اعتبر رئيس «الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة» كيريل ديميتريف، أن استقطاب روسيا مزيداً من الاستثمارات، هي «إحدى مهمات نمو الاقتصاد الروسي على مدى السنوات القريبة». كما يُعدّ الصندوق أحد أكبر الدوائر لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى روسيا الاتحادية، ويوجه نشاطاته نحو التعاون مع بلدان العالم الإسلامي. وتحدّث ديميتريف خلال لقائه رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين، عن جولة عمل شملت دول الشرق الأوسط مع رئيس «فينش إكونوم بنك» فلاديمير ديميتريف، كاشفاً عن أن أحد الصناديق السيادية الكبيرة في المنطقة «أكد استعداده لتوظيف استثمارات في كل صفقات الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، وفق نموذج الاستثمارات المشتركة الآلية، أي الاشتراك بكل صفقات الصندوق، وهو أمر لا مثيل له». وتشير معطيات الخدمة الفيديرالية للإحصاء الحكومي، الى أن رؤوس الأموال الأجنبية التراكمية في الاقتصاد الروسي بلغت 347.2 بليون دولار نهاية العام الماضي، أي بزيادة 15.7 في المئة عنها العام السابق. ووصلت قيمة الاستثمارات المتدفقة إلى روسيا 190 بليون دولار، بزيادة 66.1 في المئة عن القيمة المحققة عام 2010. ويُعتبر الأوروبيون المستثمرين الرئيسيين في البلاد، التي ما زالت تستثمر في الاقتصاد الروسي على رغم أزمة المال العالمية. وفي ضوء تبادل الاستثمارات بين البلدان الإسلامية وروسيا، لا تزال روسيا في هذا الإطار في المرحلة البدائية من التطور، لكن آفاق التطور جيدة. الاستثمارات العربية وتقدّر الاستثمارات المحتملة من البلدان العربية بنحو تريليون دولار، كما يمكن أن تكون نسبة من هذا الرقم الجزء الأكبر من موازنة أي إقليم في روسيا، لذا عُزّز العمل أخيراً لاستقطاب رؤوس الأموال من البلدان الإسلامية، كما على مستوى الهيئات والمنظمات الحكومية وعلى مستوى الأقاليم. وعلى عكس المتعارف عليه، لا يوظّف المستثمرون الأجانب أموالهم في الأقاليم المركزية بل في المناطق الإقليمية في روسيا. أما الاستثمارات من الدول الإسلامية، فهي تنحصر بالمناطق الجاذبة لها في أقاليم تتارستان وبشكيريا وجمهوريات شمال القوقاز، حيث يعتنق القسم الأكبر من قاطنيها الإسلام. وعُزّز أخيراً دور غرفة التجارة والصناعة الروسية في تنمية التبادل الاستثماري بين روسيا والعالم الإسلامي، وتعمل الغرفة على إعداد اتفاق التعاون مع المركز الإسلامي للتنمية التجارية التابع لمنظمة التعاون الإسلامية. وكان رئيس قسم الاستثمارات في غرفة التجارة والصناعة الروسية ديميتري كوروجكين، تحدث في ملتقى تطوير التعاون بين روسياوالإمارات عن نشاط القسم المسؤول عنه في تطوير برنامج اجتذاب الاستثمار في الأقاليم الروسية، وتحديداً عن تحضير «الإستراتيجية الاستثمارية» المخطط لها في الأقاليم الروسية مع شركة «استراتيجي بارتنيورز» المؤسسة من «سبير بنك» الروسي. ويعدّ القسم بالاشتراك مع وكالة الاستثمارات الإستراتيجية معايير أجهزة السلطة والإدارة الخاصة بجذب الاستثمارات. ولصوغ هذه المعايير، استُعين بإقليمين ثانويين هما كالوجسكايا وليبيتسكايا. وسُجلت بمشاركة مباشرة من قسم الاستثمارات في غرفة التجارة والصناعة الروسية في وزارة العدل وكالة دولية لاستقطاب الاستثمارات، كما ستُنشأ وكالة روسية لاجتذاب الاستثمارات. وفي مؤتمر سانت بطرسبرغ الاقتصادي الذي سيعقد في حزيران (يونيو) المقبل، بهدف تعميق التعاون مع الدول العربية تحديداً، ستُنظم «طاولة مستديرة» حول موضوع التعاون الاستثماري مع الدول العربية. وتنشئ أقاليم روسية كثيرة وكالاتها الخاصة بهدف استقطاب الاستثمارات الأجنبية، لكن الوصول الى المستثمرين الأجانب في الخارج مهمة صعبة بالنسبة إلى الأقاليم، ولذا تُنظم نشاطات تعرض الاهتمامات الإقليمية. ويرى كل إقليم حالياً أن تنظيم منتداه الخاص «مسألة كرامة». يُذكر أن تاريخ تنظيم المنتديات الإقليمية يمتد لفترة تزيد على 15 سنة، وظهرت في خلالها منتديات استثمارية واقتصادية في أقاليم كثيرة. وأفادت دراسة أعدها موقع انترنت «رأس مال الدولة» الفيديرالي الذي يتولى أيضاً استقطاب رؤوس الأموال إلى الأقاليم، بأن بعض المنتديات تبدأ تنفيذ وظيفة شكلية في إنشاء مظهر إيجابي للإقليم في نظر المجتمعين الروسي والدولي. وبذلك تحوّلت المنتديات الاستثمارية الإقليمية إلى أداة معقدة للسياسة الاستثمارية الإقليمية. وأدت شهرة