صيد طيور «الجراجيح» رياضة من نوع مختلف وخارجة عن المألوف، الذي يفرض طوقاً حول مفهوم الرياضة والترفيه للمرأة السعودية، وهذا النوع من الصيد الذي تمارسه النساء في جزيرة فرسان في «جازان»، يبدأ مع موسم يُسمى بموسم «الجراجيح» وهي طيور مهاجرة تأتي خلال شهري نيسان (أبريل)، وأيار (مايو) من كل عام، وتأتي في أسراب كبيرة يقال إنها في طريقها للهجرة من دول أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية، وتحط رحالها على «جزيرة قماح»، إحدى جزر فرسان، بغرض التكاثر أو للراحة ومن ثم مواصلة الرحلة. وفي هذا الموسم يخرج جميع النسوة من مختلف الأعمار إلى منطقة الصيد التي تنصب فيها المصائد حاملات معهن الأقفاص والشباك مشياً على الأقدام. «أم حسين» إحدى الممارسات لرياضة صيد الجراجيح، تقول: «إن نساء الجزيرة، وحتى من هاجرن إلى الجزر الأخرى يعدن مع موسم صيد الجراجيح مع الأهالي للمشاركة في الصيد، لأنها رياضة مميزة ولا توجد إلا هنا»، وبالنسبة لنا نحن النساء فإننا «نخرج جماعات، وننصب المصائد في الأماكن المعروفة لدينا، ولكل عائلة مساحة من الأرض تنصب فيها المصائد»، أما أدوات الصيد فهي «بدائية ولا نستخدم أي آلة حديثة، والمصائد عبارة عن أغصان يابسة تغرس متقاربة في الأرض بشكل دائري على شكل أعشاش بارتفاع مترين أو أكثر، وتلف حولها شباك الصيد لتعوق حركة الطير وتسهل عملية اصطياده». أما «أم أبكر» فتشير إلى أن صيد «الجراجيح» يصاحبه طقوس عدة، منها رقصات وأغانٍ تقام عندما يحالف الحظ إحدى الصائدات وتجد «الأكحل» في شبكتها، وهو طير مميز، ربما يكون قائد السرب، ويكون مختلفاً عن باقي الطيور في الحجم والشكل، فتقام الأهازيج في بيت من قامت بصيد «الأكحل»، ويجتمعن عندها نساء الجزيرة للغناء والرقص وطرق الطبول. ومن الأعراف المتبعة في صيد «الجراجيح»، عدم التعدي على مصائد الغير، والكل يعرف هذا العرف المتبع في الصيد، ولهذا يبقى الطير في المصيدة ولا يقترب منه أحد إلا بغرض النظر فقط، إلى أن تحضر صاحبته وتقوم بأخذ حفنة من التراب، وهي غالباً ما تكون تحتوي على حصى صغير، وتقذف بها في اتجاه الطائر وتستمر في ملاحقته بهذه الطريقة حتى يخرج من بين الأغصان، ويقع في الشبكة، بعد ذلك تعود النساء إلى القرية حاملات صيدهن استعداداً لعملية الطبخ. ويعد طير «الجرجوح» الطبق المفضل لتقديمه للضيوف، وهدية خاصة بسكان الجزيرة خلال موسم الصيد، سواءً كان مقلياً أم مشوياً، بحسب الرغبة. وتشير نساء الجزيرة إلى رغبتهن في تطوير هذه الرياضة، وأن تجد نصيبها من اهتمام قطاع السياحة لما فيها من المتعة والترفية، إضافة إلى كونها رياضة بالدرجة الأولى، مؤكدات على أنها مناسبة لهن، ولا تتعارض مع حجابهن، فهن يخرجن محجبات ولا يمنعهن الحجاب من الصيد، فحتى الجدات مستمرات في الصيد منذ طفولتهن إلى أن بلغن ال «60 عاماً»، ولم يتوقفن عن المشاركة في الصيد ونصب المصائد حتى حلول الموسم المقبل.