قال أكاديمي متخصص في الاقتصاد والتمويل إن مجموع القروض التي ضختها البنوك للأفراد والمؤسسات في عام 2007 بلغ نحو 187 بليون ريال، منها 91 في المئة لأغراض استهلاكية وتمويل أسهم، ويعتبر هذا التوجه من أهم علامات عدم تقدير المستهلكين للعواقب وخضوعهم لمؤثرات السلوك الاستهلاكي. وقال وكيل جامعة الإمام الدكتور خالد المقرن في محاضرة نظمتها «غرفة الرياض» بالتعاون مع الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، إن الأفراد أصبحوا يفتقدون حسن تقدير العواقب من السلوك الاستهلاكي، فيشترون ويقترضون من دون تقدير للعواقب أو معرفة حقيقية أكيدة بحاجاتهم، مشيراً الى أن من الآثار الجانبية لتزايد الاستهلاك تناقض التدفقات الفردية على الجمعيات والمراكز الخيرية، ما أثر على أدائها، وقد أعلنت إحدى الجمعيات الخيرية عن عجز في مصادرها ودخولها بلغ نحو 20 مليون ريال. وقال المقرن إن على جهات التوعية ووسائل الإعلام بذل جهود نحو ثقافة الالتزام بالضوابط الشرعية في الاستهلاك، بما يعيد التوازن إلى الإنفاق والاستهلاك، كما يجب حماية الأفراد من الوقوع فريسة التباهي الاستهلاكي الذي يؤدي إلى هلاكه اقتصادياً ومعيشياً واجتماعياً، إذ إن نسبة كبيرة من السلع يشتريها الأفراد تحت تأثير الضغوط الاستهلاكية، وهم في الحقيقية لا يحتاجون إليها. وأكد المقرن ضرورة حث الأسر على تعلم وضع موازنات مكتوبة لحاجاتهم، وعدم دخول مراكز التسويق من دون كتابة ما يريدون شراءه. من جهتها، انتقدت الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل سيطرة السلوك الاستهلاكي على المجتمع، ما يقود إلى إحداث ضغوط تضخمية، والتضحية بتمويل المشاريع الاستثمارية، والتأثير سلباً على الإنفاق التطوعي والتكافلي واستحكام حلقات الأزمة المالية. وطالب أحد الحاضرين خلال المناقشة التي أعقبت المحاضرة الدولة بفرض رقابة على عمليات الإقراض، بحيث تحمي الأفراد المقترضين مما اسماه بمجزرة القروض التي تفرض فيها المؤسسات المالية والمصرفية ضمانات قاسية، لتجني نسباً عالية من الربحية. ودعا أحد الحضور إلى درس ظاهرة الفروق في الثقافة الإدخارية بين مجتمعات المناطق، ولماذا تتميز بعض هذه المجتمعات الريفية بالمحافظة على ثقافتهم الادخارية الايجابية وسط هذا التفشي العام للشراهة الاستهلاكية. وعقب المقرن قائلاً: «إن السلوك الاستهلاكي يجتاح كل الشرائح، واندثرت الثقافة التي كانت تقول «نمد الرجل على قدر اللحاف»، وأصبحنا نطبق العكس، وإذا عجز البعض عن تلبية الرغبة الاستهلاكية فإنهم قد يستعيرونها أو يقترضونها، أو إنهم حتى قد يسرقونها في بعض الحالات». واقترح المشاركون على الهيئة تبني تنظيم سلسلة من ورش العمل حول أسس بناء موازنات الأسرة، وتحديد الحاجات الحقيقية، وضرورة إشراك وسائل الإعلام في حملة توعية تقود إلى ترشيد الاستهلاك وحماية الأسر من السفه الاستهلاكي الذي يمكن أن يقود إلى انهيارات وعواقب اجتماعية وخيمة.