تنظيم المنتديات إلى بدء تحوّل الساحات الاستثمارية التقليدية إلى مشاريع دولية. وتبدي الأقاليم الروسية في بحثها عن استثمارات استعداداً للمشاركة في منتديات الأقاليم الأخرى وليس فقط لتنظيم منتديات محلية، فضلاً عن حضور هذه النشاطات في دول أخرى، مثل المشاركة في «لقاء دبي الاستثماري السنوي» في أيار (مايو) المقبل، إذ من المقرر أن تعرض أقاليم روسية قدراتها الاستثمارية، من ضمنها إقليم تترستان الذي يخطط لافتتاح مكتب تمثيلي تجاري اقتصادي في الإمارات. قمة قازان ويعتبر إقليم تترستان، القائد من دون منازع لدى الحديث عن استقطاب استثمارات من الدول الإسلامية، إذ كان رئيس «مجموعة بنك التنمية الاسلامي» أحمد محمد علي، أعلن على هامش تنظيم شركة تترستان الدولية للاستثمارات بالشراكة مع البنك وحكومة تترستان، أن «لدى الجمهورية مقومات كبيرة لتصبح مركزاً للتعاون بين الشرق والغرب». وبلغت هذه الشراكة بين دول منظمة التعاون الإسلامي وتترستان حالياً مرحلة جديدة من التعاون، إذ لدى الجمهورية علاقات قوية مع تركيا وماليزيا والدول العربية. كما تُنظّم لقاءات على مستوى ممثلي الدول الإسلامية، إذ جمعت «قمة قازان الدولية» في السنوات الثلاث الأخيرة مشاركين ومستثمرين من العالم الإسلامي. وتُعقد القمة هذه السنة في 17 و 18 أيار (مايو) المقبل، وستناقش التعاون الاقتصادي بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي. وأشادت حكومة روسيا الفيدرالية بجهود القمة في تنمية العلاقات بالدول الإسلامية. وسيدعم القمة هذه السنة مجلس الفيديرالية الروسية، إذ أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أن القمة الدولية «تواصل نجاحها، ويرتفع عدد المشاركين ومستوى تمثيلهم»، مؤكداً أن هذه القمة «تساهم في تقوية مستوى السياسة الخارجية الروسية والعلاقات مع منظمة التعاون الإسلامي وبنك التنمية الإسلامي ومع المصارف الإسلامية عموماً». ولن تنحصر الجلسة الاستثمارية للقمة فقط بعرض المشاريع الاستثمارية والقدرات الاستثمارية لتترستان، لأن الأقاليم الروسية الأخرى ستتمكن من المشاركة في «قمة قازان» وعرض مشاريعها الاستثمارية، مثل تنمية البنية التحتية للمدن والأقاليم، والمشاريع الاقتصادية الخاصة. إذ ستعمل اللجنة التنظيمية هذه السنة مع 43 إقليماًروسياً. وللوصول إلى قدرة عمل فاعلة لممثلي المؤسسات الحكومية ورجال الأعمال في الجمهوريات والأقاليم الروسية مع المستثمرين من دول جنوب شرقي آسيا والخليج العربي وشمال أفريقيا، حُدّدت طريقة عمل المؤسسات التي تضم منتديات استراتيجية واستثمارية، التي ستعرض مشاريعها وعقد لقاءات عمل. وأوضح رئيس وكالة التنمية الاستثمارية في جمهورية تترستان لينار يعقوبوف، في تصريح الى «الحياة»، أن التوجه نحو عرض القدرة الاقتصادية للأقاليم الروسية لتشجيع دخول استثمارات جديدة من العالم الإسلامي «باتت توجهاً أساسياً لقطاعات روسية واسعة». واعتبر أن «قمة قازان» تستقطب الأقاليم بجمعها عدداً ضخماً من المستثمرين الباحثين عن عروض توصلهم الى أسواق جديدة، إذ يهتم المستثمرون بإمكان الاطلاع على القدرات الاستثمارية وقدرات الأقاليم الروسية في مكان واحد، وفي مساحة أظهرت ذاتها بقوة». وأكد الميزة الرئيسة لعرض المشاريع الاستثمارية في «قمة قازان 2012»، لأنها تمثل «الساحة الوحيدة ذات السمعة والهيمنة الدوليتين، وتحديداً عندما يتعلق الأمر بالدول الإسلامية. إذ باتت قازان وتتارستان إسماً معروفاً في دول أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط ورابطة الدول المستقلة ومنظمة التعاون الإسلامي». وقال يعقوبوف: «لم تهتم الأقاليم «غير الإسلامية» في روسيا حتى وقت ليس بعيداً في شكل جيد، باستقطاب الاستثمارات من الدول الإسلامية، وهو أمر من دون معنى، ومن المعروف أن لدى الدول الإسلامية قدرات مالية واهتماماً بالوصول إلى أسواق جديدة». ورأى أن «من الممكن تلبية اهتمامات دول منظمة التعاون الإسلامي ليس فقط من جانب الأقاليم الروسية «الإسلامية» المعروفة لهم، لأن لدى سيبيريا والشرق الأقصى الروسي أيضاً قدرات استثمارية في مجالات كثيرة، بدءاً بالبنية التحتية وانتهاء بالمشاريع في مجال التعدين». كما تملك تتارستان الإمكانات كي تصبح حلقة وصل للفائدة الاستثمارية المشتركة بين الأقاليم الروسية الأخرى، ومساعدتها في تعزيز علاقات الشراكة المستقبلية بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي.