في خطوة قد تمهد الأساس لبدء حوار سياسي في سورية بهدف تهدئة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإصلاحات ديموقراطية، أعلن وزير الاعلام السوري عدنان محمود ان سورية ستشهد «خلال الايام القادمة حوارا وطنيا شاملا» في كل المناطق. وشهدت مدن عدة تظاهرات سلمية احتجاجية امس، وافادت انباء عن سقوط قتيلين في حمص وثالث في دمشق بنيران اجهزة الامن. وأعلن محمود ان الجيش «باشر الخروج التدريجي» من بانياس ومنطقتها واستكمل خروجه من درعا وريفها في جنوب البلاد»، بعد الاطمئنان لاستعادة الامن والهدوء والاستقرار». وأكد ان الحكومة «تعكف على تنفيذ برنامج الاصلاح الشامل سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لخدمة المجتمع السوري» مشددا على «تلازم الامن والاستقرار مع الاصلاح». وتزامن ذلك مع تطورين لافتين: تظاهرات في مناطق دوما وقطنا وداريا وسقبا والتل، وفي مدن الدرباسية وعامودا في الحسكة والطبقة في الرقة والبوكمال والميادين في دير الزور، بالاضافة الى التظاهرات في حمص وحماة. اما التطور الآخر: فهو اعلان المعارض السوري البارز لؤي حسين، الذي أعتقل يومين في آذار (مارس) الماضي، أن «الأوان ما زال متاحا للانتقال من الحل الأمني الى السياسي»، متحدثا عن لقاء جمعه مع بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس السوري تناول «سبل الانتقال من الحل الامني الى الحل السياسي والمحاور التي طرحت تصب في امن الشارع وانهاء العنف منه». من ناحيته قال الناشط والمعارض السوري لؤي حسين لوكالة «فرانس برس» إن الرئيس السوري أصدر أوامر «حاسمة وجازمة» بعدم إطلاق النار على المتظاهرين. وذكر لوئ أن شعبان قالت له «أن مطلقي النار سيحاسبون على فعلتهم». وأكد أن لقاءه مع شعبان «ليس حواراً وطنياً بل لقاء لتبادل الآراء»، مضيفاً أن «اللقاء لم يتطرق الى الأمور الإصلاحية نظراً لعدم وجوب الكلام عن ذلك في وجود القمع كما أننا لسنا أطرافاً سياسية في الشارع فنحن لا نملك أن نحرك أو أن نهدئ الشارع». وأكد أن «الحوار يجب أن يكون بين السلطة وممثلين عن الشارع». ميدانيا، انتشر الجيش ورجال الأمن بكثافة في أبرز معاقل الاحتجاجات تحسباً لاتساع التظاهرات في «جمعة حرائر سورية». كما أغلق الجيش مناطق وأحياء كاملة في المدن التي تشهد تظاهرات، وأقام العشرات من نقاط التفتيش وحواجز الطرق، إلا أن هذا لم يمنع تظاهرات واسعة في ريف دمشق وحمص وشمال شرقي البلاد مثل مدن دير الزور والميادين والبوكمال والقامشلي (شمال) ودرعا جنوباً. وقال ناشطون إن درعا ما زالت محاصرة، فيما ما زالت الدبابات تحيط ببانياس وحمص. وبينما قال شاهد لوكالة «رويترز» إن آلاف المواطنين تدفقوا على ميدان في مدينة حماة للمشاركة في التظاهرات المطالبة بالديموقراطية، أعلن ناشطون قتل اثنين في حمص برصاص أجهزة الأمن خلال تفريق تظاهرة، ومقتل شخص في دمشق برصاص رجال الامن. الى ذلك قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في مقابلة بثتها قناة «بلومبرغ» الاميركية إن تركيا نصحت باجراء اصلاحات في سورية قبل اندلاع الاحتجاجات في البلاد، واصفا الرئيس الاسد بانه «صديق». وقال «لقد تأخر (في الاصلاحات). آمل في ان يتخذ بسرعة تدابير مماثلة ويتحد مع شعبه لانني في كل مرة ازور سورية اشهد على العاطفة الشعبية الكبيرة تجاه بشار الاسد». وردا على سؤال عما اذا كان على الاسد مغادرة السلطة، اجاب اردوغان «من المبكر جدا اليوم اتخاذ قرار لان القرار النهائي سيتخذه الشعب السوري... يجب الحفاظ على وحدة سورية وسلامة اراضيها». واشار الى انه اجرى العام الماضي «محادثات مطولة» مع الاسد في شأن ضرورة رفع حال الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتغيير النظام الانتخابي والسماح بالتعددية الحزبية. واضاف اردوغان «حتى انني قلت له عند الحاجة، ارسلوا لنا اناسا من عندكم وسنريهم كيفية تنظيم حزب سياسي وكيف يتم التواصل مع الشعب... كنا متفقين على هذا الموضوع، الا ان الامور تفلتت وتأثير الدومينو بلغ سورية ايضا». وفي واشنطن، أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن الادارة اطلعت على تقارير تتحدث عن منع الرئيس الأسد اطلاق النار على المتظاهرين، كما اطلعت على تقارير أخرى عنل وقوع ضحايا. ودعا المسؤول الذي تحدث الى «الحياة» النظام السوري الى «التوقف فورا عن اطلاق النار على المتظاهرين، والسماح بتظاهرات سلمية ووقف الاعتقالات واطلاق المعتقلين والسجناء السياسيين والاستجابة لمطالب الشعب بالاصلاح وبدء التغيير الديموقراطي الحقيقي». وأكد المسؤول أن واشنطن «ستستمر في تعديل موقفها طبقا للظروف على الأرض وستستمر في العمل مع المجتمع الدولي لمحاسبة قيادات سورية على قمعهم الوحشي والظالم». وشدد المسؤول على أن «هناك شيئ واحد مؤكد وهو أن الأحداث في سورية توضح بأنه لا يمكن العودة الى ما كانت عليه الأمور من قبل، وأن هناك تحول سياسي ويجب أن يقود الى الديموقراطية واحترام حقوق الشعب السوري» وأن هذا هو «السبيل الوحيد للاستقرار في سورية».