يدخل لبنان في مواجهات سياسية متعددة أولها اليوم في اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات النيابية برئاسة النائب في «حزب الله» حسن فضل الله المخصص للبحث في الإشكال الذي حصل بين وزير الاتصالات شربل نحاس والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن أشرف ريفي أثناء دخول الأول الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات في منطقة العدلية التي تحوي شبكة الاتصالات الخليوية المقدمة هبة من الصين ولم يتم تشغيلها حتى الساعة، خصوصاً ان ذيوله أدت الى تبادل الحملات بين الأكثرية النيابية وقوى المعارضة. وثانيها استعداد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتحديد موعد لجلسة تشريعية للتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تلافياً لاحتمال انتهاء ولايته في نهاية تموز (يوليو) المقبل وتعذر التجديد له لتأخر ولادة الحكومة العتيدة. وتأتي المواجهات بين الأكثرية وقوى 14 آذار في ظل استمرار المراوحة التي أدت الى تأخير تأليف الحكومة ودفعت باتجاه تعليق المشاورات بعد وصولها الى طريق مسدود. وينتظر أن تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة السياسية وهذا ما سيظهر في اجتماع لجنة الإعلام اليوم حيث استعد كل فريق للدفاع عن وجهة نظره. وفي هذه الأثناء يدخل اختفاء القيادي في حزب «البعث العربي الاشتراكي» وأحد أبرز مؤسسيه شبلي العيسمي، أسبوعه الثاني غداً من دون أن تؤدي الجهود التي يتولاها في شكل أساسي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى كشف خيوط يمكن من خلالها معرفة مصيره. ويطرح اختفاء العيسمي في عاليه (جبل لبنان) منذ الثلثاء الماضي لغزاً كبيراً مع الغموض الذي يكتنف مصيره على رغم أن أفراد عائلته قاموا بجولة على القيادات الدرزية والمرجعيات الروحية فيها تلازمت مع تحرك جنبلاط باتجاه القيادات الأمنية في الدولة والمرجعيات السياسية، إضافة الى تحرك نائب عاليه الوزير أكرم شهيب، وبطلب من رئيس «التقدمي»، ميدانياً عبر تكثيف البحث عنه الذي استدعى «تمشيط» شارع الزهور في عاليه لأكثر من مرة بحثاً عنه باعتباره اختفى منه أثناء قيامه برياضة المشي من دون أن يحمل معه أي أوراق ثبوتية أو هاتفه الخليوي. وبالعودة الى المواجهة التي يفترض أن تندلع اليوم بين الأكثرية والمعارضة، فإن مصادر مواكبة تتعامل معها على أنها سياسية بامتياز وتتجاوز الإشكال بين نحاس وريفي الى دور فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومطالبة أطراف رئيسة في الأكثرية بضرورة إنهاء مهماته، وهذا ما يلح رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على المطالبة به في جميع المناسبات. أما في شأن التمديد لسلامة فإن إجماع القوى السياسية من دون استثناء على بقائه في منصبه على أن يجدد له فور تشكيل الحكومة الجديدة لم يخفف من الاختلاف على الآلية الواجب اتباعها في ضوء وجود وجهتي نظر: الأولى يقودها بري شخصياً وتقوم على انجاز عملية التمديد في جلسة تشريعية للبرلمان تحضرها حكومة تصريف الأعمال ومن خلال اقتراح قانون يصدق عليه النواب ويصدر في مرسوم يوقع على نشره الرئيس سعد الحريري ليصبح نافذاً. أما الثانية فيتزعمها فريق الأكثرية وتتضمن إصدار حكومة تصريف الأعمال مرسوماً يقضي بالتمديد لسلامة وتوقع عليه أكثرية الثلثين من الوزراء وهذا ما لا يحبذه بري. لذلك فإن مصير الجلسة التشريعية سيتقرر في الساعات المقبلة استناداً الى الأجواء التي ستسفر عنها مشاورات بري مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وجنبلاط ورؤساء الكتل الأخرى، علماً ان موقف الحريري لم يتبدل وهو يتمسك بالمرسوم الجوال كآلية وحيدة للتمديد لسلامة. كما ان ميقاتي وجنبلاط، وإن كانا لا يمانعان التوافق على المرسوم الجوال كمخرج لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان، فإنهما في المقابل يتجاوزان الشكل ولا يمانعان عقد جلسة تشريعية مخصصة فقط للتمديد لسلامة ويراهنان حالياً على إمكان التوافق على تسوية تجنب البلد الدخول في أزمة جديدة تضاف الى أزماته الراهنة.