أسدل معرض جدة للكتاب ستاره يوم الأحد الماضي بعد أيام من الحراك الثقافي واقتناء الكتب، وكان المعرض شهد للمرة الأولى تنظيم فعاليات وصفت بالترفيهية، وكانت قوبلت بردود فعل مختلفة، كون مثل هذه الفعاليات تتوجه إلى جمهور عام ليس بالضرورة هاوياً للكتب والقراءة، أو أن هذه الفعاليات تخاطب الأسرة في شكل عام. من ناحيته، نوّه رئيس اللجنة العليا لمعرض جدة الدولي للكتاب محافظ جدة الأمير مشعل بن بن ماجد بالتنوع الذي حظيت به فعاليات المعرض في نسخته الثالثة «التي وصلت بالقارئ والمثقف إلى الأفق البعيد، إضافة إلى توسيع مداركه وربطه بثقافة القراءة والكتاب». وقال في تصريح صحافي على هامش ختام المعرض: «جاء دعم الحراك الثقافي بدعم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين، ولصانع الثقافة والأدب مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل بن عبدالعزيز النصيب الأكبر من رعاية هذا المشهد، الذي أوصل للعالم المكانة المميزة للمملكة واحتضانها الفعاليات والمعارض والمناسبات الثقافية، إضافة إلى الشراكة مع وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد، التي كان لها بالغ الأثر في عكس الصورة الحضارية لترسيخ مفهوم الثقافة للمجتمع بوجه عام وجدة بشكل خاص، لمقدرتها على استيعاب مثل هذه التظاهرات الثقافية العالمية»، مضيفاً أن التركيز في إدارة هذا المشهد الثقافي والرقي به كصناعة ثقافية مهمة «كان ينصب على مراعاة عناصر التجديد والتنوع في الإثراء المعرفي، ونشر الوعي وتثقيف المجتمع بالكتاب، وتجسيد الدور التكاملي بين مختلف الجهات العاملة في المعرض، والحرص على إظهاره بالصورة التي تخدم توجيهات القيادة الرشيدة واهتمامها بهذه الصناعة، وتنمية روح الانتماء إلى الكتاب، والاهتمام بحركة التأليف والنشر بشكل عام». من جهة أخرى، تنوعت الانطباعات التي أدلى بها مثقفون ل«الحياة» عن معرض جدة للكتاب في نسخته الجديدة، فالكاتب عبدالخالق الغامدي يرى أن المعرض من الناحية التنظيمية «انتقل نقلة نوعية جداً، فجودة التنظيم من المدخل، والمساحات الداخلية وسعتها كذلك، كل هذا رائع جداً، علاوة على دور النشر والمطبوعات، على رغم كونها من إصدارات العام الماضي وقلة الإصدارات الجديدة، إلا أن الإصدارات بشكل عام تُعتبر ممتازة»، إلا أنه يعتقد في ما يخص الجانب الشرائي «أن هناك ضعفاً نوعاً ما، وخشية ألا يكون هذا حافزاً لدور النشر بعدم حضورها ومشاركاتها في معارض الكتاب القادمة، أو على أقل تقدير اكتفاؤها بمعرض الرياض للكتاب، لكون شراء الكتب في جدة مازال متدنياً، وفي ما يتعلق بالجانب الثقافي والأمسيات التي أدرجت ضمن البرنامج الثقافي للمعرض، فأرجو أن تكون ذات فاعلية أقوى، على رغم ما شابها من ملاحظات في دقة المواعيد». في حين يقول الكاتب نبيل زارع إن المعرض «يتميز في كل عام عن الأعوام السابقة من خلال الحضور أو المشاركة. ونأمل خلال الأعوام المقبلة أن يكون هناك تميز أكثر وإضافات جديدة. زيادة دور النشر أيضاً تُعد نقطة يجب أن نشير إليها، فهي دلالة على قوة المعرض، وكذلك الفلكلورات والسينما والمسرح ليست فقط تهم المواطنين، بل كذلك الإخوة المقيمين والموجودين هنا في مدينة جدة». أما الباحث الشرعي عبدالله العلويط، فأوضح أن النوعية التي ترتاد المعرض «ليسوا من الشغوفين بالكتب أو المثقفين وإنما غالبيتهم من رواد أماكن الترفيه، ونلاحظ هذا من خلال طريقة الاطلاع على الكتب، أو الحضور في الممرات بشكل مكثف أكثر من الدور، الأمر الذي سيكون له تأثيره في الحضور للأمسيات ذات الطابع الفكري». ويصف الدكتور محمد مريسي الحارثي انطباعه عن المعرض بالجيد، «والسبب أنني أهديت فيه هذه الليلة ثمانية كتب للأصدقاء، ولم يتبقَّ منها كتاب واحد، وهذه دلالة على حيوية المعرض، ودلالة على شغف القراء بما يُقدم في هذا المعرض، وتأكيد على نشر الثقافة والوعي والعلم والمعرفة بين أفراد المجتمع، وحمل هذا المسؤولية من المواطنين وزوار المعرض دلالة على قيمة المعرض العلمية، التي وصلت إلى مستوى من الاطمئنان لدى المثقف والناشر وكل من له علاقة بصناعة الكتاب». ويرى الشاعر أحمد الحربي أن معارض الكتب بصفة عامة «هي سوق جميلة للمجتمع الثقافي، وما رأيته في معرض جدة للكتاب أن هناك أيضاً مجتمعاً يأتي ليسهم مساهمة فاعلة في اقتناء الكتب، على رغم أن نسبة من الحضور غير مهتمين بالكتاب. لكن يكفي أن نقول إن مجتمعنا مجتمع ثقافي، وإن معرض الكتاب يؤدي رسالة ثقافية للمثقف وللمجتمع بصفة عامة»، مشيراً إلى أنه يجد في دورة هذا العام «تنظيماً وترتيباً مختلفاً عن الأعوام التي سبقته، وفعاليات منوعة ومختلفة عن الأعوام السابقة، من مسرح وأمسيات شعرية كالمعتاد وندوات ومحاضرات، ويظهر لي أن القائمين على هذه الفعالية باتوا أكثر حنكة ودراية من المواسم السابقة، لأنهم اعتمدوا على العنصر الشاب الذي يُنادي دائماً بأن يُشارك الشباب في الفعاليات الثقافية». ويقول الشاعر عبدالله الأسمري: «لا شك في أن معرض الكتاب استضاف دور نشر أكثر من الأعوام السابقة، وكان لها حضورها القوي، وبالنسبة إلى الإصدارات فما زالت القصة والرواية في طليعة الإصدارات المُباعة، ولا يزال معرض جدة ظاهرة ثقافية تحرص وزارة الثقافة والإعلام على تنظيمه والاحتفاء به مع معرض الرياض للكتاب أيضاً، والحكمة تقول إذا أردت أن تُدمر شعباً فلا تُحرق مكتباته بل علمه كيف يكره الكتاب».