دق باحث في جامعة الدمام، ناقوس الخطر، منذراً بارتفاع حجم الخطر البيئي والصحي، الناجم عن استخدام عشرات الأطنان من المبيدات في مكافحة سوسة النخيل الحمراء، بطريقة وصفها ب «العشوائية»، لافتاً إلى ان حجم الخطر ارتفع إلى مئة في المئة في الجانب البيئي، و90 في المئة في الصحي. وقدر المعيد في قسم صحة البيئة في كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الدمام محمد البوورثان، ان «45 طناً من 24 مادة فعالة من المبيدات التي تصنفها المعايير الدولية، على أنها بين متوسطة وشديدة السمية على الصحة والبيئة، استخدمت في مزارع محافظة الأحساء، منذ العام 1995، وحتى 2008، في برنامج مكافحة سوسة النخيل». وقال البوورثان، في دراسة أعدها: «إن هذا الاستخدام أدى إلى رفع الخطر البيئي المحتمل، بنسب تجاوزت مئة في المئة في بعض السنوات، قياساً على العام 1995. ويتمثل هذا الخطر في تلوث الهواء والمياه الجوفية والتربة، ما يؤثر على الكائنات الحية، ويتسبب في موت الأعداء الطبيعية للحشرة (اختلال في التوازن البيئي)». وأشار إلى ان المخاطر الصحية المحتملة «ازدادت بنسبة 90 في المئة في بعض السنوات، وتتمثل في الإصابة بأنواع من الربو والحساسية، وبعض أنواع الأمراض السرطانية، واختلال في الهرمونات والإنزيمات وأجهزة الخصوبة، وتشوه الأجنة وغيرها من الأمراض»، لافتاً الى ان «الأمية المنتشرة بين غالبية المزارعين، والجهل بشروط السلامة، يرفعان من هذا الخطر المحتمل». وأضاف أن «نحو 70 في المئة من مزارع الأحساء تخضع نخيلها للرش والعلاج بالمبيدات سنوياً، أي ما يعادل نحو 16 ألف مزرعة». ورصدت الدراسة نحو «50 اسماً تجارياً لمبيدات استخدمت في مكافحة سوسة النخيل الحمراء في الأحساء، صُنفت إلى 27 نوعاً، بناءً على المواد الفعالة المكونة لتلك المبيدات، ومن ثم تم تقييمها وفقاً للمعايير الدولية، التي أبانت أن 24 مادة فعالة منها تُصنف على أنها بين متوسطة وشديدة السمية على الصحة والبيئة». وأشار إلى التصنيف الدولي لمعايير الاستخدام بحسب «اتفاق روتردام»، الذي حدد «16 مادة فعالة تصنف ضمن المبيدات مُقيدة الاستخدام، ولا تستخدم إلا تحت إشراف مختصين مدربين ومعتمدين، إضافة إلى 13 مادة فعالة ممنوع استخدامها في دول الاتحاد الأوروبي؛ لكن هذه المبيدات يتم تداولها في الأسواق المحلية، واستخدامها من جانب المزارعين في الأحساء من دون قيود أو اشتراطات، أو إشراف، إلى جانب عدم معرفة المزارعين بالمواد الفعالة للمبيدات المستخدمة، والإجراءات الوقائية والسلامة اللازمة معها»، بحسب الاستطلاع الذي أجرته الدراسة. وألمح البوورثان، إلى استمرار مخاطر المبيدات مستقبلاً، لأن «المؤشرات العامة تدل على أن الإصابة بسوسة النخيل الحمراء استوطنت في المملكة. وهناك توجه للاستمرار في استخدام المبيدات في برنامج المكافحة المعمول به حالياً»، داعياً إلى «اعتماد معايير لمراقبة الآثار البيئية والصحية المترتبة على أي برنامج مستقبلي أو حالي، يقوم على استخدام المبيدات، وإن قلت أو كثرت كمياتها»، مشدداً على ضرورة «إيجاد بدائل آمنة أخرى للمكافحة، لسلامة منتجي ومستهلكي التمور في المملكة». ولفت إلى أنه أجرى الدراسة بسبب «تصاعد القلق في السنوات الأخيرة، بين أفراد المجتمع الزراعي في واحة الأحساء تجاه الآثار السلبية المترتبة على الاستخدام المتزايد والمستمر للمبيدات الحشرية، كإجراء علاجي ووقائي في برنامج المكافحة، الذي انطلق منذ العام 1992، وبخاصة في ظل الانتشار الواسع لإصابة النخيل بهذه الحشرة، التي تجاوزت 220 ألف نخلة مصابة حتى العام 2008». يُشار إلى ان دراسة أخرى، أجراها عضوا هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، الدكتور محمد السعيد، والدكتور صالح الدوسري، كشفت عن وجود متبقيات للمبيدات في بعض التمور المحلية في أسواق مدينة الرياض، تفوق الحدود المسموح بها دولياً. وسجلت منطقة الرياض، حالات إصابة بسوسة النخيل الحمراء، كما هي حال معظم المناطق الزراعية في المملكة.