عاد الهدوء إلى العاصمة اليمنية الموقتة عدن بعد تدخلٍ من قيادة التحالف العربي التي لعبت دوراً محورياً في وقف إطلاق النار الذي أمر به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، وتجاوب معه «المجلس الانتقالي الجنوبي». واستعادت قوات الجيش والحرس الرئاسي التابعة لهادي، السيطرة على الموقف الميداني بعد ساعات من الاشتباكات مع مسلحي «المجلس الانتقالي»، التي أصابت سكان عدن بالذعر خلال ساعات الصباح أمس، وأسفرت عن وقوع اصابات بين قتيل وجريح تضاربت المعلومات حول عددهم. وكانت عدن استفاقت على اشتباكات بأنواع مختلفة من الأسلحة بين قوات تابعة للحرس الرئاسي وموالية للحكومة الشرعية من جهة، وجماعات مسلحة تتبع «المجلس الانتقالي» الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي من جهة أخرى، وقع معظمها في أحياء المدينة ومديرياتها، في أعقاب تهديدات أطلقها الزبيدي بحل الحكومة الشرعية بعدما أمهلها أسبوعاً لمغادرة المدينة. وعكَس المشهد في عدن أمس، حال انفلات كبيرة حاول خلالها أتباع الزبيدي اقتحام عدد من المعسكرات والنقاط التي تتبع الحرس والجيش. غير أن محاولاتهم باءت بالفشل. وفي حين تمكنت القوات التابعة للرئيس هادي من فرض سيطرتها على معظم المدينة، توقفت الاشتباكات في شكل شبه كامل عند الساعة الثانية ظهراً بالتوقيت المحلي، بعد ساعة على أوامر بوقف النار كلياً وفوراً في المدينة، أصدرها بن دغر الذي قال: «بناء على توجيهات الرئيس هادي... وفي ضوء محادثات أجراها مع قادة التحالف العربي... عليكم توجيه جميع الوحدات العسكرية بوقف إطلاق النار فوراً، وأن تعود جميع القوات إلى ثكناتها وإخلاء المواقع التي تمت السيطرة عليها صباح اليوم (أمس) من الأطراف كافة من دون قيد أو شرط». وبدأت الاشتباكات بمحيط بوابة مقر اللواء الثالث في جبل حديد، بعد أن تعرض للقصف بسلاح الدبابات وقذائف الهاون. ولاحقاً، سيطرت قوات هادي على نصف خور مكسر، فيما سيطر مسلحو المجلس على الجزء الآخر. وتواصلت الاشتباكات في بقية الأحياء باستثناء حي الشيخ عثمان الذي كان خالياً من الطرفين. وكانت عدن خضعت منذ ليل السبت- الأحد لإجراءات أمنية مشددة، بعدما قرر المجلس الجنوبي تنظيم مسيرات وتظاهرات ومهرجانات مناوئة للحكومة الشرعية في المدينة، بناء على تهديدات سابقة بحلها ومنعها من البقاء في عدن. وردّت وزارة الداخلية بإصدار أوامر بمنع التظاهرات والمسيرات والتجمعات، ومنعت دخول المسلحين إلى المدينة عبر نقاط تفتيش، وفرضت إجراءات تمت بالتنسيق بين الحكومة وقيادة التحالف في عدن. وعلّق رئيس الوزراء على أحداث عدن في «تويتر» مغرداً بأنه «لا ينبغي أن تذهب جهود العرب ودماؤهم في اليمن إلى إسقاط وحدته وتقسيمه»، ف «هذه جريرتها لا تقل فداحة عن جريمة الحوثيين في صنعاء، ولا ينبغي لكل شريف في اليمن الصمت على ما يحدث في عدن من ممارسات ترقى إلى درجة الخطورة القصوى وتمس أمنها وأمن مواطنيها، وأمن اليمن واستقراره ووحدته». وأضاف: «هناك في صنعاء يتم تثبيت الانقلاب على الجمهورية، وهنا في عدن يتم الانقلاب على الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية. اليمن يتمزق لأننا نصمت ولا نصرخ ونخاف قول الحقيقة». ودعا بن دغر تحالف دعم الشرعية إلى التدخل لإنقاذ العاصمة الموقتة، لافتاً إلى أن الأزمة في اليمن تنحو تدريجياً إلى المواجهة العسكرية الشاملة. وأشار إلى أن ما يحدث في عدن يخدم إيران والحوثيين. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على «تويتر»، إن «موقف الإمارات في أحداث جنوب اليمن واضح ومبدئي في دعمه التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ولا عزاء لمن يسعى إلى الفتنة». وأصدر «المجلس الانتقالي الجنوبي» بياناً على موقعه الإلكتروني «ثمّن» فيه البيان الصادر من دول التحالف الذي «دعا إلى التهدئة». وأكد التزام «النهج السلمي في المطالبة بتغيير الحكومة والوقوف على الاختلالات في كل المحافظات والوزارات، والتي انعكست سلباً على توفير أبسط مقوّمات الحياة الكريمة للمواطن»، كما أكد «التزامنا الكامل كشركاء في محاربة العدو المشترك وإنهاء الانقلاب المتمثل في مواجهة الميليشيات الحوثية وتحرير ما تبقى» من اليمن. وأضاف أن «خروجنا اليوم سلمي، ونؤكد تجنب الاحتكاك العسكري وأي مظاهر مسلحة في الجنوب مع الحرص على عدم المس بمؤسسات الدولة». وأبدى «كل الثقة بأن التحالف العربي سيتدخل بكل إمكاناته لحل الاختلالات جذرياً، استجابة لمطالب الشعب، ومن أجل الدفاع عن انتصاراته وانتصارات التحالف، وللحفاظ على المكتسبات التي تحققت لغاية الآن». وجدد «تفاعلنا الإيجابي واستجابتنا الكاملة لجهود ومساعي دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في حل هذه الأزمة. وندعو الجميع إلى التزام السلمية والحوار والبناء حتى تصويب الاختلالات».