توقعت أوساط سياسية يمنية أمس أن يزور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني صنعاء غداً السبت في مسعى جديد لإقناع طرفي الأزمة في البلاد، الحكم والمعارضة، بتوقيع اتفاق المبادرة الخليجية في إطار جهود دول الخليج لإيجاد مخرج سياسي ووقف التداعيات الخطيرة للوضع الراهن على أمن اليمن واستقراره ووحدته. وقالت هذه الأوساط إن الزياني سيتطرق مع الأطراف المعنيين إلى مختلف التفاصيل الكفيلة بإنجاح المبادرة الخليجية، خصوصاً أنها تحظى بدعم واسع من المجتمع الدولي الذي دان أمس بشدة العنف والقمع اللذين تمارسهما السلطات ضد المتظاهرين، ودعا الأطراف إلى التزام نص المبادرة الخليجية لجهة تحقيق انتقال سلمي فوري للسلطة. وكان الزياني استنكر العنف الذي شهده اليمن الأربعاء وخلّف عشرات القتلى والجرحى، وأعرب عن «أسفه وألمه لسقوط ضحايا من أبناء اليمن الشقيق»، وقال إن «اللجوء إلى العنف لن يؤدي سوى إلى سفك المزيد من الدماء اليمنية الزكية وتهديد الأمن والاستقرار في البلاد»، كما ناشد «الأطراف المعنيين كافة العودة إلى المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة باعتبارها الحل الأمثل والأفضل للخروج من الوضع المأسوي الذي يعيشه اليمن ووقف نزيف الدم وتجنيب البلاد المزيد من التدهور الأمني والانقسام السياسي». وكانت المدن اليمنية شهدت خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية تصعيداً أمنياً خطيراً نتيجة استمرار المواجهات الدامية بين قوات الشرطة والجيش من جهة وبين المتظاهرين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح من جهة ثانية، ما أوقع المزيد من الضحايا في صفوف المحتجين، سقط معظمهم بالرصاص بعد محاولات المحتجين اقتحام المقار الرسمية ومحاولات القوى الأمنية اقتحام ساحات الاعتصام في صنعاء وباقي المحافظات. وفي هذا السياق دعا «مجلس تنسيق ائتلاف الثورة» في «ساحات التغيير والحرية» الشعب اليمني بكل شرائحه إلى إحياء جمعة «الحسم» اليوم بمشاركة مليونية «تعبيراً عن إدانة المجازر التي يرتكبها نظام صالح بحق شعبه وفي إطار برنامج التصعيد السلمي ضد النظام حتى إسقاطه». كما طالبت أحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» دول الخليج والمجتمع الدولي ب «التدخل لوقف جرائم النظام ضد الشعب اليمني»، في حين جدد «شباب الثورة» رفضهم المبادرة الخليجية واتهموا دول مجلس التعاون الخليجي ب «التواطؤ مع نظام صالح ومنحه ضمانات بعدم ملاحقته على الجرائم التي يرتكبها أركان نظامه». وكانت المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية تجددت أمس في معظم أنحاء اليمن، فقتل بضعة اشخاص وأصيب العشرات من المحتجين برصاص الشرطة في محافظتي البيضاء وتعز (جنوب البلاد)، كما ارتفع عدد الضحايا الذين سقطوا في مواجهات العاصمة صنعاء أول من أمس إلى 12 قتيلاً وأكثر من 100 جريح بعضهم في حال خطرة، الأمر الذي زاد المخاوف من انزلاق البلاد نحو دوامة واسعة من العنف. وذكرت مصادر محلية في البيضاء ل «الحياة» أن المتظاهرين اقتحموا مقر حزب «المؤتمر الشعبي العام» بعدما فتح مسلحون كانوا يعتلون سطحه النار على مسيرة احتجاجية وقتلوا شخصين وجرحوا سبعة آخرين، فأضرموا النار فيه واعتقلوا أحد المسلحين. وفي تعز أصيب عشرات المتظاهرين بالرصاص أمس، وقال شهود إن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرة كانت متجهة نحو مقر فرع وزارة المالية، فجرحت نحو 30 شخصاً أحدهم في حال الخطر، في حين أصيب أكثر من 220 آخرين بالاختناق. ودان الاتحاد الأوروبي أعمال العنف التي ترتكبها القوات اليمنية ضد المتظاهرين سلمياً، وقالت الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية كاثرين آشتون في بيان «أتابع بقلق بالغ التطورات في اليمن وأدين بأشد العبارات العنف والقمع المتواصل للمحتجين في صنعاء وتعز والمدن اليمنية الأخرى»، ودعت الحكومة اليمنية وقوات الأمن إلى وقف اللجوء إلى العنف فوراً، كما رحبت ببيان القمة التشاورية الخليجية الذي حض الأطراف اليمنيين على توقيع خطة الانتقال السلس للسلطة، وقالت «أود أن أضم صوتي إلى أصوات الزعماء الخليجيين في دعوة الجانبين إلى توقيعها وتنفيذها من دون مزيد من التأخير، لأن الوقت حان وانتظار اليمنيين طال». كذلك ندّدت الولاياتالمتحدة أمس بأعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن اليمنية ضد المتظاهرين ودعت إلى انتقال «فوري» للسلطة في البلاد. وقال نائب الناطق باسم الخارجية الأميركية مارك تونر في بيان إن واشنطن «قلقة جداً إزاء أعمال العنف الأخيرة في اليمن وتضم صوتها إلى صوت الاتحاد الأوروبي في الإدانة الشديدة لهذه الأعمال المثيرة للقلق». ودعا «كل الأطراف إلى توقيع وتطبيق الاتفاق فوراً لضمان انتقال سلمي ومنظم للسلطة».