لجأت السلطات السورية أمس إلى استخدام القفازين الأمني والسياسي معاً في التصدي للإحتجاجات الشعبية في البلاد، إذ اطلقت سراح مجموعة من المعارضين بعد لقاء ضم ناشطين والمستشارة الإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان، لكنها وسعت في الوقت ذاته انتشار الجيش في المدن والقرى التي تشهد احتجاجات تزامنا مع «ثلثاء النصرة» الذي دعا إليه ناشطون للمطالبة بالإفراج عن آلاف المعتقلين. وقال شهود وناشطون إن قوات الجيش دخلت قرى مجاورة لدرعا بينها انخل وجاسم والصنمين ونوى وداعل. كما أعلنوا أن قوى الأمن باتت تسيطر ب «شكل كامل» على أنحاء بانياس حيث تستمر حملة اعتقالات واسعة فيها وفي القرى المجاورة لها مثل البيضا والمرقب. جاء ذلك في وقت اكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن المعلومات التي بحوزة تركيا «تفيد بأن عدد القتلى من المدنيين خلال الاحداث (في سورية) تجاوز الألف». وعن إطلاق عدد من المعارضين، قال الناشط لؤي حسين إن القضاء السوري أطلق أمس الكاتب فايز سارة والناشط كمال شيخو والقيادي المعارض جورج صبرا، موضحاً ان اطلاقهم جاء عقب اجتماع عقده وآخرون مع مستشارة الرئيس السوري. واضاف: «قلنا لهم ان على السلطات السماح بالتظاهر السلمي والاعتصام السلمي كي يتمكن المحتجون من التوافق على برنامج سياسي لاختيار ممثليهم للحوار مع السلطات». وتابع «كان هناك تجاوب ونحن في انتظار التنفيذ. بدأوا باطلاق سراح الناس... ما يعني اننا يمكن ان نستمر في التواصل معهم من اجل التوصل الى مخرج سياسي». وكانت شعبان أعتبرت في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» أن الأخطر في الاحتجاجات «قد مر»، وأن الحكومة أصبح لها اليد العليا. ونقلت الصحيفة عنها قولها إن الرئيس السوري بشار الأسد طلب منها إجراء محادثات مع بعض الناشطين وانها التقت في الأسبوع الماضي مع شخصيات معارضة عدة ووعدتهم بصحافة حرة وأحزاب سياسية وقانون للانتخابات. وتابعت شعبان: «سنوسع الحوار خلال الأسبوع المقبل أو نحو ذلك». من ناحيته قال رجل الاعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس الأسد، في حوار مع الصحيفة الاميركية نفسها إن التغيير في سورية «ربما جاء متأخراً ومحدوداً»، غير انه شدد: «حتى إذا كان هناك تأخير، فإن هذا ليس نهاية العالم»، محذراً من ان البديل من النظام الحالي «سيكون السلفيين، ما يعني حربا في الداخل وربما في الخارج». وتابع مخلوف: «لن نقبل بهذا. الناس ستقاتل ضدهم (السلفيون)... هذا يعني كارثة». وأضاف: «اذا لم يكن هناك استقرار في سورية، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل... ليس هناك طريقة او شخص يمكن ان يضمن ماذا سيحصل، لا سمح الله، لو حدث شيء لهذا النظام»، موضحا: «ما أقوله هو: لا تدعونا نعاني. لا تمارسوا ضغوطا على الرئيس. لا تدفعوا سورية الى فعل ما لا يسعدها القيام به». ميدانيا، قال شاهد انه سمع إطلاق نار كثيف في ضاحية المعضمية في جنوب غربي دمشق. واضاف: «حاولت الدخول من المدخل الرئيسي للمعضمية لكن كان هناك عشرات الجنود يحملون بنادق ويعيدون السيارات». فيما أفاد ناشط حقوقي آخر في المعضمية أن «سيارات الأمن شوهدت وهي تنقل معتقلين من أهالي المدينة». وتظاهر نحو مئتي شخص في وسط دمشق ليل اول من امس مطالبين برفع الحصار عن المدن السورية قبل أن تعمد قوات الأمن إلى تفريقهم وتعتقل عدداً منهم وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال في بيان إن «المتظاهرين تجمعوا في ساحة عرنوس وسط دمشق وأدوا النشيد الوطني السوري وأناشيد وطنية أخرى»، لافتاً إلى أن قوات الأمن اعتقلت العديد منهم، بينهم الكاتب والصحافي عمار ديوب والطبيب جلال نوفل. ولفت ناشطون إلى «تظاهرات ليلية» جرت في دير الزور والجزيرة شمال شرق سورية وريف درعا. وذكر المرصد السوري أن «السلطات الأمنية شنت حملة اعتقالات في منطقة السلمية وسط سورية طالت خمسين ناشطاً سياسياً». وتحدث ناشط حقوقي عن «اعتقالات جرت في اللاذقية وفي ريف دمشق وفي إدلب». في موازاة ذلك قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه على اتصال وثيق مع القيادة السورية، موضحا أنه اكد للرئيس الاسد ضرورة وقف اطلاق النار على المتظاهرين. وأوضح في حديث الى القناة السابعة التركية إن «القيادة السورية تقول أن 7 من رجال الامن قتلوا، لكن المعلومات التي ترد الى تركيا تفيد بأن عدد القتلى من المدنيين خلال هذه الاحداث تجاوز الألف قتيل». وأوضح أردوغان أن ما يحدث في سورية يهم تركيا «لان بينهما حدوداً برية مشتركة طويلة وتداخل اجتماعي كبير». وأضاف أنه طلب من الاسد رفع حال الطواري، ولا يجد مبررا لاستمرار الممارسات الامنية في سورية بنفس الاسلوب، مشيرا الى أن سورية «شهدت في السابق مأسي حماه وحمص ولا نريد أن تتكرر تلك المآسي من جديد». الى ذلك، دخلت عقوبات الاتحاد الاوروبي ضد 13 مسؤولاً سورياً، اضافة الى الحظر على الاسلحة، حيز التطبيق اعتبارا من امس. وقالت الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي ان ماهر الاسد، الشقيق الاصغر للرئيس السوري، يتقدم لائحة العقوبات التي تنص على تجميد اصول مالية والمنع من دخول دول اراضي الاتحاد الاوروبي.