تميز عام 2017 في تونس بتردي الأوضاع الاجتماعية، حيث ارتفعت وتيرة الاحتجاجات في مناطق إنتاج النفط والغاز جنوب البلاد، ما خلق أزمة خانقة تجاوزتها الحكومة بصعوبة، في مقابل تحسن جزئي في الوضع الأمني ظهر من خلال تفكيك عشرات الخلايا التكفيرية وتراجع وتيرة العمليات الإرهابية مقارنةً بالسنوات الماضية. وقدمت بداية العام الحالي امتحاناً صعباً لحكومة يوسف الشاهد مع إعلان شبان عاطلين من العمل الاعتصام في محطات ضخ النفط في منطقة «الكامور» التابعة لمحافظة تطاوين (جنوب شرق) ووقف ضخ النفط، تبعتها في ذلك مناطق أخرى في الجنوب، ما دفع بالحكومة إلى النزول بكل ثقلها لفض هذه الاعتصامات عبر التفاوض. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اتخذ قراراً مثيراً للجدال آنذاك يتعلق بدعوة الجيش إلى حماية حقول الإنتاج بسبب الاحتجاجات التي عطلت نقل الغاز والنفط بحقول الجنوب، وعبّرت فاعليات سياسية ومدنية عن تخوفها من هذا القرار، خشية إقحام المؤسسة العسكرية في الصراع السياسي والاجتماعي. في غضون ذلك، شهد الوضع السياسي فترة من عدم الاستقرار هذا العام، حيث أقال رئيس الحكومة وزير التربية ناجي جلول بعد أزمة مع النقابات، إضافة إلى إعفاء وزيرة المالية لمياء الزريبي بسبب تصريحات تتحدث عن تراجع متوقع لسعر صرف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، كما استقال وزير الاستثمار الفاضل عبدالكافي من منصبه بعد اتهامه في قضية مالية. كما أجرى الشاهد، تغييرات حكومية في مناسبتين، شملت وزارات الصحة والتربية والمالية والاستثمار والتجارة والصناعة والنقل والعمل والداخلية، وعرف التحالف الحكومي تحولات في تركيبته، بخاصة بعد مغادرة حزب «آفاق تونس» الليبرالي الحكومة في كانون الأول (ديسمبر) وعودة «الاتحاد الوطني الحر» إلى التحالف الحكومي بعد مغادرته مطلع 2017. وانبثقت حكومة الوحدة الوطنية في تونس في آب (أغسطس) 2016 عن «وثيقة قرطاج» التي بادر إلى طرحها السبسي ووقّعتها 9 أحزاب، إضافة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عاملية في البلاد) واتحاد أرباب العمل واتحاد المزارعين التونسيين. كذلك، كان عنوان الحرب على الفساد هو الأبرز خلال ال2017، حيث نفذت الحكومة حملة اعتقالات واسعة شملت رجال أعمال بارزين ومهربين وموظفين في الجمارك للاشتباه بعلاقتهم بالفساد وتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، ووُضِع المعتقلون قيد الإقامة الجبرية وفق قانون الطوارئ الساري في البلاد منذ سنتين. أما في شأن الوضع الأمني فقد تمكنت وحدات الشرطة والحرس الوطني (الدرك) من تفكيك 828 خلية إرهابية وإحالة حوالى 1000 شخص على القضاء بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال. وساهمت هذه العمليات الأمنية الاستباقية في إحباط هجمات مسلحة كانت تستهدف القوات التونسية والمنشآت الأمنية والعسكرية.