لا تزال أسعار النفط تُحقق ارتفاعات منذ بداية السنة الحالية، مدعومة بعوامل عدة، على رأسها نسبة الالتزام العالية باتفاق خفض الإنتاج من داخل «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) وبعض المنتجين من خارجها، إضافة إلى انخفاض إنتاج النفط الأميركي لأسباب، منها توقف عمليات الإنتاج البري، وانخفاض المخزون. وكسبت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج «برنت» 27 سنتاً لتبلغ 69.47 دولاراً للبرميل، وهو أعلى ارتفاع سجلته منذ أيار (مايو) 2015. وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 63.94 دولاراً للبرميل، مرتفعة 37 سنتاً إلى أعلى مستوياتها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2014 (راجع ص11). وتراقب «أوبك» عن كثب السوق النفطية، خصوصاً الأميركية، وفقاً لما أكده أمس وزير الطاقة الإماراتي، الرئيس الحالي ل «أوبك» سهيل المزروعي الذي اعتبر كذلك أن السوق في طريقها إلى التوازن هذه السنة، على رغم تشديده على ضرورة خفض مخزون النفط في دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» إلى متوسط خمس سنوات، مضيفاً أن الفائض في السوق النفطية يصل إلى 100 مليون برميل. وتثير ارتفاعات الأسعار مخاوف في السوق النفطية، خصوصاً أنها تشجع الشركات الأميركية على زيادة الإنتاج، ما يعني تبديد جهود «أوبك» وروسيا في خفضه، ويؤثر بطبيعة الحال على الأسعار. لكن المزروعي أكد أن «السوق في حاجة إلى النفط الصخري» لتلبية الطلب على الخام، مؤكداً مراقبة المنظمة للسوق. وأكد أنه غير قلق من الأسعار الحالية للنفط، موضحاً: «لسنا في حال ذعر، ولا نرى حاجة للقيام بعمل ما». واتفقت «أوبك» ومنتجون من خارجها، على رأسهم روسيا، في كانون الثاني (يناير) الماضي، على خفض الإنتاج النفطي في مسعى لدعم الأسعار. وكان من المفترض أن ينتهي هذا التمديد بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ولكن عدم الوصول إلى الهدف المقرر من خلال الاتفاق، أدى إلى تمديد خفض الإنتاج حتى نهاية السنة الجارية، على أن تتم مراجعته في اجتماع يعقد في حزيران (يونيو). وأدى الانخفاض المفاجئ في الإنتاج الأميركي إلى دعم الأسعار التي سجلت أمس أعلى مستوياتها منذ أيار (مايو) 2015. وأفادت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية التي صدرت أول من أمس، بأن المخزون الخام انخفض نحو خمسة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في الخامس من كانون الثاني (يناير)، إلى 419.5 مليون برميل، كما انخفض الإنتاج الأميركي من النفط أيضاً 290 ألف برميل يومياً إلى 9.5 مليون برميل يومياً، على رغم التوقعات بأن يتجاوز الإنتاج حاجز العشرة ملايين برميل يومياً، وهو مستوى لا تتخطاه إلا المملكة العربية السعودية وروسيا. وتراهن «أوبك» على ارتفاع الطلب على النفط هذه السنة، ما يقلص المخزون العالمي. وكانت المنظمة توقعت في آخر تقاريرها الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، أن يحتاج العالم إلى 33.06 مليون برميل يومياً من الخام الذي تنتجه المنظمة بارتفاع قدره 230 ألف برميل يومياً عن التوقعات السابقة.