ارتفعت أسعار النفط أمس، بدعم بيانات قوية من الصين أكبر مستورد للخام في العالم، في ظل نشاط تداول هزيل قبيل عطلة نهاية السنة. ومع الاتجاه صوب 2018، يؤكد متعاملون أن أوضاع السوق تشير إلى تقلص الفجوة بين العرض والطلب نسبياً بسبب خفوضات الإمدادات الحالية التي تقودها «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (أوبك) وروسيا أكبر منتج للخام في العالم. وازدادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.3 في المئة إلى 59.82 دولار للبرميل. وتلقى خام غرب تكساس الوسيط دعماً من تقرير ل «معهد البترول الأميركي» الذي أظهر انخفاض مخزون النفط الخام ستة ملايين برميل إلى 432.8 مليون. وصعدت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج «برنت» 0.4 في المئة إلى 66.68 دولار للبرميل. ولفت متعاملون إلى أن ارتفاع الأسعار جاء بعدما نشرت الصين حصصاً استيرادية قوية لعام 2018، ما قد يؤدي إلى بلوغ مشترياتها مستوى قياسياً آخر. وتتقلص الفجوة بين العرض والطلب بعد خفوضات الإنتاج التي تقودها «أوبك» وروسيا. ولقيت أسعار الخام دعماً أيضاً من تعطل إمدادات في ليبيا وبحر الشمال. إلى ذلك، أظهر استطلاع لآراء المحللين أجرته وكالة «رويترز» ونشرت نتائجه أمس، أن من المتوقع أن تبقى أسعار الخام بالقرب من 60 دولاراً للبرميل في 2018 بفعل جهود خفض الإنتاج، وتوقعات بنمو قوي للطلب العالمي. وتوقع الاستطلاع الذي شمل 32 من خبراء الاقتصاد والمحللين، أن يصل متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج «برنت» إلى 59.88 دولار للبرميل في عام 2018 ارتفاعاً من 58.84 دولار للبرميل في الاستطلاع الشهري السابق. وقال رئيس بحوث السلع الأولية لدى «إل بي بي دبليو» فرانك شالينبرغر، إن «الطلب على النفط سيكون مرتفعاً عام 2018 مع نمو اقتصادي قوي في أنحاء العالم (...) الإمدادات ستكون منخفضة نسبياً بسبب التزام أوبك المرتفع». وأكد محللون أن «إمدادات نفطية كبيرة ستتجه إلى آسيا لتلبية الطلب القوي من المنطقة». وارتفعت الصادرات الأميركية إلى آسيا بالفعل مع ارتفاع أسعار خامات الشرق الأوسط نتيجة الخفوضات التي تقودها «أوبك»، وفارق السعر الكبير بين خام غرب تكساس الوسيط و «برنت». وتعافى إجمالي واردات النفط الخام إلى الصين، أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، ليسجل ثاني أعلى مستوى على الإطلاق في تشرين الثاني (نوفمبر) عند 9.01 مليون برميل يومياً. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام الأميركي الخفيف 55.78 دولار للبرميل العام المقبل، ارتفاعاً من توقعات الشهر الماضي ببلوغه 54.78 دولار للبرميل. ولفت محللون إلى أن «امتثال أوبك القوي باتفاق خفض الإمدادات من شأنه دعم الأسعار. غير أن زيادة إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة، التي لا تشارك في الاتفاق العالمي، ستكبح ارتفاع الأسعار». وتوقع بعض المحللين «أن يتجاوز إنتاج النفط الأميركي عشرة ملايين برميل يومياً العام المقبل». وتوقعت آشلي بيترسون من «ستراتاس أدفايزرز»، استمرار «نمو الإمدادات الأميركية العام المقبل، لكننا أقل قلقاً من عودة ظهور تخمة مفاجئة في المعروض، إذ إن زيادة تكاليف الحفر والتجهيز للإنتاج ستؤدي لتباطؤ نمو الإنتاج على الأرجح». ورجح محللون أن تجد الأسعار العام المقبل دعماً من تعطل إمدادات في ليبيا ونيجيريا واحتمال تجديد العقوبات الأميركية على إيران. في سياق منفصل، أظهرت بيانات حكومية وأخرى تتبع حركة السفن، أن واردات كبار المشترين الآسيويين من النفط الخام الإيراني انخفضت 29 في المئة في تشرين الثاني على أساس سنوي إلى أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2016. ووفقاً للبيانات، استوردت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية نحو 1.36 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني في الشهر الماضي. ويأتي هذا الانخفاض بعدما وصلت الواردات إلى مستويات مرتفعة في وقت سابق من هذه السنة والعام الماضي عندما زادت طهران الصادرات. وأفاد مصدر مطلع على جداول الناقلات في إيران، بأن «التباطؤ كان متوقعاً إذ انخفضت شحنات النفط المتجهة إلى آسيا لأقل من 1.5 مليون برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر)». وانخفضت واردات الصين، أكبر مشتر للخام الإيراني، 8.8 في المئة على أساس سنوي. واستوردت بكين نحو 557 ألفاً و900 برميل يومياً. كما خفضت شركات التكرير الهندية وارداتها من النفط الإيراني بأكثر من النصف في تشرين الثاني، وقلّصتها إلى أدنى مستوى في 21 شهراً احتجاجاً على قرار طهران منح امتياز حقل غاز ضخم لشركة روسية. وأظهرت بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، أن واردات اليابان من الخام الإيراني انخفضت 19 في المئة على أساس سنوي إلى 193 ألفاً و141 برميلاً يومياً. إلى ذلك، أكد مصدر في قطاع النفط أن ليبيا تضخ ما بين 190 ألفاً و200 ألف برميل يومياً إلى ميناء السدر. ولفتت مصادر بقطاعي الشحن البحري وتجارة النفط إلى أن الناقلة النفطية «المبروك» رست أول من أمس في الميناء، ومن المقرر تحميلها بمليون برميل لمصلحة شركة «يونيبك».