لم تعد المواربة ممكنة في قرار إشراك الأحزاب اللبنانية أو عدم إشراكها المرأة في الانتخابات النيابية المقبلة. ممثلون للأحزاب الرئيسة في البلد وضعوا أمس، تحفظاتهم خارج قاعة فندق «كمبنسكي»، ودخلوا إلى حوار نظمه مكتب وزير الدولة لشؤون المرأة والأممالمتحدة في لبنان عن «دور الأحزاب السياسية في تشجيع تمثيل النساء في انتخابات 2018 النيابية». فكشفوا عن تحفظات وعراقيل لا تزال تحول دون ترشح المرأة. على أن ما قالته ممثلة «حزب الله» الدكتورة ريما فخري كان الأكثر استغراباً من قبل الحضور وصولاً إلى حد الاستنكار. كان وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان متفاجئاً بحجم الحضور الذي غصت به القاعة وهو خص بالترحيب ناشطات في مجال العمل السياسي والحزبي، لكنه لم يكن متفاجئاً بحجم النساء المندفعات إلى الشأن العام، ملاحظاً «أن من أصل 76 ألف طالب في الجامعة اللبنانية هناك نسبة 71 في المئة من الإناث». وبدا الحضور الديبلوماسي الأجنبي الممثل بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة برنيلا كاردل وسفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان كرستينا لاسن ومديرة مكتب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في لبنان سيلين موارو والممثل الخاص للمدير الإقليمي لهيئة الأممالمتحدة للمرأة بيغونيا لاساغبستر، الأكثر سعادة بهذا العدد من الناشطات والتمثيل الحزبي إلى الحوار. ستة أحزاب سياسيّة ممثلة في المجلس النيابي كانت حاضرة من أصل سبعة بعدما غاب ممثل حزب «الكتائب» من دون تقديم عذر. وهو الحزب الذي يصر على التذكير في بياناته أخيراً على مشاركة كل اللبنانيين في الانتخاب في شكل فاعل ويصنف نفسه حزباً معارضاً ويتمسك بهذا التصنيف. وإذ يذكر منظمو الحوار بأن «نسبة تمثيل المرأة في البرلمان منخفضة في شكلٍ ملحوظ منذ أن مُنحت حق التصويت في عام 1952. بل هي الأكثر انخفاضاً بين دول عربية تفوقت على لبنان في تمثيل نسائها في البرلمان والحكومات»، فان ما تسعى إليه وزارة شؤون المرأة، وفق أوغاسبيان، «في ضوء عدم تضمين قانون الانتخاب الجديد «الكوتا» النسائية، وضع خطة عمل وطنية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية ودعم وصولها إلى مراكز صنع القرار من خلال دورات تدريب لكوادر نسائية بدأت ومستمرة في مجال إدارة الحملات الانتخابية ومن خلال لقاءات مع المجتمع المدني والإعلام للمساندة في دعم ترشح النساء ووصولهن إلى مراكز صنع القرار ومن خلال حملة إعلامية شعارها «نصف المجتمع نصف البرلمان». سألت المحاورة الزميلة نجاة شرف الدين ممثلة «حزب الله» عما إذا كان قرار الحزب عدم ترشيح النساء إلى الانتخابات قراراً لا عودة عنه؟ فكان جوابها: «إن على المرأة واجب المشاركة حيث يجب أن تكون. ويجب أن تكون فاعلة سياسياً وعندها طاقات وهي قادرة. وعمل النائب يتركز على العمل الخدماتي والاجتماعي ما يتطلب خروج دائم من حياة الأسرة. ونعتقد أن المرأة يفترض أن تعمل لأهداف أساسية، وكونها امرأة مطلوب منها أن تربي أجيالاً ما يأخذ من وقتها وحركتها ونحن نتحفظ عن ترشيح سيدة». وإذ حرص النائب سيمون أبي رميا ممثلاً «التيار الوطني الحر» على تأكيد «احترامه للمعتقد والرأي الآخر»، أكد «إيمانه بالمناصفة وهناك نسبة 36 في المئة من الموجودين في التيار هم من الإناث، وفي الانتخابات الداخلية في الحزب عندما لا تكون هناك نساء مرشحات فإننا نلجأ إلى التعيين». لكن أبي رميا كشف «أنه على رغم ذلك وحين فتحنا باب الترشيح إلى الانتخابات النسائية لم تتقدم سوى 3 نساء من الحزب، بالتالي علينا من أجل تأكيد قناعاتنا في مشاركة النساء أن نرفع النسبة من خلال تحالفاتنا الانتخابية المقبلة». ورد السبب إلى «المقاربة الذكورية في المجتمع لموضوع وصول النساء إلى مراكز القرار». غير أن للأمينة العامة في «القوات اللبنانية» شانتال سركيس رأياً آخر، وإذ أيدت أبي رميا بأن الأحزاب تشكل أرضية مساعدة للنساء للانخراط في العمل السياسي وصولاً إلى مراكز القرار العليا، قالت: «أنا أم لثلاثة أولاد وأتعاطى العمل السياسي ووظيفتي ليست فخرية وأقوم بمهماتي في شكل كامل وقادرة على الموازنة ما بين عملي وبيتي ولم يتعقد أولادي ولا هم يكرهونني، والنساء قادرات على القيام بأكثر من مهمة في آن، إنه التحدي الذي نقوم به يومياً والمطلوب أن تسألوا الرجال هل أنهم مقصرون بحق عائلاتهم عندما صاروا نواباً؟ المهمة ليست سهلة والنساء لسن ديكوراً على اللوائح الانتخابية والتوازن ليس مستحيلاً». وأقر النائب أحمد فتفت ممثلاً «تيار المستقبل» بأن العمل السياسي أبعده عن أولاده وأسرته، لكن دائماً يمكن التعويض «وأنا استغرب موقف حزب الله. في البرلمان الإيراني هناك نساء كثر وهناك وزيرات، لماذا هذه النظرة الذكورية. هناك مشكلة ثقافية». وأشار إلى أن رئيس التيار الرئيس سعد الحريري ملتزم بأن تكون 20 في المئة من اللوائح الانتخابية من النساء والأمر ليس صعباً. وقالت مفوضة شؤون المرأة في الحزب التقدمي الاشتراكي الدكتورة منال سعيد إن الحزب أعطى المرأة دوراً كبيراً (20 في المئة من الإناث ومع المؤسسات الرديفة ترتفع النسبة إلى 30 في المئة)، لكن المشكلة أن الحزب يعمل في الأرياف حيث المجتمع ذكوري ونعاني من الأمر كل يوم في عملنا الحزبي، كما أن الأحزاب حين تنتقي مرشحات تفكر من منطق الربح والخسارة وفي الحيثية العائلية والسياسية، وأخذ موقف المقترعين في الاعتبار، وأعتقد أن التحدي هو داخل أحزابنا أيضاً فهناك عقلية ذكورية، عندهم مشكلة مع النساء وعلى المرأة أن تثبت كفاءاتها وذاتها». وكشفت عن دراسة يعدها الحزب لمعرفة سبب تراجع النساء عن الانتساب الحزبي وقالت: «ربما علينا إعادة النظر في القضايا التي تهم النساء وتلبي طموحاتهن». أما ممثل حركة «أمل» الأستاذ الجامعي علي رحال فاعتبر أن «النساء ممثلات في الحركة بنسبة 20 في المئة والكفاءة هي التي أوصلت عناية عز الدين إلى المقعد الوزاري. والمرأة موجودة في القضاء وفي الجيش وفي الشأن الديبلوماسي، لكن المشكلة في أن المرأة لا تصوت للمرأة في الانتخابات النيابية، والمطلوب تغيير هذه الذهنية ربما لأن الناس تطمئن لتجربة الرجل في السلطة وهذا يجب أن يتغير».