أعلنت النيابة العامة المصرية أمس أن لجنة طبية شكلتها لفحص الوضع الصحي للرئيس المخلوع حسني مبارك ودرس إمكان نقله إلى سجن طرة، أوصت بعدم نقله من مستشفى شرم الشيخ الدولي حيث يقبع منذ إعلان النيابة نيتها التحقيق معه. ورجحت مصادر قضائية اتخاذ محكمة جنايات القاهرة قراراً بنقل المحاكمة إلى شرم الشيخ. وأوصت اللجنة التي عاينت مبارك وسجن طرة، ب «عدم نقله إلى خارج مستشفى شرم الشيخ الدولي في الوقت الحالي، مع تعيين طاقم طبي متخصص للإشراف على علاجه». وأوضح تقرير اللجنة الذي أعلنه أمس الناطق باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد أن «مستشفى سجن مزرعة طرة بوضعه الحالي غير مؤهل لانتقال مريض في حال حرجة وغير مستقرة». وأشار السعيد إلى أن «اللجنة قامت بتوقيع الكشف الطبي على الرئيس السابق وتبين لها من خلال الكشف والتقارير والأبحاث الخاصة به أنه يعاني من ارتجاف أذيني متكرر مصحوب بانخفاض حاد في ضغط الدم، وقصور لحظي في الدورة الدموية للمخ، ما يؤدي إلى فقدان لحظي للوعي، واختلال في ضربات القلب، ما يهدد بحدوث ارتجاف بطيني مسبب للسكتة القلبية المفاجئة». وتوقع التقرير «زيادة في معدلات هذه النوبات عند تعرض المريض للضغوط النفسية إلى جانب أنه كان مصاباً بأورام بالقنوات المرارية والبنكرياس». وأضاف أن مبارك «يعاني من وهن واكتئاب واضح وضعف في العضلات ولا يستطيع القيام من الفراش من دون مساعدة، إلى جانب أنه أجريت له اشعة على الشرايين السباتية أظهرت وجود ضيق مؤثر بالشريانين السباتيين الأيمن والأيسر»، مشيراً إلى أن «النيابة العامة أرسلت تقريري اللجنة إلى محكمة الجنايات المختصة بنظر القضية لضمهما إلى ملف التحقيقات ولتتخذ ما تراه في هذا الشأن، كما أرسلت النيابة صورة من التقرير إلى وزير الداخلية للنظر في توصيات اللجنة في شأن استكمال تجهيزات مستشفى سجن طرة». من جهة أخرى، أخلى القضاء العسكري أمس سبيل صحافيين اثنين ومذيعة بعد استجوابهم في شأن اتهامات وانتقادات للمجلس الاعلى للقوات المسلحة في برنامجين تلفزيونيين. وقال الناشط اليساري الصحافي حسام الحملاوي لوكالة «رويترز»: «جئنا (أنا والمذيعة ريم ماجد من قناة أون تي في) للاستيضاح عن الاتهامات الموجهة للشرطة العسكرية وكان نقاشاً عادياً». وأضاف: «يحاولون اقناعنا بأن القضاء العسكري ليس قضاء جائراً وأنهم ينظرون في الشكاوى... قلت لهم إن شكاوى كثيرة قدمت ولم تتحقق نتائج». وكان الحملاوي قال الخميس الماضي للقناة إن «المحاكمات العسكرية جائرة... ولا بد من النظر في انتهاكات الشرطة العسكرية ضد المدنيين»، مشيراً إلى أن قائد قوات الشرطة العسكرية اللواء حمدي بادين يتحمل المسؤولية عن هذه الانتهاكات. واستبق المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد مسيرة ينوي ناشطون تنظيمها غداً من ميدان التحرير إلى مقر مجلس الوزراء وصولاً إلى مقر المجلس العسكري في حي مصر الجديدة لتسليم ورقة بمطالب الثورة، بدعوته الائتلافات الشبابية كافة إلى اجتماع مع عدد من قيادات الجيش يعقد مساء اليوم في مسرح تابع له، لكنه لم يوضح جدول أعمال الاجتماع أو المواضيع المطروحة للبحث. وتحفظت قوى شبابية رئيسة عن الدعوة. وقال الناطق باسم «حركة شباب 6 أبريل» محمد عادل إن حركته «لا تمانع حضور الاجتماع لكن لديها تحفظات». وأوضح ل «الحياة» أن «المجلس العسكري لم يحدد جدول أعمال الاجتماع ولا المواضيع التي سيتم وضعها على طاولة المناقشات، كما أننا نطالب بتحديد الأسماء التي ستتوتجد في الاجتماع حتى لا نفاجأ بوجود أعضاء في الحزب الوطني المنحل ضمن