من يخلف أسامة بن لادن في قيادة القاعدة؟ كنت أفترض أن الخليفة هو أيمن الظواهري الذي حمل لقب "الرجل الثاني" في المنظمة الإرهابية على مدى عقدين، إلا أنني أقرأ تحليلات وتعليقات من "خبراء" في الإرهاب، بينهم أميركيون تابعوا نشاط القاعدة، لا تستبعد أن يقود الظواهري القاعدة إلا انها ترشح آخرين. طبعاً، هناك احتمال ألا تختار قيادة القاعدة خلفاً لبن لادن في المستقبل القريب، لصعوبة الاجتماع، ولأن القادة المعروفين مطاردون، وقد أصبح الظواهري المطلوب الرقم واحد بعد قتل بن لادن في الثاني من هذا الشهر. ولا بد أن القادة الآخرين سيصبحون أكثر حذراً، وقد يختفون عن الأنظار لفترة طويلة بعدما رأوا من تركيز إدارة أوباما على ملاحقتهم. ربما كان بن لادن غاب في الوقت المناسب، فقد انتهت مدة صلاحيته وثورات الشباب العرب أثبتت أن بالإمكان فرض التغيير بالوسائل السلمية، ومن دون عنف. وفي حين أنني أدين العنف بالمطلق، وأعارض العمليات الانتحارية إلا إذا استهدفت جنوداً إسرائيليين لا مدنيين، فإنني مع ذلك ألاحظ أن الأسباب التي أعلن بن لادن من أجلها الحرب سنة 1998 كانت صحيحة، خصوصاً الحصار على العراق الذي تسبب في موت مئات ألوف الأطفال بسبب المرض وسوء التغذية، والاحتلال الإسرائيلي بدعم سياسي واقتصادي وعسكري أميركي. كان السبب الثالث وجود القوات الأميركية في أرض الحرمين الشريفين، وبن لادن بدأ وليس عنده من المواقف غير هذا بعد الجهاد ضد السوفيات في أفغانستان، غير ان انضمام الظواهري اليه قرب نهاية ثمانينات القرن الماضي أعطى القاعدة بعداً عربياً وعالمياً يتجاوز جزيرة العرب. الظواهري طبيب وإرهابي محترف ارتكب تنظيمه جماعة الجهاد جرائم ضد المصريين والأجانب في مصر قبل أن يفر للالتحاق بالقاعدة. وكانت لنا في "الحياة" تجربة معه، فقد منعت وأنا رئيس للتحرير نشر مقابلة كنت طلبت إجراءها معه بعد أن وجدت انه يتهم السيدة سوزان مبارك وابنها جمال بالمتاجرة بالصواريخ في أفريقيا (وقد اتهمت أسرة مبارك بأشياء كثيرة منذ سقوط النظام ليست هذه التهمة بينها)، ويبرر لأسباب دينية قتل سياح أجانب كان بينهم متقاعدون يونانيون أصغرهم في السبعين، ومع ذلك زعم الظواهري انهم يأتون الى مصر لنشر الدعارة والإيدز. الظواهري هاجمنا لمنع نشر مقابلته ورددت عليه بعنف، وتلقينا بضع عشرة رسالة مفخخة أرسلت من الإسكندرية الى مكاتب "الحياة" في نيويورك وواشنطن وغيرها قرب بداية 1997، وانفجرت واحدة فقط في لندن أصابت بجروح اثنين من الحراس. أقرأ الآن ان الظواهري انفصل عن بن لادن منذ حوالى ستّ سنوات، أي من تاريخ انتقال زعيم القاعدة الى البيت الذي قتل فيه، غير أنني أرجح أنه كان هناك تقاسم أدوار، وأن الظواهري قاد العمليات الإرهابية، فهو أذكى كثيراً من بن لادن، وله علاقة مباشرة بقادة الإرهاب في البلدان العربية والعالم الخارجي. أبو بكر الحسيني البغدادي، زعيم القاعدة في العراق، عزّى عبر موقع لدولة العراق الإسلامية، قادة القاعدة "وعلى رأسهم" الظواهري، في وفاة بن لادن، فبدا وكأنه يرشحه للقيادة، مع ان البغدادي نفسه مرشح للمنصب بسبب مهاراته الميدانية. والقدرة على التخطيط والتنفيذ هي أيضاً وراء طرح اسم أبو يحيى الليبي الذي فر من قاعدة باغرام الأميركية في أفغانستان سنة 2005 ويقود العمليات ضد الأميركيين هناك، واسم سيف العدل وهو مصري متهم في تفجير السفارتين الأميركيتين في تانزانيا وكينيا حيث قتل 224 شخصاً في سنة 1998، غير أن الليبي يفضله لأنه، إضافة الى نشاطه الإرهابي، يعتبر عالماً دينياً عميق المعرفة. ثم هناك أنور العولقي الذي ولد في أميركا وهو من دون خبرة ميدانية إلا أنه مشهور بقدراته الخطابية، بالعربية والإنكليزية، وأيضاً ناصر الوحيشي الذي فرّ من سجن في اليمن سنة 2005 ليصبح قائد القاعدة في جزيرة العرب. لا أستبعد اسماً ممّن سبق، إلا أنني أظل أرجح صعود أيمن الظواهري الى القيادة. [email protected]