انتقد أعضاء مجلس الشورى أداء الهيئة العامة للإحصاء ومؤشراتهم التقليدية المتناقضة وغير الدقيقة مع الجهات الحكومية، مبينين أنها تهدر الوقت والجهد والمال، مؤكدين أنها تقدم معلومات اقتصادية وسكنية تقدمها الجهات الحكومية بشكل أدق منها. وقال العضو الدكتور عبدالله الجغيمان خلال مناقشة المجلس تقرير لجنة الاقتصاد والطاقة بشأن التقرير السنوي للهيئة العامة للإحصاء للعام المالي 1437-1438ه: «إن (هيئة الإحصاء) لديها سمنة معلوماتية، إلا أنها تعاني في الوقت ذاته من هزال في منتجاتها»، مبيناً أن «الهيئة» بحاجة إلى إعادة توجيه بوصلة العمل فيها لتتواكب مع الحاجات الوطنية الحالية والمستقبلية، وأضاف: «الحاجة إليها ملحة.. فأرجو أن تكون على قدر المسؤولية». متمنياً أن تتحول من هيئة عامة للإحصاء إلى هيئة عامة للمعرفة أو للمعلومات، وقال أيضاً: «إن تقديم منتجات وخدمات إحصائية محدثة ذات قيمة مضافة تتميز بالدقة والشمولية والصدقية هدف جميل يخدم التنمية، إلا أن أداء «الهيئة» لا يحقق هذا الهدف الجميل، إذ إن المنتجات والخدمات الإحصائية غير دقيقة، ولا تتسم بالشمولية، ولا تقدم قيمة مضافة للمستفيدين منها». واستطرد الجغيمان: «من حيث الدقة والصدقية، نجد اضطراباً في البيانات الواردة في تقرير الجهات والبيانات التي تصدرها الهيئة، أو وجود بيانات غير مقنعة من حيث واقعيتها، وقد حدث مراراً وجود تضارب بين الإحصاءات التي تقدمها «هيئة الإحصاء» مع جهات مثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وكذلك تضارب البيانات مع وزارة الإسكان والتعليم والصحة ومؤسسة التقاعد وغيرها كثير، تضارب في الأرقام قد يصل في بعض الأحيان إلى مئات الآلاف، بغض النظر عن تبريرات «الهيئة»، وخطأ من، طالما أن «الهيئة» هي المسؤول الأول عن البيانات في المملكة، فذلك يحتم عليها تحمل مسؤولية تناقض وتضارب الأرقام والبيانات». أما من حيث عدم الشمولية، قال الجغيمان: «أجده من المآخذ على «الهيئة»، عدم شمول جهدها ليغطي جميع المجالات، على رغم أنها تؤكد على أن من مهماتها تقديم معلومات شاملة لجميع القطاعات، فإن معظم البيانات التي تقدمها الهيئة تتجه نحو المعلومات السكانية والسكنية ومؤشرات اقتصادية، وهناك بيانات خجولة جداً في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة، ولا يخفى على أحد أن المسار التنموي في جميع المسارات يحتاج إلى إحصاءات وبيانات ومعلومات ومعرفة شمولية ودقيقة، ويتضح ذلك جلياً بمجرد النظر في المكتبة الإحصائية ل«الهيئة»، ويتضح أكثر عند تفحص المؤشرات الإحصائية في المجالات غير السكانية والاقتصادية، إذ تتسم تلك الإحصاءات بالقصور والمحدودية». أما من حيث عدم تقديم قيمة مضافة، أضاف: «من أهم المشكلات التي تواجه التخطيط الجيد غياب المعرفة، والحق أن الهيئة توفر معلومات تفصيلية لكثير من القطاعات والمجالات، إلا أن المشكلة ليست في غياب المعلومات، ولكن عدم توظيفها بشكل يجعل منها معرفة. لدى الهيئة ثروة معلوماتية هائلة إلا أنها لا تقدم معرفة. البيانات المقدمة تحتاج أن يكون لدى الجهات باحثون وخبراء ليتمكنوا من الاستفادة منها وتحويلها إلى معرفة تسهم في صناعة القرار أو صناعة منتج اجتماعي أو اقتصادي أو تعليمي...