طرح ضعف قدرة الأحزاب على حشد أنصارها للتصويت في انتخابات الرئاسة المصرية التي تختتم اليوم وتنافس فيها وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي والقيادي الناصري حمدين صباحي، تساؤلات عن دور الأحزاب ومستقبلها. وغابت الأحزاب عن المشهد الانتخابي واكتفت بإعلان دعمها أحد المرشحين، لكن هذا الدعم لم يؤتِ ثماره على الأرض في يومي الاقتراع. وبدا واضحاً أن السيسي وصباحي لا يعتمدان على ظهير سياسي وإنما على قدرتهما وحملتيهما على إقناع الأنصار. فباستثناء حزب «النور» السلفي الذي نشط في المدن والقرى التي يتمركز فيها أنصاره، برز غياب الآلة التنظيمية للأحزاب التي دعمت المرشحين وعدم قدرتها على لعب دور الآلة الانتخابية التي كانت تميز جماعة «الإخوان المسلمين» واعتمدت عليها في الفوز في الاستحقاقات التي أجريت عقب إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك. ويلزم الدستور بالبدء في إجراءات الاستحقاق البرلماني قبل منتصف تموز (يوليو) المقبل، لكن الجدال لا يزال محتدماً في شأن قانون تنظيم التشريعيات، بعد إصرار السلطة على التوسع في المنافسة بالنظام الفردي، ما ترفضه غالبية الأحزاب التي تطالب بالمناصفة بين الفردي والقوائم. وبدا واضحاً أن المستقلين سيكون لهم دور بارز في البرلمان المقبل، إذ استغل هؤلاء الاستحقاق الرئاسي في الترويج لأنفسهم عبر لافتات جمعتهم مع المرشح الرئاسي الأوفر حظاً عبدالفتاح السيسي، فيما كانت لافتات الأحزاب الداعمة للمرشحين تنتشر على استحياء. وسعى حزب «النور» الداعم للسيسي إلى عرض قوته قبل الاستحقاق التشريعي، إذ خصص حافلات لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع في المدن التي تمثل معاقل له. ونشط شباب الحزب أمام اللجان للترويج للسيسي تارة وتوجيه الناخبين إلى مراكز الاقتراع تارة أخرى. وقال الأمين العام للحزب جلال مرة إن «النور يساعد في إنجاح العملية الانتخابية من خلال توفير وسائل لنقل المواطنين إلى اللجان، ولا نوجههم إلى انتخاب أحد المرشحين»، معتبراً أن «إنجاح الانتخابات انحياز إلى الشعب المصري». وأضاف أن «الشعب واعٍ ويدرك حجم الخطورة التي تواجهها الدولة». وتوقع أن تكون المشاركة في السويس «أعلى من الاستفتاء الماضي أو الانتخابات الرئاسية». وأقر القيادي في حزب «الوفد» عصام شيحة بأن معركة الرئاسيات «أظهرت بوضوح مدى ضعف الأحزاب وانفصالها عن الواقع». وأضاف أن «الأحزاب غابت عن المشهد بل أكاد أجزم بأن حزب النور وأعضاء الحزب الوطني السابق فقط هم من ظهروا في المشهد... هناك أزمة في الحياة الحزبية». وتوقع أن يعقب الرئاسيات «تغيير في الخريطة الحزبية». وأوضح أن «الرأي العام لن يقبل ب92 حزباً لا وجود لها على الأرض... سينعكس ضعف الأحزاب على الوجود في البرلمان، ولن يحصل تيار سياسي على أكثرية المقاعد. سنكون أمام برلمان مفتت». وأضاف أن «الأحزاب لديها تخوف شديد من قانون الانتخابات التشريعية» الذي طرح للحوار المجتمعي ويعتمد النظام المختلط للمنافسة على مقاعد البرلمان مع التوسع في النظام الفردي. ويرى الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية» عمرو هاشم ربيع أن «الأحزاب في مصر ضعيفة وغير موجودة في الرئاسة. لدينا أكثر من 90 حزباً وليس لهم مرشح في الرئاسيات. نحن أمام مشهد غريب». وأشار إلى أن «كلا المرشحين يعتمد على شعبيته بشخصه، ولا يعتمد على آلة تنظيمية تجلب له الأنصار». لكنه لم يستبعد أن يكون للأحزاب «اداء أفضل بعض الشيء» في الانتخابات البرلمانية، وإن اعتبر أن قانون تنظيم التشريعيات «يشير إلى أن النظام لا يريد الأحزاب. سنكون أمام برلمان مفتت وضعيف يمكن السيطرة عليه». غير أن الناطق باسم حزب «الدستور» خالد داود رفض الطرح بتعطل الآلة التنظيمية للأحزاب، وإن أقر ب «ضعف إمكاناتها». وقال: «أعلنا دعمنا لصباحي، ونحاول حشد الناس لمصلحة مرشحنا، لكن في وسط أجواء التشكك والحملات المكثفة القائلة إن الرئاسيات محسومة سلفاً، كان من الصعب أن تكون الاستجابة كبيرة». ورفض مقارنة الانتخابات الحالية بسابقتها في العام 2012، قائلاً ان «المقارنة بالرئاسيات الماضية ظالمة. كان لدينا 13 مرشحاً لم يكن بينهم مرشح تدعمه الدولة والمؤسسات الإعلامية. حالة الإثارة غير موجودة هذه المرة، وكان هناك هجوم منظم على مدى الأشهر الماضية ضد الأحزاب السياسية. ندفع ثمن الحشد المكثف لدعم مرشح بعينه، وعلينا أن نضع في الاعتبار ضعف إمكانات حملة صباحي». ونبه إلى أنه «في حال أصر الحكم على التوسع في المنافسة بالنظام الفردي في قانون تنظيم التشريعيات لن يكون ذلك عاملاً مشجعاً لمشاركة الأحزاب في الانتخابات».