استوفى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مبكراً الشرط الدستوري للترشح لانتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في آذار (مارس) المقبل، إذ وقع أكثر من 500 نائب في البرلمان من بين 596 نائباً، استمارات تزكيته لخوض الانتخابات خلال يومين، في حين يشترط الدستور تزكية 20 نائباً فقط، لقبول الترشح أو جمع 25 ألف توقيع من 15 محافظة مختلفة، بحد أدنى ألف توقيع من كل واحدة. وواصل نواب البرلمان أمس، توقيع استمارات تزكية الرئيس بعدما وقّع أعضاء ائتلاف الموالاة «دعم مصر» كافة (370 عضواً) الاستمارة في اليوم الأول، إضافة إلى الهيئة البرلمانية لبعض الأحزاب غير المنخرطة في الائتلاف وأبرزها «المصريين الأحرار». وبذلك أصبح السيسي جاهزاً لخوض الانتخابات، حتى قبل أن يعلن نيته الترشح، علماً أن الهيئة العليا للانتخابات ستتلقى طلبات الترشح بدءاً من 20 كانون الثاني (يناير) الجاري، لكن يبدو أن السيسي سيتريث في الخطوة خصوصاً مع إطلاقه مبادرة أمس، لتلقي أسئلة المواطنين حول فترته الأولى بعنوان «اسأل رئيس». وحددت المبادرة التي نشرت تفاصيلها صفحة السيسي الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» 5 أيام لتلقي أسئلة المواطنين، على أن يجيب الرئيس عنها خلال مؤتمر يجري الترتيب له. ويُتوقع أن يُخصص لإعلان السيسي «كشف حساب» ولايته الأولى. وتوافد آلاف المواطنين إلى مكاتب الشهر العقاري (المؤسسة الرسمية للتوثيق) لتحرير توكيلات دعم السيسي التي تجاوزت خلال اليوم الأول 4 آلاف توكيل، وشهدت أمس إقبالاً «متوسطاً» لتوقيعها، علماً أن عملها سيتواصل حتى غلق باب التقدم للترشيح في 29 الجاري. وكانت حملات شعبية عدة جمعت ملايين التواقيع خلال الشهور الماضية لحضّ الرئيس المصري على الترشح للانتخابات المقبلة، لكن التواقيع ليست ذات أثر أو صفة رسمية مع بدء الإجراءات الفعلية للعملية الانتخابية، إذ يشترط القانون تسجيل توكيلات في جهة التوثيق الرسمية للأخذ بها من قبل الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات. ودعت حملة «علشان تبنيها» الداعمة للرئيس الموقعين على استماراتها التوجه إلى الشهر العقاري لتحرير توكيلات للسيسي. وقالت: «التوقيع على استمارة «علشان تبنيها» أو الحملات الأخرى ليست توكيلاً، ولذلك نرجو التوجه إلى الشهر العقاري لتحرير التوكيلات». واستنفرت حملات دعم ترشح الرئيس في المحافظات لحض الناخبين على تحرير التوكيلات الرسمية تمهيداً لتسليمها إلى الرئيس. ومن المتوقع أن تتجاوز تلك الحملات حاجز 25 ألف توقيع خلال أيام، ما يعني أن السيسي سيستوفي كلا الشرطين اللذين يكفي أحدهما لخوض الانتخابات. وشهدت محافظات الصعيد إقبالاً ملحوظاً للتوقيع على الاستمارات، وتنافساً في ما بينها لجمع أكبر عدد من التوكيلات. وشهدت مقار حملات دعم السيسي في أسوان وأسيوط والمنيا وسوهاج حال استنفار، إذ شُكلت غرف عمليات دائمة لمتابعة حملات جمع التوكيلات، ولجان محلية في كل قرية ومدينة تكون مهمتها إحصاء هذه التوكيلات وتجهيز مقار لإدارة الحملات الانتخابية الداعمة للرئيس، كما لجأ بعض الحملات إلى تنظيم مواكب سيارات تجوب شوارع المحافظات لدعوة الناخبين إلى تحرير التوكيلات. ارتباك لدى معارضيه ساد ارتباك حملات المرشحين المحتملين في انتخابات الرئاسة المصرية المحسوبين على تيار المعارضة، إذ وجه رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات، خطاباً إلى رئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال، للسماح له بجمع توقيعات من نواب البرلمان، الذين زكى معظمهم الرئيس السيسي، كي يتمكن من الترشح في الانتخابات المقررة في آذار (مارس) المقبل، في وقت نفت حملة المرشح المحتمل خالد علي انسحابه من السباق، وستعقد اليوم مؤتمراً صحافياً للتعليق على الجدول الزمني التي حددته الهيئة العليا للانتخابات وقراراتها. وطلب السادات من رئيس البرلمان إصدار توجيهات لأمانته العامة للسماح له بعقد لقاءات مع نواب في إحدى القاعات المخصصة لجمع التوكيلات من النواب «لعرض برنامجه الانتخابي كي يتسنى له الحصول على تزكيتهم». وقال السادات ل «الحياة» إنه سيعلن موقفه النهائي من خوض الانتخابات في مؤتمر صحافي يعقده الأحد المقبل في مقر حزبه، بعد بحث الفاعليات والمواقف الحالية لتحديد إن كانت هناك فرصة ل «منافسة حقيقية». وأكدت حملة المرشح المحتمل المحامي خالد علي، الذي أعلن عزمه خوض الانتخابات، عدم صحة أي أخبار عن انسحابه من الترشح، وأنها ما زالت مستمرة في اجتماعاتها وتشاوراتها مع أعضاء الحملة في المحافظات. ويعكف المرشح المحتمل على ترتيب أوراق حملته، وتحديد إن كان سيجمع توكيلات شعبية أو تزكيات من نواب البرلمان، وفق الناطق باسم حملته الصحافي خالد البلشي. ويواجه علي صعوبات في الوفاء بشروط الترشح، فمن جهة دعمت السيسي غالبية كاسحة من نواب البرلمان، ويقل عداد نواب تكتل المعارضة «25- 30» عن الشرط الدستوري اللازم للترشح (20 نائباً)، إذ يقتصر عددهم على 15 نائباً فقط. وفي حال قرر علي اللجوء إلى التوكيلات الشعبية فسيحتاج إلى تأمين أكثر من ألف توكيل يومياً لجمعها في المدة المحددة (20 يوماً)، علماً أنه لم يُدعم من أي فصيل أو قوى بما في ذلك صفوف المعارضة حتى الآن. وخاض علي الانتخابات الرئاسية عام 2012، لكنه لم يكن ذا ثقل فيها إذ حصد نحو 130 ألف صوت. وقال عضو تكتل المعارضة النائب هيثم الحريري إن التكتل المعارض في البرلمان لم يتلق أي طلبات من مرشحين محتملين لتزكيتهم في الانتخابات، مشيراً إلى أن قرار التكتل تأييد أي من المرشحين سيتخذ بصورة جماعية. وشدد الحريري في تصريح ل «الحياة» على ضرورة أن تشهد مصر انتخابات ديموقراطية، موضحاً أن النزاهة تقتصر على الصندوق الانتخابي لكن ديموقراطية العملية تشمل الأجواء عموماً، من إتاحة فرص الترشح وجمع التوكيلات الشعبية للمعارضين من دون مضايقات، فضلاً عن حياد الإعلام تجاه كل المرشحين.