اغتال مسلحون مجهولون الليلة قبل الماضية المدير التنفيذي في هيئة المساءلة والعدالة علي اللامي، بأسلحة كاتمة للصوت، شرق بغداد. وفيما اتهم مدير مكتب اللامي أمس «الأطراف السياسية التي اجتمعت في اربيل وأقرت عودة البعثيين إلى سدة الحكم» بالتحريض على قتل اللامي، قال مراقبون إن دوافع عدة تقف وراء تصفية اللامي، كلها يتمحور حول مسؤوليته عن ملف اجتثاث البعث. وأعلنت قيادة العمليات في بغداد مصرع اللامي، بمسدسات كاتمة للصوت عندما كان يقود سيارته الخاصة من دون حماية. وأكد ضابط رفيع المستوى، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح الى «الحياة» أن «عملية اغتيال اللامي نفذت قرابة الثامنة و50 دقيقة مساء (أول من) أمس شرق طريق القناة السريع وتحديداً في المنطقة المحصورة بين وزارة النقل وساحة وهران باتجاه حي الحبيبية المحاذي لمدينة الصدر». وأضاف إن «المعلومات الأولية تفيد أن ثلاثة أشخاص تقلهم سيارة «هيونداي»، حديثة الطراز فتحوا النار على الضحية عندما كان يقود سيارته الخاصة ومعه شخص آخر ولاذوا بالفرار». ولفت الى أن «اللامي لم يفارق الحياة في الحال وفشلت كل محاولات إنقاذه لأن أصيب من مسافة قريبة في مناطق الصدر والرأس فيما نجى رفيقه». وتابع المصدر إن منطقة الحادث تخضع لإجراءات أمنية مشددة، ضمن قاطع عمليات الفرقة 11 من الجيش. وجاء اغتيال اللامي، في ظل احتقان سياسي وخلافات تهدد العملية السياسية، لا سيما الخلاف حول اتفاق اربيل واتهام «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي كتلة «ائتلاف دولة القانون» بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي بعدم تطبيقه. وكان علاوي هدد أمس باتخاذ إجراءات شديدة في حال لم ينفذ الاتفاق الذي ينص أحد بنوده على إعادة هيكلة هيئة المساءلة والعدالة. وكانت تحركات موازية تبذل منذ شهور لاستبدال طاقم الهيئة . وأعلنت لجنة «المصالحة الوطنية» في مجلس النواب، أول من أمس، تشكيل لجنة للحوار مع الكتل السياسية لتشكيل لجنة سباعية تختار مجلساً جديداً لهيئة «المساءلة والعدالة». وفي أول رد فعل للهيئة، حمل مدير مكتب اللامي مظفر البطاط، خلال مؤتمر صحافي «الأطراف السياسية التي اجتمعت في اربيل وأقرت عودة البعثيين إلى سدة الحكم المسؤولية عن اغتيال مدير الهيئة». ووجه البطاط اتهامات الى سياسيين عراقيين بالتحريض على قتل اللامي وقال: «نتهم ظافر العاني (قيادي في العراقية) وتصريحاته ضد الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة ونتهم كذلك حيدر الملا (الناطق باسم العراقية) لطالما صرح ضد الهيئة وهذه التصريحات أعطت المسوغ للنيل من اللامي». وأكد اللامي: «تلقى بالتصفية عبر البريد الإلكتروني والهاتف النقال من سياسيين عراقيين، ومن القوات الأميركية»، وهدد بفضح أسمائهم في وقت لاحق وقال: «لم يكن علي اللامي يكترث لتهديدات التي وصلت إليه من جهات عدة، بينها تهديدات وصلته عبر الرسائل الإلكترونية وعبر الهواتف النقالة سأكشف في مؤتمر صحافي أسماء السياسيين الذين ارسلوا رسائلهم إلى اللامي وكذلك تهديدات القوات المحتلة». ويعتبر اللامي أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي والأكثر تأثيراً في رسم خريطته، على رغم كونه موظفاً من الدرجة الرابعة. وقال أحمد البندر (محلل سياسي) إن «هناك ثلاث جهات لها مصلحة في تصفية اللامي هي «القاعدة»، إذا افترضنا أنها تنتقم لسنة العراق من الذين ربطوا مصيرهم بحزب البعث. ثم مؤيدو نظام صدام لما طاولهم من قرارات اجتثاث، يرون فيها تعسفاً وانتقاماً بدوافع مذهبية. وحزب البعث كونه المتضرر المباشر من إجراءات الاجتثاث وقد وجد في شخص اللامي حجر عثرة أفشل مخططات أميركية لإعادتهم الى الحياة السياسية عامي 2007 و2008. والطرف الأخير قوى سياسية من الداخل والخارج من الشيعة والسنة يرون في اللامي عقبة دون تنفيذ مشروع سياسي قائم على مهادنة البعثيين والمسلحين لضمان استمرار أحزاب السلطة في الحكم». وكانت القوات الأميركية اعتقلت اللامي في مطار بغداد عام 2008 واتهمته بالارتباط مع المجموعات الخاصة المرتبطة بدورها بإيران، لكنها أطلقته بعد عامين. وأسست هيئة «المساءلة والعدالة» عام 2006 لتحل محل هيئة «اجتثاث البعث» التي شكلت في عهد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عام 2003. وجرت محاولات لإزاحة اللامي عن هيئة «المساءلة والعدالة» ومنها محاولة «حزب الدعوة»، فشلت بإيصال وليد الحلي ليحل محله. وكان اللامي أصدر قرارات باجتثاث مئات المرشحين الى الانتخابات النيابية، بينهم نائب رئيس الوزراء الحالي صالح المطلك، وظافر العاني و «القيادي في القائمة العراقية» راسم العوادي، كما اجتثت قرارات «المساءلة والعدالة» في شباط (فبراير) الماضي 376 ضابطاً كبيراً في الجيش والشرطة، بينهم 20 قائداً رفيع المستوى، إضافة إلى مدير الاستخبارات العسكرية.