يعتري القلق الجماعة النقدية الدولية في شأن من سيحل مكان السياسي الفرنسي التعس دومينيك ستراوس – كان، كرئيس لصندوق النقد الدولي. وأتاح تقاعد جون ليبسكي، النائب الإداري الأول لمدير الصندوق، فرصة تعيين بديل له. لكن الرأي العام العالمي ينقلب ضد فكرة بقاء المنصبين الرئيسين في صندوق النقد وفي البنك الدولي برئاسة غربيين. ألم يحن الوقت ليتولى شخص من البلدان الناشئة المسؤولية؟ لذا، يمكن أن تقدم الصين التي علا صوتها في الصندوق في الأعوام القليلة الماضية، الرئيس المقبل. ومنذ تأسيسهما، ترأس صندوق النقد أوروبي والبنك الدولي أميركي. والقاعدة غير المكتوبة هذه تتعرض لتحدٍّ يزداد شراسة منذ اندلاع الأزمة المالية عام 2008. ويحاجج النقاد أن المرشحين من البلدان الناشئة، كالصين والبرازيل، ينبغي أن يحصلوا على فرصة لأداء هذا الدور. وفي واقع الأمر، عمل ستراوس – كان على تعزيز حضور الدول الناشئة داخل الصندوق منذ توليه المسؤولية عام 2007. وتأمل اليوم كل الأطراف المعنية بمتابعة عملية «مفتوحة وتقوم على أساس الاستحقاق والشفافية» وليس على التوافق عند اختيار قائدي الهيئتين. وسيكون رداً مناسباً على الحالة الانتقالية التي يمر بها النمط الاقتصادي العالمي إذا تولى رئاسة صندوق النقد الدولي أحد اعضاء النخب المالية من الدول الناشئة كالصين وتركيا والبرازيل والهند. وأسفر الإصلاح الحالي لصندوق النقد عن أوسع تعديل في نظام التصويت المعمول به منذ الحرب العالمية الثانية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فازت الصين بثالث أهم حصة تصويت في صندوق النقد، أي 6.394 في المئة وهو ما يقل 0.07 في المئة فقط عن اليابان. وما زالت حصة الصين أقل من تلك التي تملكها الولاياتالمتحدة التي تبلغ حصتها 16.407 في المئة لكنها أعلى من أي دولة أوروبية منفردة. ويعني تزايد حصة تصويت الصين أنها حسنت حظها في تقديم اقتراحات الى صندوق النقد وأنها تمتلك حق وواجب تعيين المزيد من المسؤولين الرفيعي المستوى للتأثير في القرارات المتعلقة بالاقتصادات الكبرى. واحدة من أهم مسؤوليات صندوق النقد هي الإشراف على التجارة وتأمين الأموال للبلدان التي تحتاجها، وهي ميزات في وسع الصين التي تعيش حالاً من النمو، تقديمها. وإذا تولى صيني رئاسة صندوق النقد الدولي فإنه سيرفع رفعاً عالياً مستوى التواصل الاقتصادي. ووجهت في الأعوام القليلة الماضية انتقادات إلى صندوق النقد تتهمه ببطء الاستجابة للأزمة الدولية ولانهيار الأنظمة المصرفية في عدد من البلدان. وتلقى اللوم أيضاً لقلة انتباهه الى النمو النقدي في الدول النامية. ومن المتوقع أن يعمل الصندوق على إصلاح ذاته. وجلب المزيد من الصينيين إلى المستوى الإداري العالي يمكن أن يبدد هذه النواقص. وزيادة حضور الصين سيعزز أيضاً الاقتصادات الناشئة وتحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول النامية والمتقدمة. وظهر عدد من الخبراء النقديين والمصرفيين المتميزين في الصين في العقد الماضي. وأصبح جاستن يوفي لين نائب رئيس البنك الدولي العام الماضي، وتولى جو مين الذي يشغل في آن واحد منصبي نائب رئيس بنك الصين وبنك الصين الشعبي، مهمة المستشار الخاص لصندوق النقد الدولي قبل عام. وعليه، لدى الصين وفرة من الأشخاص الموهوبين القادرين على أداء مهمات المنصب. وإذا أدرك ذلك المدراء التنفيذيون الأربعة والعشرون الذين يملكون الحق في التصويت في صندوق النقد الدولي، واختاروا مواطناً صينياً كرئيس، سيشكل ذلك اعترافاً بنمو الصين ومساهمتها، بل أكثر من ذلك، سيكون بمثابة خطوة رمزية نحو إعادة تشكيل النظام النقدي العالمي. * معلق، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 19/5/2011، إعداد حسام عيتاني