ردّت السلطة الفلسطينية بقوة على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع المساعدات المالية عنها إن لم تعد إلى المفاوضات مع إسرائيل، وأعلنت أنها لن تخضع ل «الابتزازات»، معتبرة أن «القدس ومقدّساتها ليست للبيع». لكنّ مسؤولاً فلسطينياً بارزاً استبعد وقف المساعدات، معتبراً أن «انهيار السلطة ليس مصلحة إسرائيلية ولا أميركية»، وموضحاً أن هذه المساعدات تنفق على حفظ الأمن والخدمات، وتُعفي الاحتلال الإسرائيلي من مسؤولياته. وكان ترامب غرّد ضد السلطة الفلسطينية فجر أمس، مهدداً بوقف المساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين. وقال إن واشنطن تعطيهم «مئات الملايين من الدولارات سنوياً ولا تنال أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاق سلام مع إسرائيل تأخّر كثيراً». وتساءل: «في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدّم إليهم أياً من تلك المساعدات الكبيرة مستقبلاً؟». وجاءت تغريدات ترامب بعد خطط كشفتها السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أول من أمس، لوقف تمويل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، إذ قالت إن ترامب لا يريد إعطاء أي تمويل إضافي، أو وقف التمويل، ريثما يوافق الفلسطينيون على العودة إلى طاولة المفاوضات. وكانت السلطة الفلسطينية تتلقى مساعدة سنوية من الإدارات الأميركية المتعاقبة قدرها 400 مليون دولار، لكنها تقلّصت كثيراً منذ وصول ترامب إلى الحكم، علماً أن موازنة السلطة العام الماضي بلغت 4.4 بلايين دولار بعجز قدره 870 مليوناً. وقال المستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى ل «الحياة»، إن السلطة تلقت مساعدات غير مباشرة من الإدارة الأميركية عامي 2016 و2017 قدرها 260 مليون دولار فقط. وأوضح أن هذه المساعدات كانت تذهب في ثلاثة اتجاهات: الأول إلى الشركات والمؤسسات الإسرائيلية التي تورّد خدمات الكهرباء والطاقة إلى السلطة، والثاني إلى المستشفيات والقطاع الصحي في القدس، والثالث إلى مشاريع البنى التحتية التي تنفذها الوكالة الأميركية للتنمية مباشرة. وأضاف أن وقف المساعدات الأميركية سيزيد نسبة العجز والمصاعب التي تواجهها السلطة، و «سيترتب عليه البحث عن مصادر بديلة، لكن بالتأكيد لن يؤدي إلى انهيار السلطة». لكنه أشار إلى أن وقف المساعدات الأميركية عن «أونروا» ستترتب عليه عواقب سياسية، موضحاً أن «قضية اللاجئين واحدة من القضايا الرئيسية للحل النهائي، واللاجئون ينتظرون حلاً سياسياً لقضيتهم، وفي حال ملاحقتهم في الخدمات التي يتلقونها، فإن ذلك سيفقدهم الأمل في أي حل سياسي وسيُعزز التشدّد السياسي». ويرى كثيرٌ من المراقبين أن الضغوط المالية الأميركية والإسرائيلية على السلطة، لن تصل إلى مرحلة دفعها إلى الانهيار بسبب العواقب السياسية والأمنية والمالية المترتبة عن ذلك، مرجحين أن تقتصر الإجراءات على الضغوط الجزئية. وقال مسؤول فلسطيني بارز إن «انهيار السلطة ليس مصلحة إسرائيلية ولا أميركية»، موضحاً أن «السلطة تتولى الخدمات التي كان على إسرائيل القيام بها، كما تتولى حفظ الأمن. وفي حال انهيارها، فإن على إسرائيل أن تتولى الخدمات بصفتها دولة الاحتلال». وتابع أن «السلطة الفلسطينية تجمع مساعدات من الدول العربية، ومن حول العالم لتمويل الخدمات، وفي حال انهيارها، فإن على إسرائيل أن تواجه هذه المشكلة بمفردها، وهو ما لا يريده أي إسرائيلي». وقال إن «انهيار السلطة يعزز مساعي حل الدولة الواحدة، وهذا ما لا تريده الحكومات الإسرائيلية». وأكد مسؤولون ل «الحياة» أن ترامب يحاول أن يوجّه ضغطاً مالياً وسياسياً على السلطة من أجل العودة إلى المفاوضات، وتالياً قبول خطته للحل. لكنهم حذّروا من أن الخطة التي أعدها فريق ترامب تمثل صورة لرؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وتقوم على منح الفلسطينيين حلاً على نصف مساحة الضفة دون القدس واللاجئين والحدود.