يتسيّد الكتاب الورقي قلب الحدث الثقافي في معرض جدة للكتاب، الذي اختتم فعالياته أخيراً، في عروس البحر الأحمر، إلى جانب التطورات الرقمية في قطاع الكتب وتسويقها، وفي ظل الثورة الرقمية، التي يشهدها العالم في هذا القرن، واجه الكتاب تحولاً من شكله الورقي إلى شكله الإلكتروني، وانتشر انتشاراً واسعاً بين القراء والكتاب، وبخاصة مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تضاهي الصفحات الورقية للكتب التقليدية. فيما تنعكس حسابات هذه المنافسة بين الكتاب الورقي والإلكتروني كلياً في «معرض الكتاب»، وتبدو منصات الكتب الإلكترونية، التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، يتيمة في أروقته، واقتصرت على دور عدة، أبرزها «سيبويه»، وبين أجنحة معرض جدة الدولي للكتاب، الذي تشارك فيه أكثر من 500 دار نشر، من أكثر من 42 دولة، تظهر منصة بيع الكتب الإلكترونية وحيدة بين أكثر من 3 ملايين ونصف المليون كتاب. وعلى رغم انتشار الكُتب الإلكترونية عبر الإنترنت، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هناك من يُفضل الكتاب الورقي «التقليدي»، عبر تصفحه باليد، وقراءته صفحة صفحة، والدليل القاطع على ذلك الأعداد الكبيرة التي تشاهدها معارض الكتاب، الذي تجاوز زواره ال200 ألف، بمعدل قوة شرائية كبيرة، على أنه ما زال بعض الناس يحبون قراءة الكتاب، على رغم سيطرة التقنية. إذ يؤكد قول أحد العاملين في دور النشر بالمعرض؛ إسلام عيد: «إن الكتب الإلكترونية تحظى بقبول واهتمام الأشخاص، وأصبحت يوماً بعد يوم تأخذ الناس إليها لسهولتها، لكن رواد المكتبات يحملون إلى جانب الكتب الورقية نسخاً إلكترونية منه، وكثير من الناس يأتون إلينا، ليشتروا الكتاب الورقي والحصول عليه بنسخته الورقية، التي اعتادوا عليها». ويضيف: «لا يمكن للكتاب الإلكتروني أن يزيح الكتاب الورقي التقليدي، بالعكس هو يعزز الورقي أكثر، لأن الأجهزة الإلكترونية ستبقى محدودة عند أشخاص معينين، والباحثون الكبار وبعض الطلاب يفضلون الكتب الورقية أكثر». بينما تقول إحدى زائرات المعرض شهد مشرف: «أصبحت القراءة التقليدية، من خلال الكتاب، على وشك الاختفاء، فنحن نعتمد على الهاتف بكل شيء، ولا أحب أن أمسك في يدي الكتاب، فكل اعتمادي على الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكنني أحب اقتناء الكتاب الورقي، حتى لو استطعت الحصول عليه إلكترونياً». ويعتقد الدكتور خالد الغريبي، أحد زوار معرض الكتاب أن «القراءة وهواية مطالعة الكتب نوع من أنواع العادات السليمة، فالطفل يتعلم منذ الصغر احترام الكتاب واستخدامه في المدرسة، وهذا لا يقتصر على الكتب المدرسية، فالكتاب دائماً موجودة وبكل مراحل الإنسان، فيجب على الأسرة تقليص استخدام الأجهزة اللوحية لدى الأطفال وعدم استبدال القراءة التقليدية من الكتب باللوحية، وذلك لما لهذه الكتب من قيم عدة تُزرع داخل الأطفال». وتختلف مواقف المهتمين بهذا الشأن، فبعضهم يؤكد أن الكفة ستميل مستقبلاً لمصلحة الكتاب الإلكتروني، فحجم مبيعات الكتاب الإلكتروني في تنام مستمر، وعلى رغم ارتفاع مستوى مبيعات الكتب الورقية عبر الإنترنت أيضاً، فإن نسبة مبيعاتها في انخفاض، ولكن معارض الكتب والإقبال المتزايد عليها يعكس تلك الفرضيات حيال تراجع الناس عن اقتناء الكتاب الورقي.