تنشر الصحف المحلية أخبار من وصفتهم بالمتشددين من شباب يحاولون اعاقة عرض الفيلم السعودي مناحي، الذي لا يختلف في مضمونه عن مسلسلات تعرضها القناة السعودية، لكن الفارق الوحيد هنا هو مسمى «سينما»، وهذا ما يحتج عليه الشباب الفائر بحمى الاعتقاد بأنها حرام، وفساد وضلال، الخ من المسميات. هذه الاخبار عنهم هي قشور إعلامية، وكأن الاعلام يريد أن يجذب الناس نحو ظاهرة تبدو شاذة عن المجتمع، او أنها تخاف الغوص لما هو أعمق. لم تنشر الصحف ما قاله أحد المشايخ، ونشرته معظم المنتديات والمواقع الصحفية الالكترونية وقرأه هؤلاء الشباب وغيرهم. حيث سئل الشيخ عن حكم قبول المال الذي تبرع به منتجو الفيلم لجمعية خيرية لمرضى الكلى؟ فقال إنه لا يجوز لأنه مال فاسد، وحين سئل عن المحل المناسب لصرف هذا المال، قال إنه يستحق أن يصرف في بناء حمامات المساجد وشراء الاحذية، وهذا في ما هو ظاهر، امعاناً في التحقير لا في الاجتهاد. هؤلاء الشباب المعارض ومحاولاتهم التخريبية للتصدي لنشاطات المسرح والسينما ومعارض الكتب وحفلات توقيع الكتاب، هو شباب متحمس آمن بما سمعه من شيوخهم، وآلمه أن يرى المنكر وأن يصمت عنه، فهل يلام، وهو في ظنه يقوم بحماية المجتمع وأهله. ما يزيد على نصف المجتمع السعودي يؤمن بما آمن هؤلاء الشباب ولا أظنهم سيرون في ما يفعلونه سوى الشهامة والصلاح والتقوى، لأنهم وبكل بساطة يتبعون ما قاله شيوخهم، وعلماؤهم. أحد هؤلاء الشيوخ، تراجع عن فتوى تحريم التصفيق التي كان يؤمن بها حتى أمس القريب، لأن شيوخه هو ومن درسوه كانوا يؤمنون بحرمة التصفيق، لكنه اليوم في مطلع القرن ال 21 يرى أن حكم التصفيق لابأس فيه. في السبعينات من القرن الماضي، وقبل أن تنتقل حركة جيهمان السرية من معتقد إلى حركة احتلال الحرم المكي الشريف، اجتمع الشيوخ وعلماء الدين السعوديون لمناقشة شباب هذه الحركة، لردهم عما آمنوا به، واحدة من هذه المناقشات دارت حول طمسهم للصورة في العملة النقدية الورقية بالحبر الاسود، قالوا لهم الشباب: أنتم من قال لنا بحرمة التصوير، والصور، فلماذا تنهونا اليوم عن طمس الصور؟! فمباذا رد عليهم الشيوخ؟! لم يقولوا لهم ان الصور والتصوير ليس بحرام، بل قالوا نعم هي حرام، ولكن! لكن، ما بعد لكن، لم تقنعهم، بل وصلت بهم إلى حمل السلاح وزعزعة أمن أقدس بقعة آمنوا هم بقدسيتها، وسفك الدماء فيها! [email protected]