ربما لم تمر الكرة السعودية منذ بداياتها بمرحلة خطرة وسوابق دخيلة مثل التي تشهدها هذه الأيام، وبما أن الرياضة السعودية التي وصلت إلى العالمية أربع مرات متوالية وحققت كأس العالم على مستوى الناشئين في أسكتلندا 1989 ستكون على المحك مع توالي القضايا الشائكة والتطورات الساخنة، والقرارات التاريخية التي أثارت الدهشة في الوسط الرياضي وأحدثت انقساماً حاداً بين النقاد والمحللين والمراقبين ورجال القانون بين مؤيد لها ومعارض، ووفقاً لمتابعين فإن سلسلة من البيانات الرسمية غير واضحة، وثغرات في مواد اللوائح والأنظمة المطبقة، وتعتيم غريب من أعضاء اللجان الذين تعودوا على رمي الشرارة الأولى فقط وترك الوسط الرياضي يهيج في دهاليز الحيرة والاستفهامات التي لا نهاية لها. لم تكن قضية الرشوة التي تعرض لها حارس نجران جابر العامري من زميله في الفريق تركي الثقفي بدعم من عضو شرف وحداوي قبل مواجهة الفريقين أولى القضايا التي فجرت الوسط الرياضي ولم تلقَ حلاً شافياً ووافياً من اللجان المعنية على رغم مرور اكثر من شهرين عليها، إذ ترك مسيرو الاتحاد السعودي الحبل على الغارب لأطراف القضية، ولم يكن هنالك تدخل عاجل ومباشر من أمانة الاتحاد السعودي مع الشكوى التي تقدم بها رئيس نجران مصلح آل مسلم والفضيحة التي هزت الرياضة السعودية، وهو ما ترك الفرصة لتصاريح مسيئة من كل حدب وصوب لرفع راية الدفاع قبل أن يتدخل الرئيس العام ويوجه بالكف عن مثل هذه التصاريح حتى يتم حسم القضية، إذ ما زالت حتى الآن في ملعب اتحاد الكرة بعد تبريرات غير مقبولة وغير مقنعة (بحسب متخصصين) من الأمين العام للاتحاد السعودي فيصل عبدالهادي الذي أكد أن التأخير كان بسبب أهمية مباريات الفرق في الدوري. وعلى النقيض تماماً فاجأت لجنة الانضباط الوسط الرياضي بقرار تاريخي هو الأخطر في مسيرة الكرة السعودية بعد أقل من 48 ساعة استند على «الخبرة والتجربة والشكوك» بدلاً من اللوائح والأنظمة، ولم يجد تفسيراً منطقياً من الرياضيين كافة، عندما قررت اللجنة حسم ثلاث نقاط على فريق الوحدة بحجة التأخير في مباراة التعاون والتلاعب في نتيجة المباراة على رغم أن الفريق لم يحصد إلا نقطة واحدة من اللقاء، وبالتالي تسبب ذلك في هبوط الفريق إلى الدرجة الأولى، وحرمان التعاون من المشاركة في بطولة كأس الملك للأندية الأبطال، وكان عشم الوحداويين في لجنة الاستئناف، ولكنهم يئسوا من القضية بعد أن أيدت لجنة الاستئناف قرار لجنة الانضباط وتأكد هبوط الوحدة بسبب التأخير لبضع دقائق في مباراة دورية في ختام الموسم الرياضي، ليتسبب ذلك في احتقان الشارع الوحداوي وتجمهر الجماهير في أروقة النادي رافعين الشعارات واللافتات للتنديد بالقرار، ويتعرض رئيس النادي جمال تونسي أخيراً لحال انهيار جعله ملازماً للسرير الأبيض في العناية المركزة منذ أربعة أيام بعد الاشتباه المبدئي في تعرضه لجلطة في المخ. وتوالت القضايا الساخنة في الكرة السعودية التي لم تحدث بهذه الكثافة في الأعوام الماضية، وشكلت قضية مباراة نجران والتعاون ومشاركة اللاعب بدر الخميس فيها أزمة حقيقية في الاتحاد السعودي لكرة القدم بعدما تبرأت كل لجنة من القضية، قبل أن يقبل احتجاج نجران ويُمنح النقاط الثلاث، ثم يُقبل استئناف التعاون وتعود له النقاط الثلاث في تطورات سريعة جعلت الكرة السعودية في المنطقة مثار نقاش وجدل. وجاء قبول احتجاج الأهلي في درجة الناشئين على أحد لاعبي الوطني بحجة التزوير ومشاركة شقيقه بدلاً منه بعد 40 يوماً وعقب تتويج النصر باللقب ليضع أكثر من علامة استفهام، إذ أكد الأمين العام أن خطأ موظف في الرئاسة العامة لرعاية الشباب تسبب في التأخير لهذه المدة الطويلة، ليذهب رئيس اللجنة الفنية عادل البطي بنفسه إلى تبوك ويُثبت صحة الاحتجاج ويصدر القرارات ولكن بعدما طارت الطيور بأرزاقها. وواصلت لجنة الحكام أخطاءها في الموسم الرياضي وأسهم اختيارها غير المناسب لأسماء الحكام الذين يديرون المباريات في تأجيج الساحة الرياضية، ووضح إصرارها الغريب على اسم الحكم فهد العريني في إدارة اللقاءات، إذ فشل في مباراة الاتحاد والفيصلي وأثار ضجة كبيرة، لتكافئه اللجنة بالتحكيم في لقاء النصر والتعاون وحدثت الكارثة في ذلك المساء بعد أخطائه والتي أسهمت في انفجار المدرج النصراوي عن بكرة أبيه، ثم جاءت الطامة الجديدة من العريني في لقاء القضية بين الوحدة والتعاون عندما ذكر في تقريره تلاعب الفريقين في النزول لملعب المباراة لأكثر من 12 دقيقة، لتتأكد الحقيقة الغائبة من القناة الرياضية التي وضعت مرصداً دقيقاً ووضح أن التأخير لم يتجاوز ست دقائق، ولم تكتفِ لجنة التحكيم بهذه الإشكاليات التي أحدثها العريني بل منحته إدارة لقاء الشباب والأهلي في بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، ليرتكب كوارث جديدة ويخرج المدرج الأهلاوي عن طوره ويتسبب في قضية جديدة بين الناديين لم تخمد نارها حتى الآن، والحال تنطبق على كثير من الحكام الذين أحرجوا اللجنة كثيراً ونسفوا جهود بعض الأندية في منافسات الموسم الكروي. واستغل لاعب الوحدة عبدالخالق برناوي ثغرة صريحة في لائحة الاحتراف، وترك ناديه متجهاً للبرتغال برفقة وكيل أعماله بحجة الاحتراف هناك على رغم معرفة الجميع بأن خطوته ستجدد ذكرى «الكوبري» في الكرة السعودية، وهو ما حدث فعلاً إذ أبرم اتفاقاً مع إدارة الاتحاد قبل يومين للانتقال للفريق في فترة الصيف في تحايل واضح يُجيزه نظام الاحتراف وثغراته.