الخ. شيء آخر يتعلق بهذه القضية، من المفترض أن «هيئة الإحصاء» تقدم بيانات ومعرفة تسهم في تقويم أداء الجهات أيضاً، بدلاً من الاعتماد على المعلومات والبيانات التي تقدمها الجهات عن نفسها، وهو أمر يخل بالثقة في دقة هذه البيانات، مشيراً إلى أن المؤشرات التي تصدرها «الهيئة» مفيدة إلى حد ما في شكلها العام، إلا أن هذه المؤشرات والبيانات لا تعطي دلالة من دون ربطها بمؤشرات أخرى، سواء محلية أم دولية، ويمكن ل«الهيئة» اختيار معيارية دولية تحتكم إليها وتقارن بها المعلومات التي تجمعها عن بعض القطاعات». وأكد عضو مجلس الشورى أن منتجات «هيئة الإحصاء» تقليدية لا تتناسب وحاجات «رؤية 2030». وقال: «البيانات والمعلومات والمؤشرات التي تصدرها «الهيئة» ما زالت تقليدية، هناك حاجة إلى أن تصدر مؤشرات لجوانب أخرى غير تقليدية، مثل مؤشر الابتكار، ومؤشر البيانات الحكومية المفتوحة، ومؤشر الريادة، ومؤشر بدأ الأعمال، ومؤشر جودة التعليم، ومؤشر الإنفاق على التعليم والبحث العلمي، ومؤشر المشاركة الإلكترونية، ومؤشر الانطباع عن الفساد، وغيرها من المؤشرات المهمة التي تخدم «رؤية 2030» وتسهم في رسم خريطة معرفية متكاملة عن مكامن القوة والضعف في القطاعات والجهات والمناطق المختلفة». وأضاف: «من الهدر وضياع الجهد والمال أن تكون لدينا كل هذا الكم من البيانات والمعلومات ثم لا نستطيع إيصالها إلى المواطن العادي ليستفيد منها في حياته اليومية، أليس من المفترض أن تعمل هيئة الإحصاء على إصدار منشورات ورسائل توعوية قصيرة ومتنوعة في المجالات التي تهم المواطن العادي، تنشرها من خلال جميع الوسائل الإعلامية المتاحة، وترفع بها وعيه الاقتصادي والتربوي والصحي والاجتماعي. نعيش حالياً العصر الرقمي المبني على البيانات، لذا تسمى البيانات والمعرفة الناتجة منها نفط المستقبل، تستخدم البيانات في درس السوق لبناء اقتصاد قوي ومستدام، وتستخدم في تحليل الشبكات الاجتماعية لدرس المجتمعات والأفراد وتوجيه الرأي العام، وتستخدم في درس الأمراض المعدية وانتشارها، والتنبؤ بها قبل انتشارها، لذا سميت الثورة الصناعية الرابعة بأنها الثورة المعلوماتية. لن تستطيع «الهيئة» القيام بكل ذلك وهي لا تمتلك الأدوات، «الهيئة» بحاجة إلى باحثين وليس فقط إحصائيين، كما هي بحاجة إلى متخصصين في تحليل البيانات المعلوماتية وليس فقط محللي بيانات، في رأيي». إلى ذلك، طالبت لجنة الاقتصاد والطاقة في توصياتها التي رفعتها إلى «المجلس» الهيئة العامة للإحصاء بتطوير عمل الإحصاء من خلال العمل على تطوير إحصاءات مشروع التعداد السكاني لعام 2020، وتحديث نصف سنوي وسنوي لبيانات مسار مستويات دخل الأسر السعودية ومتوسط إنفاقها وحجم القوة الشرائية للمستهلك في الاقتصاد السعودي بحسب القطاعات، داعية إلى تطوير عمل الإحصاءات من خلال العمل على إصدار إحصاءات سنوية تفصيلية لنسب انخراط النساء في كل قطاع من القطاعات العامة والخاصة. وإضافة النوع (جندر) لجميع الإحصاءات المتعلقة بالعمل والمعلومات البنكية والاستثمارية، وإدراج الإحصاءات الاقتصادية والتي تشمل بيانات الاقتصاد الكلي. ودعت «اللجنة» إلى تنسيق عمل الهيئة العامة للإحصاء بالعمل على إصدار إحصاءات موحدة بالتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، والتعجيل في تطبيق مبادرة برنامج البيانات الإحصائية (مرصد)، مطالبة «هيئة الإحصاء» بالعمل على آلية تضمن انسياب الإحصاءات الرسمية إلى «الهيئة» بالآنية والشمولية المطلوبة وتنظيم مسألة نوعية المعلومات وخصوصيتها وتحديد معايير محددة لها بين «الهيئة» والجهات الأخرى المحلية والدولية، كما طالبت اللجنة بالتنسيق بين «الهيئة» والجهات الحكومية المعنية في توحيد خصائص وآلية إحصاءات حجم البطالة وعدد القوى العاملة في الاقتصاد الوطني. وطالبت لجنة الاقتصاد والطاقة «هيئة الإحصاء» بوضع الضوابط اللازمة لتقنين عملها بالأسلوب التجاري بما يتناسب مع أهدافها ولا يتعارض مع مهماتها الرئيسة، كما طالبتها بإعداد المؤشرات الأساسية المؤثرة في النشاط الاقتصادي والمجموعات الاقتصادية والشركات، وتوثيق التعاون في مجالات الإحصاءات مع المنظمات الدولية.