المدارس الأهلية. وقال: «القرار نقطة تحول لغالبية خريجي القطاع التعليمي من السعوديين، إذ إن الإشكالية كانت في السابق زيادة المخرجات على المدخلات، وبالتالي نشأ ما يسمى بالبطالة الاحتكاكية التي تنتج من عدم التناغم بين العرض والطلب في الخريجين لقطاع معين، أما في ظل هذا التوجه والتنمية المقبلة في أعداد المدارس والمعاهد والكليات ستكون الحاجة دائمة لإيجاد وظائف وفرص عمل، ولكن يتطلب مع ذلك أن تكون هناك دورات لتأهيل خريجي القطاع التعليمي في طرق التدريس والوصول إلى جيل واع مدرك». وأكد الدكتور الحارثي أن الحلول التي طرحت في الأوامر الملكية أصابت مكمن الخلل ووضعت دواء لهذه الإشكالية، لكنه أعرب عن أمله ألا يكون من آثار تلك الحلول، زيادة في معدلات التضخم التي تصل حالياً إلى 4.8 في السعودية. وأضاف أن من المؤشرات التي تزامنت مع الأوامر الملكية، أن زيادة في التضخم قد تحدث على المدى القصير، ولكن يجب أن تتعامل السياسة النقدية والمالية مع ازدياد حجم السيولة ومعدل عرض النقد في الاقتصاد بشكل سليم عبر فتح قنوات استثمارية كيلا تزداد معدلات التضخم التي تضعف القوة الشرائية ما يؤثر سلباً في المواطن.