باتت جمهورية تتارستان واثقة من قدرتها على احتلال مكانة رائدة في تنمية النظام المالي الإسلامي في روسيا، إذا توافرت لها الإمكانات والشروط المطلوبة، والأهم هو الدعم الحكومي. وتتفاعل تتارستان حالياً بنشاط مع بلدان عربية ومع إيران وشركاء في جنوب شرق آسيا في اتجاه تحقيق النتائج التي بدأت تؤتي ثمارها. وشهدت كوالالمبور في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، توقيع اتفاق نيات بين حكومة تتارستان وكونسورتيوم شركات أجنبية، لإعداد الدليل الأول للصكوك في تتارستان في إطار التشريع الروسي. ويُتوقع أن يجذب استثمارات تصل إلى 200 مليون دولار. وتأسست عام 2010 شركة «تتارستان الدولية للاستثمارات»، ومؤسسوها مستثمرون من الشرق الأوسط وماليزيا، ويعتبر مصرف التنمية الإسلامي واحد منهم، وتبلغ حصة تتارستان 20 في المئة. وتهدف هذه الشركة إلى جذب استثمارات إضافية الى الاقتصاد الروسي. وأفضى اجتماع رئيس تتارستان رستم مينيخانوف مع وفد غرفة التجارة والصناعة الإسلامية برئاسة الشيخ صالح عبدالله كامل رئيس مجلس غرفة التجارة في السعودية، إلى إطلاق مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين. وذكر أن المملكة ستبدأ ضخ استثمارات في تتارستان لتوظيفها في النظام المالي الإسلامي في الجمهورية. كما تقرر الشروع في إنشاء مصرف إسلامي في تتارستان يعمل وفق الشريعة الإسلامية. واعتبر القنصل العام للجمهورية الإيرانية رسول باجرينجاد شايان خلال لقائه رئيس جمهورية تتارستان، أن دعم التوجه الاقتصادي في العلاقات، هو «الخط الاستراتيجي لطهران» في التعامل مع تتارستان. ولفت إلى اهتمام ممثلي قطاع الأعمال الإيرانية للتعاون مع الشركات في تتارستان، وتحديداً مشاركة بعضها في المؤتمر الدولي للنظام المالي والتجاري في الإسلام (قمة كازان 2011). وأعلن مدير لجنة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تتارستان لينار يعقوب في تصريح إلى «الحياة»، أن «جمهورية تتارستان رائدة في مجال النظام المالي الإسلامي، وليس صدفة أن يشهد بلدنا كل هذه النشاطات»، لافتاً إلى أن «مهمتنا نقل خبرتنا إلى كل روسيا، وأن نثبت فاعلية العمل على تعزيز النظام المالي الإسلامي». وفي الوقت ذاته، من الصعب تطوير النظام المالي الإسلامي من دون التفاعل الوثيق بين الأطراف المعنيين، ومن دون موقع حيث يمكن المستثمرين المحتملين دراسة مشاريعهم وتوقيع العقود، ومن دون مؤسسة لتقديم الخدمات كوسيط في تنمية العلاقات متعددة الطرف، لذا شهد عام 2009 عقد المؤتمر الدولي للنظام المالي والتجاري في الإسلام، والهدف الرئيس منه تنمية العلاقات الاقتصادية الدولية والمصالح المشتركة، وتطوير التفاعل بين روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، في مجالات التنمية الاقتصادية والاستثمارات والمشاريع والأعمال التجارية والتعليم. وسيُعقد مؤتمر القمة الدولي الثالث في كازان في 20 و21 من الشهر الجاري «قمة كازان 2011». ويُتوقع حضور أكثر من 500 شخصية من المستثمرين الدوليين والمسؤوليين التنفيذيين في المؤسسات المالية ومصرفيين ورجال أعمال، وممثلين عن الهيئات التشريعية والتنفيذية في روسيا، فضلاً عن ممثلي غرفة التجارة الإسلامية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وسيعرض المنتدى الفرص الاستثمارية في المناطق الروسية مثل تتارستان، انغوشيتيا، باشكورتستان، أورنبرج، أوليانوفسك، وعدد آخر من الأقاليم الروسية. ويحضر ممثلون عن إيطاليا وإيران وجمهوريتي بيلاروس وداغستان، كما تغطي الحدث أكثر من 100 من ممثلي وسائل الإعلام. وتناقش القمة مناخ الاستثمارات في روسيا الاتحادية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص: الفرص المتاحة في روسيا، والحدث المهم في هذا المنتدى الاستراتيجي هو «مكان وحلول جديدة - روسيا والعالم الإسلامي». وفي إطار المؤتمر الدولي الثالث النظام المالي والتجاري في الإسلام، سيعقد مؤتمر حول الاقتصاد والمال في الإسلام، الذي يساعد بإيجابية في وضع تعريف محدد للنظام المالي الإسلامي سواء على نطاق عالمي أو وفق وجهة النظر التنفيذية للأسواق الجديدة. وفي إطار أهداف المؤتمر تقويم الوضع الحالي وآفاق تطوير النظام المالي الإسلامي في العالم المعاصر. ويتزامن عقد المؤتمر مع اجتماعات عمل تتناول مواضيع تتصل بالمصارف المركزية للدول الأجنبية وروسيا، والخدمات المصرفية الإسلامية» اجتماع لمنظمات خيرية. وسيطلع المستثمرون ورجال الأعمال وممثلو الحكومات على عروض للصناعات المتنوعة في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية وصناعة الآلات والبناء. وتختتم «قمة كازان 2011» بمفاوضات تجارية وتوقيع عقود مشاريع استثمارية جديدة. ولم يستبعد يعقوبوف في تصريح إلى «الحياة»، «التوقيع على 10 مشاريع حقيقية وفي مجالات متنوعة هذه السنة». واعتبر أن النتائج المرجوة «واعدة جداً». وقال: «نثبت للعالم الإسلامي عاماً بعد عام نياتنا الجدية، ونتحدث عن اقتصادنا قمة بعد قمة، وانفتاح روسيا نحو الشرق اقتصادياً، والتي ستعمل على إيجاد مناخ قوي وإيجابي للأعمال وعلاقات مالية جديدة ومشتركة».