رأت إيران في فرض واشنطن عقوبات على رئيس سلطتها القضائية صادق لاريجاني «تجاوزاً لكل الخطوط الحمر»، ملوّحة ب «ردّ جدي»، وكرّرت رفضها «تعديل» الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، بعدما أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حلفاء أوروبيين للولايات المتحدة شهوراً لإصلاح «عيوب جسيمة» فيه، وإلا انسحب منه. لكن موسكو وبكين انبرتا للدفاع عن الاتفاق، إذ تعهدت الأولى «بذل كل جهد ممكن لإنقاذه»، فيما رجّحت الثانية أن يواجه «عوامل تعقيد جديدة» (راجع ص7). أتى ذلك بعد قرار ترامب تمديد تجميد العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، المرتبطة بالملف النووي. ويريد الرئيس الأميركي تعزيز الاتفاق، من خلال إبرام ملحق في غضون 120 يوماً، وقال: «هذه فرصة أخيرة. في غياب اتفاق (مكمّل) مشابه (مع الأوروبيين)، لن تجمّد الولاياتالمتحدة مرة أخرى العقوبات من أجل البقاء في الاتفاق. أدعو الدول الأوروبية الرئيسة إلى الانضمام للولايات المتحدة في إصلاح عيوب جسيمة فيه. إذا فشلت الدول الأخرى في التحرّك خلال تلك المدة، فسأنسحب فوراً من الاتفاق. يجب ألا يشكّك أحد في كلامي». واعتبر أن إيران «أول دولة داعمة للإرهاب في العالم»، واتهمها ب «تمويل أكثر من مئة ألف مقاتل، وتسليحهم وتدريبهم لتدمير الشرق الأوسط». وعلّقت الخارجية الإيرانية مؤكدة أن طهران «لن تتخذ أي إجراء يتجاوز التزاماتها في إطار الاتفاق، ولن تقبل بأي تعديل له، ولن تسمح بربطه بملفات أخرى». ووصفت العقوبات الأميركية على صادق لاريجاني ب «عمل عدائي»، معتبرة أنها خطوة «تتجاوز كل الخطوط الحمر للسلوك في المجتمع الدولي وتشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، ستردّ عليه إيران بجدية». وأبلغ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نظيره الصيني وانغ يي ب «أهمية تطبيق الاتفاق النووي وضرورة التزام جميع الأطراف تعهداتهم إزاءه». وتطرّق إلى تصريحات منسوبة إلى ترامب، وصف فيها الدول الأفريقية وهايتي ب «حثالة»، قائلاً: «مؤسف أن شخصاً يتولّى زمام الأمور في الولاياتالمتحدة يفتقر إلى أقل درجة من الفهم، إذ يخاطب كل الشعوب بألفاظ بذيئة ومرفوضة، لا يمكن تصديقها». أما الوزير الصيني فقال لنظيره الإيراني، في اتصال هاتفي، إن تطبيق الاتفاق لم يُعرقل، مستدركاً أنه قد يواجه «عوامل تعقيد جديدة». ولفت إلى أن متابعة تنفيذه هي من مسؤولية جميع الأطراف المعنيين، مشدداً على أن الاتفاق النووي يساهم في كبح انتشار الأسلحة الذرية ويحافظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، كما يسوّي «ملفات ساخنة أخرى» في العالم. أما نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، فنعت إعلان ترامب ب «سلبي جداً»، ورأى فيه «واحداً من أضخم الأخطاء على صعيد السياسة الخارجية لواشنطن، وسوء تقدير كبيراً». وأضاف: «نتوصل تدريجاً إلى خلاصة مفادها أن قراراً داخلياً أميركياً اتُخذ بالانسحاب من الاتفاق النووي، أو بات على وشك أن يُتخذ». واستدرك أن موسكو ستعمل «في شكل مكثف» مع أوروبا والصين، مؤكداً أنها «ستبذل كل جهد ممكن لإنقاذ الاتفاق». وتابع: «لا أرى في ما سمعناه (من ترامب) أي دعوة إلى إيران من أجل الحوار. إنه أمر يناقض منطق الاتفاق».