طغى التّصعيد الميداني أمس، على الاتصالات الدولية الهادفة إلى إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية، في حين سعى النظام وحلفاؤه إلى تحقيق المقدار الأكبر من المكاسب على أبواب مؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذي دعت إليه روسيا في سوتشي نهاية الشهر الأول من العام المقبل، وجولة تاسعة من مفاوضات السلام في جنيف يسعى إلى عقدها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا. وكثّفت القوات النظامية بدعم جوي روسي، هجومها الواسع عند الحدود الإدارية بين محافظتي إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط)، بهدف السيطرة على ريف إدلب الشرقي حيث استعادت عدداً من القرى والبلدات بعد طرد «هيئة تحرير الشام» وفصائل معارضة أخرى منها. وشنت المقاتلات السورية والروسية قصفاً هو الأعنف على المنطقة منذ أشهر، كما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وتسببت المعارك العنيفة بين القوات النظامية وفصائل المعارضة بمقتل عشرات ودفع عشرات العائلات إلى النزوح. وأحصى «المرصد» مقتل «27 عنصراً من القوات النظامية وحلفائها و20 مسلحاً من الفصائل في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة نتيجة المعارك» في بلدات عدة في المحافظة، وأشار إلى مقتل 21 مدنياً على الأقل من بينهم ثمانية أطفال منذ الخميس بسبب الغارات السورية والروسية المرافقة للهجوم في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية بمقتل مصوّر قناة «سما» الفضائية الموالية للنظام كرم قبيشو وإصابة مراسلها عبدالغني جاروخ «بنيران إرهابيي تنظيم جبهة النصرة» أثناء تغطيتهما المعارك في الريف الجنوبي الشرقي للمحافظة. في غضون ذلك، بدأ أمس خروج مسلّحي الفصائل ومدنيين من منطقة بيت جنّ، آخر معاقل المعارضة في الغوطة الغربية لدمشق، في اتجاه محافظتي إدلب ودرعا بعد تخطي عقبات حالت دون بدء تنفيذ اتفاق عقِد مع النظام، في استمرار مسلسل التهجير الذي شهدته مناطق سورية عدة في السنوات الأخيرة. وأشار التلفزيون السوري إلى أن المسلحين وعائلاتهم باشروا مغادرة بيت جنّ بعدما فقدوا مناطق كانوا يسيطرون عليها في معارك عنيفة مع القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها، فيما أشار ناشطون معارضون إلى بدء تهجير أهالي البلدة. وتوجه بعض المغادرين إلى إدلب في الشمال الغربي، وهي منطقة تحت سيطرة المعارضة، فيما كانت وجهة آخرين منطقة خاضعة للمعارضة السورية في درعا. وأتى الاتفاق بعد حملة عسكرية استمرت نحو 115 يوماً، تعرضت فيها المنطقة لقصف عنيف وحصار خانق دام 4 سنوات. وتحظى بيت جنّ القريبة من هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل بأهمية استراتيجية نظراً إلى دور «حزب الله» في قتال المعارضة هناك. وقرب دمشق، انتهت ليل الخميس- الجمعة عملية إجلاء 29 مريضاً، من بينهم 17 طفلاً، إضافة إلى 56 شخصاً ممن يرافقونهم من الغوطة الشرقية التي تحاصرها القوات النظامية، مقابل إفراج الفصائل المعارضة عن عددٍ موازٍ من العمال والأسرى كانوا محتجزين لديها. واستغرق الإجلاء ثلاثة أيام، وشملت آخر دفعة 13 مريضاً هم ستة أطفال وأربع نساء وثلاثة رجال، وفق مصدر طبي محلي في الغوطة. وأوضح «الهلال الأحمر» أن المرضى الذين أجلوا منذ الثلثاء «يعانون من حالات صحيّة مختلفة مهدِّدة حياتهم وتتطلب رعاية صحيّة معززة في المستشفى»، فيما بقيت عشرات الحالات التي تحتاج إلى إجلاء فوري داخل المنطقة المحاصَرة التي تعيش ظروفاً حياتية قاسية.