الحضور، مثلما حدث في مؤتمرات الحوار الوطني». وأضاف أن «الحركة خاطبت قيادات في المجلس بتلك التحفظات وننتظر الرد حتى نحدد وجهتنا». واتخذ «ائتلاف شباب الثورة» الموقف نفسه. وعقد اجتماعاً مساء أمس لحسم الموقف من المشاركة. وقال الناطق باسم الائتلاف خالد السيد ل «الحياة» إن «الاتجاه الأقرب هو رفض المشاركة»، مشيراً إلى أن «غالبية أعضاء الائتلاف ترفض المشاركة». وكانت دعوات راجت على شبكة الانترنت إلى مسيرة الخميس إلى مقري الحكومة والمجلس العسكري لتسليم رئيس الوزراء وقيادات الجيش ورقة بمطالب شباب الثورة. وحدد الناشطون مطالبهم ب «تشكيل لجنة من القانونيين لوضع دستور جديد للبلاد قبل إجراء الانتخابات التشريعية» التي طالبوا بإرجائها، «وعودة الأمن في شكل مكثف إلى الشارع، وتطهير السلطة القضائية والإعلام، وإقالة نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل، وحل المجالس المحلية، وجعل اختيار المحافظين عن طريق الانتخاب». ودعوا كذلك إلى «محاكمة الفاسدين الذين أفسدوا البلاد على مدى 30 عاماً، بتهم إفساد الحياة الاقتصادية والسياسية، ومحاكمة بعضهم بتهمة الخيانة العظمى، وأولهم الرئيس المخلوع لمحاولته توريث الحكم إلى نجله، بما يخالف النظام الجمهوري، على أن تكون المحاكمات علنية وليست سرية، وإطلاق المعتقلين من شباب الثورة وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين واستقلال الأزهر الشريف عن وزراة الأوقاف». من جهة أخرى، أعلنت 6 قوى سياسية الاندماج في كيان واحد حمل شعار «عيش، حرية، كرامة إنسانية» يشرف عليه «حزب الجبهة الديموقراطية»، ويضم أحزاب «التحالف المصري»، و «شباب مصر الحر»، و «مصر الأم»، و «ليبراليي 25 يناير»، و «ائتلاف من أجل مصر». وقال مؤسس الائتلاف الأخير وائل نوارة إن «المشروع يعمل كمظلة جامعة للحركات الديموقراطية التي تؤمن ببناء مصر جديدة بعيداً من تيارات الفرقة والاستقطاب». وأكد في مؤتمر صحافي أمس أن هدف الاندماج «وجود دولة مصرية متقدمة ليس بمؤشرات النمو الاقتصادي بل بمؤشرات التنمية الحضارية والتعليم والصحة، من دون الانحياز إلى فئة سواء أكانت غالبية أو أقلية، عبر إيجاد تعليم مجاني مناسب، ومكافحة الفساد، وتنقية اللوائح والتشريعات، وتطوير هيكل الجهاز الإداري للدولة، وتفعيل اللامركزية، واختيار المحافظين والعمد بالانتخاب». وشدد رئيس حزب «الجبهة» الدكتور أسامة الغزالي حرب على أن «المشروع ليس موجهاً ضد أحد»، رافضاً في الوقت نفسه أداء المجلس العسكري في انفراده بالقرارات وسن مشاريع القوانين، قائلاً: «القوات المسلحة مهمتها حماية المواطنين من العناصر الخارجية، لكن عندما تتكلم عن الأوضاع السياسية، فتكون عليها مراقبة ومحاسبة». في موازاة ذلك، كشف تقرير حكومي أن 74 في المئة من المصريين لا يشعرون بالأمان منذ اندلاع الثورة التي أطاحت مبارك. وأشار التقرير الذي أطلقه أمس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، إلى أن «92 في المئة من المواطنين يطالبون الحكومة بتوفير الأمن»، في حين أشار 87 في المئة إلى «ضرورة القضاء على الفساد ومحاكمة الفاسدين». وأكد أن «85 في المئة من المواطنين طالبوا بتحسين العلاقة بين المواطنين والشرطة، و83 في المئة أعربوا عن رغبتهم فى الحفاظ على الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، و78 في المئة أشاروا إلى ضرورة حل أزمة مياه النيل، واتهم 41 في المئة من المواطنين الشرطة بالإساءة إلى المواطنين، في حين رأى 11 في المئة أن النظام ووزير الداخلية السابق وقيادات الشرطة هي المسؤولة عن تدهور العلاقة».