لعل بعضكم يذكر قصة محرك السفينة العملاقة الذي تعطل، ثم استعان أصحاب السفينة بجميع الخبراء الموجودين، لكن لم يستطع أحد منهم معرفة كيف يصلح المحرك، ثم أحضروا رجلاً عجوزاً يعمل في إصلاح السفن منذ أن كان شاباً يافعاً. كان يحمل حقيبة أدوات كبيرة معه، وعندما وصل باشر في العمل، فحص المحرك بشكل دقيق، من القمة إلى القاع، وكان هناك اثنان من أصحاب السفينة معه يراقبانه، راجين ان يعرف ماذا يفعل لإصلاح المحرك. بعد الانتهاء من الفحص، ذهب الرجل العجوز إلى حقيبته وأخرج مطرقة صغيرة، وبهدوء طرق على جزء من المحرك، وفوراً عاد المحرك للحياة، وبعناية أعاد المطرقة إلى مكانها. وبعد أسبوع استلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل العجوز وكانت عشرة آلاف دولار فصاحوا: «ماذا؟ هو بالكاد فعل شيئاً» لذلك كتبوا للرجل العجوز ملاحظة تقول: «رجاء ارسل لنا فاتورة مفصلة». الرجل أرسل الفاتورة كالتالي: دولاران قيمة الطرق بالمطرق، و9998 دولاراً قيمة «معرفة أين تطرق» والفكرة أن الجهد مهم، لكن معرفة أين تبذل الجهد هو الفرق، وهي فكرة يمكن تطبيقها في كل مناحي الحياة. النساء لديهن مشكلات اجتماعية معروفة، وبعض أوضاعهن محل نقاش، ومؤخراً تم تسخين موضوع قيادة السيارات التي يملكون، وتعرفون تفاصيل الحادثتين أو الثلاث الأخيرة فلا داعي للخوض، وتعرفون محاور النقاش الأساسية أيضاً وهي من جهة: ابتزاز السائقين، الاختلاء بهن، تعطل مصالحهن، تعثر مشاريع عمل أو تعلم، عدم اقتناع بفتوى التحريم «المجتهدة» محلياً، الثقة في «نسائنا». من الجهة المقابلة هناك بالطبع: التغريب، تحرير المرأة، الذئاب البشرية، عدم الثقة في «نسائهم»، إلى آخر ما تعلمون، ومع الجانبين هناك النقاش اللامنتهٍ هل القضية دينية أم اجتماعية. الزميلة الكاتبة أميرة المالكي تقول على صفحتها في «فيس بوك» ما نصه «نحن لا نحتاج النسونجية الذين يناصرون المرأة للحصول عليها، ولسنا بحاجة إلى المتزمتين الذين يقبضون على حقوق المرأة لاحتجازها واستعبادها.. نحن النساء بحاجة إلى موقف شجاع ومعاضدة محترمة». وهو تلخيص رغم تحفظي على مفردة أو اثنتين يحكي واقع الحال، ليس في قيادة المرأة للسيارة، ولكن في قضايا خلافية اجتماعياً تمس الأسرة السعودية كوحدة واحدة، ككتلة واحدة، وهنا مكمن «طرق» يغيب عن كثيرين ممن يحاولون الإصلاح الاجتماعي من الطرفين. النساء يطرقن بالمطرقة، لكنهن بحاجة إلى معرفة موقع الطرق، كيفية الطرق، وبحاجة إلى التعامل مع الأمر بذكاء أكثر، وإحدى أهم مشاكلهن مع المجتمع هو تصنيف النساء والرجال الذين يطالبون لهن بأي شيء، هذا التصنيف المخيف للبعض. الغريب أن المرأة لديها قدرة على امتصاص الحماس «الذكوري»، ولديها مناعة مشهودة ضد نعومة الذئاب الهادفة، لكنها في هذه القضية لم تستخدم أسلحتها، وما زال في الحروف.. ماء. [email protected]