استخدمت الشرطة السودانية قنابل مسيلة للدموع والهراوات لتفريق تظاهرة نظمها الحزب الشيوعي في وسط الخرطوم امس، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد. وأوقفت قوات الأمن أكثر من 20 من المحتجين والصحافيين. وبدأت احتجاجات متفرقة في الخرطوم وعدد من الولايات الأسبوع الماضي غضباً على موجة غلاء اجتاحت الأسواق في أعقاب بدء تطبيق بنود الموازنة الجديدة للدولة، وأسفرت عن مقتل طالب في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور. وشهدت ساحة حدائق الشهداء قرب القصر الرئاسي المحددة لانطلاق المسيرة الاحتجاجية أمس، تجمّع مئات المواطنين والناشطين وأعضاء الأحزاب وأبرزهم زعيم الحزب الشيوعي مختار الخطيب، تمهيداً لانطلاق الموكب إلى مقر حكومة ولاية الخرطوم لتسليم مذكرة الحزب الشيوعي المناهضة للموزانة، ولكن السلطات استخدمت القوة لتفريقهم ووقعت اشتباكات بين الجانبين. وذكر شهود أن قوات الأمن استخدمت القوة في تفريق الموكب السلمي، واعتقلت مشاركين فيه، فتحولوا إلى مسارات أخرى، ما ساهم في اتساع رقعة الاحتجاج. وردد المحتجون هتافات مناهضة للحكومة مثل «لا لا للغلاء» و «سلمية ضد اللصوص» وطالبوا بتنحيها. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات، بينما نشطت عناصر الأمن في اعتقال المحتجين الذين تفرقوا إلى شوارع فرعية وسط الخرطوم، وطاولت الاعتقالات ناشطين وبعض الصحافيين. واستهدفت السلطات الأمنية كلاً من صوّر الموكب السلمي، الذي يعد أول احتجاج لافت ومنظم وسط العاصمة التي تضمّ مؤسسات الحكومة والجامعات. وبعد أن فرقت السلطات المحتجين من تقاطع شارعَي القصر والجمهورية شهدت الشوارع الفرعية عمليات كر وفر بين الأجهزة الأمنية والمحتجين. كما انتقلت الاحتجاجات في شكل أكثر تنظيماً وحجماً إلى شارع الحرية شرق وسط المدينة. وأخطر الحزب الشيوعي السوداني منذ الأسبوع الماضي، شرطة ولاية الخرطوم وحكومة الولاية، بتنظيمه موكباً سلمياً، حظي بتأييد أكثر من 30 حزباً ومنظمة مجتمع مدني. وطلب حزب المؤتمر الشعبي المشارك في حكومة الوفاق الوطني، من سلطات ولاية الخرطوم السماح للشيوعي بتنظيم موكبه السلمي وحمايته. ورجّح وزير الإعلام، أحمد بلال عثمان، إقالة وزراء وتعيين آخرين، رافضاً الإفصاح عن الوزراء الذين سيُعفون من مناصبهم. وأوصدت الحكومة الباب نهائياً أمام التراجع أو تعديل أي بند من بنود الموازنة الجديدة التي شملت خفض سعر صرف الجنيه وزيادة قيمة الدولار الجمركي ورفع الدعم عن الخبز. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الاستثمار مبارك الفاضل عقب اجتماع طارئ للبرلمان مع وزراء القطاع الاقتصادي، إن الحديث عن تعديل الموازنة أو تغير سعر الدولار الجمركي هو محاولة لضرب الاقتصاد وإحداث البلبلة في السوق، لافتاً إلى أن الموازنة أجازها البرلمان. وأضاف: «لن نراجع أي سطر فيها». وهدد الفاضل التجار باستيراد السلع الأساسية وطرحها في الأسواق بالسعر الأساسي، في حال استمرارهم في المضاربات وزيادة الأسعار، منوهاً بأن الحكومة ستواجههم بأقصى العقوبات. وقال: «لا يمكن أن نترك حياة ملايين المواطنين في أيدي قلة من المضاربين». واتهم التجار بالدخول في مضاربات مع الدولة لمنع الموارد الخارجية ما أدى الى تشوهات وانعكس بدوره على الأسعار. وأعلن الفاضل عن إجراءات جديدة ستتخذها الحكومة للتحكم بسعر الصرف وإعادة الموارد الخارجية. وتوعد باتخاذ إجراءات قوية لاستراداد الموارد المالية بالعملة الأجنبية للبلاد وإحكام سياسات مصرف السودان لوقف هذه الممارسات. وقال إن التحركات التي شهدها السوق عقب زيادة الدولار الجمركي «أحدثت جوانب نفسية وبلبلة في نفوس المواطنين أدت إلى الحالة التي نعيشها الآن».