تمسك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بشروط حكومته لإنهاء الأزمة مع الأكراد، وذلك خلال استقباله للمرة الأولى في بغداد أمس وفداً رفيع المستوى برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني. بموازاة ذلك، أخفقت الكتل النيابية العراقية مجدداً أمس في حسم مصير الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، وفيما انضمت القوى الكردية إلى القوى السنية في مطالبتها بتأجيل الانتخابات، أصرت القوى الشيعية على إجرائها في موعدها، وهددت باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لحسم القضية. وتهدف زيارة بارزاني بغداد، وهي الأبرز لوفد كردي منذ اندلاع الأزمة، إلى التباحث في شأن إدارة الحدود البرية مع إيران وتركيا، ورفع الحظر عن الرحلات الجوية الخارجية من مطاري الإقليم. وأفاد بيان أصدره مكتب رئاسة الحكومة ونقلته وكالة «رويترز»، بأن «جواً من الثقة» خيّم على المحادثات في مسعى إلى حل الخلاف الذي أعقب استفتاء الأكراد على الاستقلال. وأضاف أن العبادي شدد على «وحدة العراق وسيادته، وأن مواطني الإقليم جزءٌ من الشعب العراقي، وأهمية إعادة السلطات الاتحادية في الإقليم وتفعيلها، ومن ضمنها المنافذ الحدودية والمطارات». كما طالب العبادي بتسليم النفط المستخرج إلى السلطات الاتحادية، وأن يكون تصدير النفط حصرياً من جانب الحكومة الاتحادية. ومن المقرر أن يتوجه بارزاني إلى إيران التي كانت أيضاً في المعسكر المعارض للاستفتاء. وقال المسؤول البارز في الحزب الديموقراطي الكردستاني هيمن هورامي على موقع «تويتر»: «سيتوجه الوفد جواً في وقت لاحق اليوم (السبت) إلى طهران لعقد اجتماعات رسمية مع كبار المسؤولين الإيرانيين الأحد». وضم الوفد الكردي نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، ورئيس ديوان رئاسة الإقليم السابق فؤاد حسين. وكان وفد زار بغداد الأسبوع الماضي، سبقته زيارة وفد حكومي عراقي إلى أربيل، في ما يبدو كأنه رغبة من طرفي الأزمة في حلحلة المشاكل. من جهة أخرى، عقد البرلمان العراقي جلسة أمس برئاسة سليم الجبوري لاستكمال حوارات بدأت الخميس الماضي من أجل تحديد موعد الانتخابات. وشهدت الجلسة سجالات حادة بين النواب بعدما طُرح اقتراح التصويت السري على تحديد موعد للانتخابات، ما قوبل برفض من قوى «التحالف الوطني» التي أصرت على أن يكون التصويت علنياً. وفي ضوء ذلك، أعلن «تحالف القوى الوطنية» انسحابه من الجلسة، وانضمت إلى موقفه ثلاثة أحزاب كردية هي «الاتحاد الوطني الكردستاني» و «الديموقراطي الكردستاني» و «الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، ما أدى الى الإخلال بالنصاب القانوني للجلسة. وقال رئيس البرلمان قبل رفع الجلسة، إن اجتماعاً سيعقد اليوم بين الكتل النيابية لحسم مصير الانتخابات، على أن تُعرض النتائج خلال جلسة غد، لكن قوى «التحالف الوطني» هددت باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لحسم القضية. وأعلن نائب رئيس البرلمان همام حمودي عن إرسال كتاب إلى المحكمة الاتحادية في شأن موعد الانتخابات، وقال في بيان مقتضب أمس: «أرسلنا كتاباً إلى المحكمة الاتحادية، وهي صاحبة القرار النهائي في تأجيل الانتخابات أو إجرائها في الموعد المحدد»، مضيفاً أن «مصلحتنا جميعاً تتمثل بحفظ الدستور». وقال رئيس كتلة «الفضيلة» التابعة ل «التحالف الوطني» عمار طعمة إن «الدستور يلزم البرلمان المصادقة على موعد الانتخابات في أيار(مايو) 2018»، مبيناً أن «تحديد موعد انتخابات البرلمان في أيار 2018 ملزم، ولا يجوز لمجلس النواب الاجتهاد أو تبديل ذلك الموعد». لكن القوى السنية لمحت إلى مقاطعة جلسات البرلمان والانتخابات في حال الإصرار على إجراء الانتخابات بعد أربعة أشهر، كما أن تضامن الحزبيْن الكردييْن الرئيسيْن مع هذا المطلب، عزز الموقف في مواجهة «التحالف الوطني». وقال النائب عن «تحالف القوى الوطنية» رعد الدهلكي أمس إن «اجتماع التحالف الذي عقده أخيراً، أكد عدداً من الرؤى، في مقدمها دعوة الحكومة إلى مجلس النواب للوقوف على مدى تطبيق الشروط التي حددها مجلس الوزراء لإجراء الانتخابات». وأضاف أن «الرؤية الثانية هي تأجيل الانتخابات عموماً أو عدم إجرائها في المحافظات التي احتلها تنظيم داعش الإرهابي... والرؤية الثالثة تتضمن عدم الدخول إلى جلسة مجلس النواب في حال فرض هيمنة بعض القوى السياسية في تحديد موعد إجراء الانتخابات من دون الاكتراث لموقف التحالف وما يمثله من شريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي».