راهن الفلسطينيون على الحصول على العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل، لكن مع إقتراب الموعد الذي بات يطلق عليه اسم «الاستحقاق الفلسطيني»، بدأ يتضح أن تحقيق هذا الهدف أمر بعيد المنال. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن جهودهم إصطدمت بمعوقات سياسية وقانونية قد تجعل من إستحقاق أيلول (سبتمبر) ليس أكثر من خطوة رمزية عابرة. في هذا الصدد، نشر رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات أخيراً في وسائل الاعلام الفلسطينية ورقة عن الملابسات القانونية والسياسية للخطوة الفلسطينية، خلصت الى أن الجانب الفلسطيني سيواصل جهوده لتجنيد اعتراف دول العالم بفلسطين، لكنه رجح أن تصطدم جهود الحصول على اعتراف الاممالمتحدة وعلى عضوية المنظمة الدولة بحق النقض (الفيتو) الاميركي. وجاء في ورقة عريقات: «الجمعية العامة للأمم المتحدة هي صاحبة القرار في شأن قبول العضوية في الأممالمتحدة للجمعية، لكن حسب المادة 4 يتطلب أن يكون هذا بناء على توصية من مجلس الأمن». وأضاف: «مجلس الأمن هو من ينظر في طلب العضوية أولا»، مشيراً الى أن «الفيتو» الاميركي قد يحجب الطلب الفلسطيني. وتابع: «بموجب المادة 59 من النظام الداخلي الموقت لمجلس الأمن، هناك لجنة دائمة تضم جميع أعضاء المجلس، لقبول الأعضاء الجدد. وترسل هذه اللجنة استنتاجاتها إلى مجلس الأمن الذي يتخذ بدروه قراراً في تقديم توصية أو عدمه إلى الجمعية العامة. ويخضع هذا القرار للفيتو». وفي حال مرور المشروع في مجلس الامن، يحال على الجمعية العامة. وفي هذه الحال، فإن قبول الدولة العضو يتطلب غالبية الثلثين. وكان عدد من الساسة الفلسطينيين ينادي باللجوء الى الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال استخدام الولاياتالمتحدة «الفيتو» تحت بند «الاتحاد من أجل السلام» أو القرار «377». لكن بحوثاً ودراسات وإستشارات لاحقة بيّنت عدم قدرة الفلسطينيين على استخدام هذا البند من دون إقرار من مجلس الامن، الامر الذي يحتم عليهم «فتح حوار استراتيجي مع الإدارة الأميركية»، وفق ما يقول عريقات، مضيفاً: «فكما هو واضح، فإن استخدام الولاياتالمتحدة الفيتو يجعل من المستحيل تمكين فلسطين من أن تصبح عضواً. فإن ذهبنا إلى الجمعية العامة بعد الفيتو الأميركي، وسواء تم استخدام الاتحاد من أجل السلام القرار (377) أم لا، وسواء حصلنا على ثلثي الأصوات أو 50 في المئة + 1 من الأصوات، فإن فلسطين ستصبح (دولة غير عضو)، وهذا يختلف جملة وتفصيلا عن حصولها على العضوية الكاملة». وكان الرئيس الاميركي أعلن في خطاب له في 19 أيار (مايو) الماضي أن الجانب الفلسطيني يسعى عبر اللجوء الى الأممالمتحدة الى نزع الشرعية عن إسرائيل، وأن هذه الجهود ستؤول الى الفشل. ويرى قادة فلسطينيون أن جهودهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حال اللجوء اليها عقب إستخدام الولاياتالمتحدة «الفيتو»، ستؤدي الى صدور قرار ينص على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة فلسطين على حدود 4 حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وهي خطوة رمزية ليس أكثر. وتلقى الرئيس محمود عباس في الايام الاخيرة نصائح عديدة بعدم التوجه الى الأممالمتحدة، واستبدال ذلك بالتفاوض مع الإدارة الاميركية في شأن اقتراح سابق لها يقضي بإرسال لجنة تقصي الحقائق من مجلس الامن في شأن الاستيطان، وإصدار المجلس بياناً ينص على إدانة الاستيطان، ويحدد خط الرابع من حزيران أساساً للمفاوضات بين الجانبين. لكن مسؤولاً رفيعاً كشف ل «الحياة» أن الرئيس عباس رفض الاقتراح، وأصر على اللجوء الى الأممالمتحدة تحسباً لتكرار تجربة تأجيل تقديم «تقرير غولدستون» الى مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة. وقال المسؤول إن عباس عاقد العزم على التوجه الى الأممالمتحدة حتى لو أثمر ذلك عن خطوة رمزية. وأشار الى أن السبب الوحيد الذي قد يحول دون ذلك هو حدوث تغيير في الموقف الاسرائيلي يؤدي الى العودة الى المفاوضات. ولم يستبعد وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي أن يقوم مجلس الامن نفسه بتجميد النظر في الطلب حتى إشعار آخر، وقال ان عدد الدول التي تعترف بفلسطين وصل الى 116 دولة، مضيفاً أن في حال وصول الطلب الى الجمعية العامة، وهو أمر مستبعد بسبب «الفيتو» الاميركي المتوقع، فإن الاعتراف يتطلب تصويت 129 دولة لصالح المشروع، أي ثلثي أعضاء الجمعية العامة. وقال المالكي: «الحصول على غالبية الثلثين في الجمعية العامة ستكون عملية صعبة لكن ليست مستحيلة». وربما تبدو مقاربة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض تجاه استحقاق أيلول الاكثر واقعية، فهي تقوم على استكمال الجاهزية الوطنية لاقامة الدولة بحلول هذا الموعد، ومطالبة العالم بالقيام بمسؤولياته في انهاء الاحتلال. وقال فياض أخيراً في لقاء مع الصحافيين في مكتبه: «نسعى الى ان نكون جاهزين لادارة دولة مستقلة كاملة السيادة بحلول أيلول بحيث يرانا العالم من أي زاوية نظر منها أننا دولة، وأن العقبة الوحيدة أمام هذه الدولة هي الاحتلال الاسرائيلي». واضاف: «الدولة الفلسطينية هي تحد لنا وللعالم، وللاحتلال، ونحن نجحنا في التحدي، ونطالب العالم بالعمل على إنهاء الاحتلال، ونطالب الاحتلال نفسه بالرحيل عن صدورنا وتركنا نقرر مصيرنا».