نشر المركز الفلسطيني التابع ل"صندوق القدس للثقافة والتنمية المجتمعية" في واشنطن مؤخراًً دراسة موسعة ومعمّقة حول عنف المستوطنين اليهود ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وشملت الدراسة أكثر من 3000 اعتداء في الأعوام 2004 - 2011. وصنّفت الدراسة اعتداءات المستوطنين إلى خمسة أنواع أساسية وهي: الاعتداءات الجسدية المباشرة، والرجم بالحجارة، واستباحة الممتلكات وتدميرها، وإضرام النيران بها. وتشكل هذه الأنواع 70 في المئة من اعتداءات المستوطنين. وتتراوح الأنواع الاخرى من الاعتداءات بين الاختطاف والتحرش والمضايقة ووضع اليد على البيت أو الأرض وإطلاق النار والسرقة والدهس. ووقعت غالبية الاعتداءات في المناطق المصنفة “B” و“C” وهي المناطق الفلسطينية المحتلة التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة وتقطنها نسبة قليلة من السكان الفلسطينيين. وبالمقابل فإن نسبة ضئيلة فقط من هذه الاعتداءات تنفذ في مناطق A الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية حيث تقطن غالبية الفلسطينيين. وتشير الدراسة إلى أن الاعتداءات الرئيسة تحدث حول الطرق الرئيسية وفي نقاط تقاطع مناطق A و B و C التي تتيح للفلسطينيين الفرار بسهولة بعد ارتكاب اعتداءاتهم. و تظهر الدراسة أن أغلب اعتداءات المستوطنين تنفذ في محافظات الخليل ونابلس مع أنها تضم عدداً أقل من المستوطنين مقارنة مع محافظة القدس، بيت لحم، سلفيت قلقيلية ورام الله. ويستدل من هذه المعطيات أن هنالك مستوطنين أكثر عنفًا من غيرهم خصوصاً في محافظات الخليل ونابلس حيث المستوطنات الدينية الأيديولوجية. وفي نابلس تكثر حوادث الاعتداء على الممتلكات وتدميرها وإضرام النيران، بينما تكثر في الخليل حوادث رشق الحجارة والاعتداءات الجسدية. وتعزو الدراسة هذا الاختلاف في طبيعة الاعتداءات إلى التداخل السكاني بين المستوطنين والفلسطينيين في الخليل من جهة، وانتشار المستوطنات في محافظة نابلس بين القرى والمزارع والحقول من جهة أخرى. وتوضح الدراسة أن أكثر القرى تضررًا من عنف المستوطنين على الإطلاق هي قرية بورين الواقعة غرب مدينة نابلس. وتصدرت مستوطنة "يتسهار" جنوب مدينة نابلس قائمة المستوطنات التي خرج منها المعتدون، تليها مستوطنة "كيدوميم" و"حفات جلعاد" و"براخا" في محافظة نابلس، ثم "كريات أربع" في قلب الخليل. كما تظهر الدراسة أن غالبية الاعتداءات ارتكبها مستوطنون من المستوطنات الدينية. ووفقًا للمعطيات التي نشرها مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، أشارت الدراسة إلى ارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين في السنوات الخمس الماضية. كما أشارت إلى تزايد ملحوظ في الأضرار والخسائر الناجمة عن هذه الاعتداءات الأمر الذي يدل على تزايد حدتها وعنفها. وتشير المعطيات إلى ازدياد في عنف المستوطنين مع نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 وذلك رداً على أي تصريح او نشاط سياسي إسرائيلي، يفسره المستوطنون على أنه يمس بمشروع الإستيطان، وهو ما يعرف ب "التسعيرة". كما تشير المعطيات إلى تزايد اعتداءات المستوطنين بشكل ملحوظ في موسم قطف الزيتون من كل عام.