موسكو، باريس - رويترز، أ ف ب - دعت روسيا أمس ليبيا إلى وقف استخدام القوة ضد المدنيين في إطار مسعى موسكو للتوصل إلى هدنة بين مؤيدي الزعيم الليبي معمر القذافي والمعارضة المسلحة التي تقاتل لإنهاء حكمه المستمر منذ 41 سنة. وصرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن المسؤولين الروس أبلغوا ممثل القذافي الذي سافر إلى موسكو أن ليبيا عليها أن تُذعن بشكل كامل لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتسحب الجماعات المسلحة من المدن. وقال لافروف للصحافيين: «الرد الذي سمعناه لا يمكن وصفه بأنه سلبي»، مضيفاً أن مبعوث القذافي أبدى استعداد ليبيا للنظر في مقترحات سلام تستند إلى تلك التي طرحها الاتحاد الأفريقي والتزامها قرارات مجلس الأمن. وقال لافروف: «الشيء الوحيد الذي لفت محاورونا من طرابلس الانتباه إليه اليوم (أمس) هو ضرورة أن يقبل المتمردون خطوات مماثلة وأن يوقف أيضاً حلف شمال الأطلسي القصف». واستطرد: «الشيء الرئيسي في الوقت الراهن هو الاتفاق على شروط الهدنة وإطارها الزمني». وفي وقت سابق قال وزير الخارجية الروسي إن بلاده تأمل باستضافة وفد من المعارضة قريباً ليضع بذلك روسيا في دور صانع السلام المحتمل. وقال خلال لقاء مع عبدالإله الخطيب ممثل الأممالمتحدة الخاص في ليبيا: «مستعدون لإجراء حوار مع الجميع». وتابع: «نحن مهتمون جداً جداً بحقن الدماء في ليبيا بأسرع ما يمكن وانتقال البلاد إلى قناة الحوار السياسي». ومن المقرر أن يزور ممثلون للثوار الليبيين العاصمة الروسية. غير أن الزيارة التي كانت مقررة اليوم الأربعاء تم تأجيلها «لأسباب فنية»، بحسب موسكو. وتشير المحادثات إلى رغبة روسيا في حماية نفوذها في ليبيا حيث لديها عقود ببلايين الدولارات في مجالات السلاح والطاقة والبنية التحتية. وامتنعت روسيا وهي من الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن الذين يمتلكون حق النقض (الفيتو) على قرار يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا واتهمت حلف شمال الأطلسي بانتهاك حدود القرار بعمليات القصف. وتفاقمت المتاعب التي يواجهها القذافي حينما أصدر مدعي المحكمة الجنائية الدولية الإثنين مذكرة اعتقال للزعيم الليبي بتهمة قتل المحتجين. وطلب لويس مورينو أوكامبو أيضاً من قضاة المحكمة إصدار أمر اعتقال لكل من سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي وعبدالله السنوسي رئيس جهاز المخابرات. وعلى القضاة الآن التحقق من وجود أدلة كافية لإصدار أوامر الاعتقال. وقال مدعي المحكمة الجنائية الدولية إنه جرت مهاجمة مبان سكنية وقمع الاحتجاجات بذخيرة حية واستخدام المدفعية الثقيلة لقصف مواكب عزاء ونشر قناصة لقتل الناس لدى مغادرة المساجد عقب الصلوات. وأضاف مورينو اوكامبو: «لدينا أدلة قوية .. أدلة قوية للغاية... نحن مستعدون تقريباً للمحاكمة. القذافي حكم ليبيا من خلال الخوف والليبيون يتخلون عن هذا الخوف الآن». وتلقى مكتب المدعي اتصالات هاتفية من مسؤولين كبار في حكومة القذافي خلال الأسبوع المنصرم لتقديم معلومات. وتحدث مدعون مع شهود على الهجمات وقيّموا الأدلة من 1200 وثيقة بالإضافة إلى تسجيلات فيديو وصور. وينفي مسؤولون ليبيون قتل المدنيين وقالوا إنهم اضطروا إلى التحرك ضد عصابات مسلحة ومتشددين من «القاعدة». ويقولون إن حملة القصف التي ينفذها حلف الأطلسي هي عدوان استعماري للاستيلاء على النفط الليبي. وفي باريس، رحّبت وزارة الخارجية الفرنسية بقرار مدعي المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة توقيف بحق الزعيم الليبي ودعت طرابلس إلى «استخلاص كل العبر» من ذلك. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية إن «فرنسا ترحب وتدعم قرار مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو - أوكامبو طلب إصدار ثلاث مذكرات توقيف بحق معمر القذافي ونجله سيف الإسلام وعبدالله السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». وأضاف في بيان نشر ليل الإثنين - الثلثاء: «في غضون أسابيع سيصدر القضاة موقفهم وستصدر مذكرات التوقيف. إن فرنسا تدعو مسؤولي نظام طرابلس إلى استخلاص كل العبر». وتابع «قد تكونون لاحظتم أن عدداً قليلاً من الأشخاص يواجه التهم، ما يعكس التركز الشديد للسلطة والمسؤوليات الجنائية في ليبيا. وأصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى بأن معمر القذافي مثله مثل الشخصين الآخرين المستهدفين، لا مكان له في المحادثات السياسية التي ستبدأ من اجل بناء مستقبل ليبيا». وتابع «هذا القرار الذي يرتكز على القرار 1970 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يندرج في إطار سياسة مكافحة الإفلات من العقاب في كل الأماكن والتي تدعمها بلادنا بقوة». ويمكن لقضاة المحكمة الجنائية الدولية أن يقرروا قبول طلب لويس مورينو اوكامبو أو رفضه أو حتى أن يطلبوا من مكتب المدعي معلومات إضافية. وكان مجلس الأمن طلب من مدعي المحكمة الجنائية الدولية في 26 شباط (فبراير) التحقيق في هذه المسألة بعد أسبوعين على بدء الانتفاضة الشعبية في ليبيا.