وسط الثلوج الكثيفة، افتُتح المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس» أمس بحملة على «الانعزالية»، إذ دافع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن العولمة، وسط أجواء تفاؤل لدى نخبة السياسة والأعمال، المستفيدة الأكبر من الانتعاش الاقتصادي الذي ظل جزءٌ كبير من العالم بمنأى منه. وفيما تتجه الأنظار في «دافوس» إلى خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد غدٍ، إذ سيدافع عن سياسته الحمائية ويهاجم التبادل الحر، اعتبر مودي أن «الانعزالية لا يمكن أن تكون الحل لهذا الوضع المثير للقلق». وأقر بأن العولمة «تفقد بريقها»، لكنه حذّر من أن إقامة جدران تجارية جديدة ليس حلاً، مؤكداً أن الهند ستكون قدوة بفتح أبوابها أمام الاستثمارات الخارجية. وفي تأكيد لمخاوفه في هذا الصدد، أعلنت الولاياتالمتحدة الإثنين فرض ضرائب جديدة على الألواح الشمسية المستوردة من الصين، وأيضاً على الغسالات الكبيرة المصنعة في دول آسيوية عدة. وقال مودي: «يبدو كأن مساراً عكسياً للعولمة يحدث. إن التأثير السلبي لهذا النمط من العقلية والأولويات الخاطئة، يجب ألا يُعَد أقل خطورة من التغير المناخي أو الإرهاب». وأضاف: «في الواقع، الجميع يتحدث عن عالم متصل ببعضه بعضاً، لكن علينا قبول حقيقة أن بريق العولمة يخبو»، قائلاً: «الحل هو فهم التغيير وقبوله ووضع سياسات مرنة في زمن متغير». وهذه أول مشاركة لرئيس حكومة هندي في «دافوس» منذ عام 1997. واستعاد مودي أقوالاً لغاندي بالدعوة إلى «فتح نوافذ البيت حتى تهب عليه رياح كل الثقافات». ولاقت كلمة مودي إشادة من كثير من الحاضرين، خصوصاً نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور الذي أشاد بكلامه عن المناخ. لكن مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد كان لها رأي آخر، إذ علّقت: «كنت أود أن أسمع كلاماً أكثر عن النساء»، في إشارة إلى عدم المساواة بين الجنسين التي حاول منظمو المنتدى التعامل معها بحساسية. فللمرة الأولى في تاريخ المنتدى، تشهد رئاسة الدورة هيمنة نسائية، إذ تتكون اللجنة الرئاسية من 7 نساء، بينهن لاغارد، أول امرأة ترأسه منذ عام 2011. وفيما برزت في منتدى «دافوس» 2017 مخاوف من تداعيات الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، فإن المشاركين الثلاثة آلاف هذه السنة، وبينهم رؤساء دول وحكومات، يحضرون المنتدى وسط أجواء تفاؤل بسبب الانتعاش الاقتصادي العالمي. لكن ما يضعف البيانات المتفائلة حول الاقتصاد العالمي، تحذيرات للتجمعات النخبوية، مثل «دافوس»، من أن عليها البحث عن حقوق لجميع الأشخاص على اختلاف مداخيلهم، فيما يقوم «واحد في المئة» بجمع ثروات لا تحصى بعد عقدٍ على أزمة مالية كبيرة. وفي رسالة وجهها إلى المنتدى، حذر البابا فرنسيس من أن النقاشات حول التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي، يجب ألا تحِل مكان القلق في شأن البشرية ككل». وجاء في الرسالة: «لا يمكن أن نبقى صامتين أمام معاناة الملايين الذين تُمتهن كرامتهم». ويستضيف منتدى «دافوس» أيضاً، رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي استقبلَ الإثنين في فرساي عدداً كبيراً من رؤساء شركات مشاركة في «دافوس»، والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل. لكنّ بعض الزعماء تأخر بالوصول إلى المنتدى بسبب الثلوج الكثيفة والبرد الشديد في الألب في سويسرا. وكان عددٌ من النجوم، هم الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت والمغني وكاتب الأغاني البريطاني إلتون جون ونجم بوليوود شاروخان، حصلوا على جوائز في دافوس لدورهم في إثارة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان.