اعتبرت إيران مشروع قانون أقرّه مجلس الشيوخ الأميركي لتشديد عقوبات عليها وعلى روسيا، «انتهاكاً صارخاً» للاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، متعهدةً رداً «حازماً». ورأت موسكو في الخطوة إشارة «سلبية جداً»، فيما رفضتها دول أوروبية حليفة للولايات المتحدة، إذ تعرّض شركاتها العاملة في روسيا لعقوبات محتملة. ويستهدف قرار المجلس معاقبة روسيا على «تدخلها» المحتمل في الانتخابات الأميركية وضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمها النظام السوري. ويتيح أيضاً فرض عقوبات جديدة على قطاع التعدين والشحن والسكك الحديد في روسيا، ويستهدف الروس الضالعين في هجمات إلكترونية أو تزويد النظام السوري أسلحة. ويُلزم مشروع القانون الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيل موافقة الكونغرس قبل اتخاذه أي إجراء لتخفيف العقوبات على روسيا، أو تجميدها أو رفعها، علماً أنه يحتاج إلى موافقة مجلس النواب ثم توقيع ترامب عليه، ليصبح قانوناً. وإذا أصبح المشروع قانوناً، فقد يعقّد العلاقات مع دول أوروبية، إذ أن العقوبات قد تعرّض شركاتها المشاركة في مشاريع في روسيا، لغرامات. ويتضمّن مشروع القانون أيضاً تشديد عقوبات على إيران، بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية ونشاطات أخرى لا تتصل بالاتفاق النووي، بينها حقوق الإنسان وتسليح تنظيمات في سورية ولبنان والعراق. ونبّه ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أن للكرملين «نظرة سلبية جداً» في شأن العقوبات الأميركية الجديدة، مرجّحاً أن تمسّ دولاً أخرى عليها التزام هذه العقوبات. إلى ذلك، رأى علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد علي خامنئي، أن تشديد العقوبات على إيران «انتهاك صارخ للاتفاق النووي»، معتبراً أنها «تعويض عن خسائر تلقتها أميركا في المنطقة». وأعلن أن لجنة تشرف على تطبيق الاتفاق ستناقش هذا الأمر و «تعطي إجابة مناسبة». ولفت الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إلى أن العقوبات الجديدة «تأتي في إطار العداء المترسّخ لأميركا ضد إيران». وزاد: «لدى الولاياتالمتحدة، ووفقاً للاتفاق النووي، تعهدات يجب أن تنفذها بالكامل وبحسن نية، ولا يمكن الحكومات اللجوء إلى قرارات مشابهة للتنصل من التزاماتها القانونية». وأشار إلى أن لجنة الإشراف على تطبيق الاتفاق «ستتخذ بحزم إجراءات متبادلة ومناسبة، لتأمين المصالح الوطنية للبلاد»، مؤكداً أن البرنامج الصاروخي لطهران «مشروع بالكامل ولا يتعارض مع القرار 2231» الذي أصدره مجلس الأمن، متبنياً الاتفاق النووي. وأعلن النائب حسين نقوي حسيني، الناطق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، أن رئيس المجلس علي لاريجاني أمر بإعداد «مشروع (قانون) رداً على المشروع الأميركي»، مشيراً إلى أن النواب «سيصوّتون عليه قريباً». وأضاف أن المجلس «سيتخذ قرارات مناسبة لمواجهة المشروع الأميركي». وأثار قرار مجلس الشيوخ الأميركي امتعاضاً أوروبياً، إذ شددت ناطقة باسم المفوضية الأوروبية على «أهمية تنسيق التدابير الجديدة المحتملة بين الشركاء الدوليين، لضمان تأثيرها دولياً وحفظ الوحدة بين الشركاء في شأن العقوبات». وكان الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت تحدث عن «تحرّك غريب من مجلس الشيوخ الأميركي»، لافتاً إلى أن المستشارة أنغيلا مركل قلقة من أن تؤدي العقوبات المقترحة على روسيا إلى فرض غرامات على شركات أوروبية. واستغرب أن تفضي عقوبات هدفها معاقبة موسكو على «تدخلها» في الانتخابات الأميركية، إلى فرض عقوبات على شركات أوروبية، وزاد: «يجب ألا يحدث ذلك. نرفض في شكل عام العقوبات ذات الآثار العابرة، ما يعني أنها تؤثر في دول ثالثة». واتهمت وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيت تسيبريز واشنطن ب «تقويض النهج المشترك لأوروبا والولاياتالمتحدة حيال روسيا والعقوبات»، مبدية أسفها ل «التخلي عنه بهذا الشكل». ولوّحت بتدابير مضادة محتملة، إذا غرّمت الولاياتالمتحدة شركات ألمانية تشارك في مشاريع للطاقة، مثل خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2»، أو تموّلها. في السياق ذاته، ذكّرت باريسواشنطن بوجوب التنسيق مع دول أوروبية وشركائها في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، قبل تشديد عقوبات على موسكو. وقال ناطق باسم الخارجية الفرنسية: «أكدنا لسنوات للولايات المتحدة الصعوبات التي تثيرها التشريعات التي تتجاوز الحدود الإقليمية. نرغب في أن تحترم الولاياتالمتحدة التنسيق المطلوب، خصوصاً في إطار مجموعة السبع، في شأن مسائل مرتبطة بالأمن والسياسة الصناعية في أوروبا».