قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن السعودية تريد استكمال محادثات مع مستثمرين استراتيجيين مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، قبل أن تتخذ قراراً بشأن موقع إدراج أسهم شركتها النفطية المملوكة للدولة أرامكو السعودية. ويُظهر القرار أن الطرح العام الأولي، الذي قد يكون الأكبر في التاريخ، بات ينطوي على عملية موازنة تزداد صعوبتها على الرياض. وتخطط السعودية لبيع ما يصل إلى خمسة في المئة من أسهم أرامكو في بورصة أجنبية واحدة أو أكثر إضافة إلى الرياض. ويحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرياض على إدراج أرامكو في بورصة نيويورك، ودعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى إدراج أرامكو في لندن. وتسعى الرياض أيضاً إلى أن تأخذ في الاعتبار آراء بشأن الموقع الذي ينبغي إدراج الأسهم فيه، من الدول التي من المتوقع أن تكون أكبر المستثمرين الأساسيين في أرامكو، وهم أولئك الذين يتعهدون مقدماً باستثمار مبلغ محدد من المال، أو شراء عدد محدد من الأسهم. وقالت مصادر قريبة من الطرح العام الأولي، إنه يتعيّن اتخاذ قرارات بحلول آذار (مارس) إذا كان للطرح العام الأولي أن يجري تنفيذه في تشرين الأول (أكتوبر) أو تشرين الثاني (نوفمبر)، وإلا فإنه يجري تأجيله عاماً. وقال مصدر سعودي قريب من عملية الطرح العام الأولي: «الجميع يتحدثون عن مواقع للإدارج ولماذا لم يتم اختيارها حتى الآن. في الواقع، أنتم ترون ترامب يشجع أرامكو على الإدراج في نيويورك، وماي تشجع على الإدراج في لندن. لكن ذلك لا يعدو أن يكون رأس جبل الجليد». وأضاف قائلاً: «أرامكو تجري أيضاً محادثات مع مستثمرين أساسيين كثيراً ما يعبرون عن آرائهم بشأن الموقع الذي يجب إدراج أرامكو فيه. وعليه فإن أرامكو في حاجة إلى درس كيف يمكن الحصول على أفضل فائدة من كل هذا، وكيف يمكن تحقيق أفضل الترتيبات الاستراتيجية». ورداً على سؤال عما إذا كان قرار بشأن موقع إدارج أرامكو لن يتخذ إلا عندما تنتهي المحادثات مع المستثمرين الاستراتيجيين، قالت أرامكو ل«رويترز»: «هذه تكنهات، ونحن نمتنع عن التعقيب عليها». وأصبحت آسيا أكبر وأهم مشترٍ للنفط الخام من أرامكو، وتريد الشركة النفطية العملاقة تأمين أسواق آسيوية للأجل الطويل، بينما تواجه منافسة من موردين مثل روسيا والولايات المتحدة. وقالت المصادر إن بعض المستثمرين الاستراتيجيين حريصون على أن يروا إدراج أرامكو في بورصات آسيوية وسعودية وليس في نيويورك أو لندن. وقال مصرفي مقره الخليج على دراية بالاستعدادات للطرح العام الأولي: «المصرفيون يؤكدون لأرامكو أهمية تأمين مستثمرين استراتيجيين أولاً قبل السير قدماً في قرار بشأن الإدراج. المستثمرون الاستراتيجيون الآسيويون هم الخيار الأكثر منطقية، لأن ذلك هو المكان الذي تذهب إليه تدفقات النفط». والطرح العام الأولي لأرامكو جزء من مسعى للحكومة السعودية لتقليل اعتماد الاقتصاد على النفط، وإحداث نقلة نوعية في المملكة. وأشار ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي كشف النقاب عن البرنامج الإصلاحي «رؤية 2030» في نيسان (أبريل) 2016، إلى أن قيمة أرامكو قد تصل إلى تريليوني دولار. وأبلغت مصادر «رويترز» أن الطرح العام الأولي قد يجمع أكثر من 100 بليون دولار، إذا مضت أرامكو قدماً في خطط لإدراج 5 في المئة من الشركة، وقد يشتري المستثمرون الاستراتيجيون جزءاً كبيراً منه. وقال مصدر بارز ثانٍ على دراية بالاستعدادات للطرح العام الأولي: «إذا كان للطرح العام الأولي أن يجري تنفيذه في النصف الثاني من العام، عندئذٍ فإن الحكومة تحتاج فعلاً إلى أن يكون لديها قرار... هم سيتعين عليهم أن يصدروا نشرة الاكتتاب العام بحلول بداية الربع الثاني». وأضاف قائلاً: «إذا كنت ستفعل هذا، فربما ينبغي لك أن تفعله الآن»، مشيرا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 70 دولاراً للبرميل. والولايات المتحدة حليف سياسي منذ وقت طويل للسعودية، وتتيح بورصة نيويورك أفضل سيولة بين جميع البورصات، لكنها لديها شروط أكثر صرامة بشأن الإفصاح والشفافية عن بورصتي لندنوهونغ كونغ. وتدرس السعودية أيضاً خياراً لإدارج أرامكو في سوق الأسهم المحلية (تداول)، لكن هناك مخاوف من أن هذا قد يلحق ضرراً بالسوق. وقال المصدر الثاني، إن بورصات دولية مثل لندنونيويوركوهونغ كونغ ما زالت قيد التحليل، لكن الخيارات تشمل أيضاً جعل هونغ كونغ الموقع الوحيد للإدراج في الخارج، أو إدراج في هونغ كونغ إضافة إلى طروحات خاصة مع مستثمرين استراتيجيين. وقال مصدر ثالث على دراية بعملية الطرح العام الأولي، إن الرياض تريد أن يتم اتخاذ قرار بحلول مارس بشأن موقع الإدراج، حتى يمكن تسجيل أرامكو على الأقل في البورصة المحلية بحلول أكتوبر. وقال مصدر رابع، إن الإعلان الرسمي ربما لن يصدر حتى أكتوبر، وهو الموعد الذي من المنتظر أن تستضيف فيه السعودية مؤتمراً استثمارياً رئيساً.