عندما يوضع القمح الكامل في قدر من الماء ثم يغلى على النار لفترة معينة إلى حين نضوجه جيداً فإن النتيجة تكون الحصول على طبق اسمه السليقة يستسيغه أهل الريف ويأكلونه ساخناً بعد تحليته بالعسل أو السكر ويقدمونه للضيوف، خصوصاً بمناسبة بزوغ أول سن عند الطفل. وأصبح الناس اليوم يتفننون في تقديم هذا الطبق بإضافة الزبيب أو المكسرات أو الدروبسات الملونة، ما يجعل الأطفال يقبلون عليه بلا تذمر. وكانت السليقة أيام زمان نموذجاً للتكاتف الاجتماعي، إذ يتجمهر الناس حول قدر كبير توضع فيه الحنطة ومن ثم يوقد تحته الحطب أو ما تيسر من غيره لإشعال النار، وبعد ساعات من الانتظار ينضج القمح ليعطي السليقة التي توزع على المتجمعين والمارة بحيث يأخذ كل منهم حفنة من هذه الأكلة القيمة. وتتمتع السليقة بخصائص غذائية وشفائية تجعل منها طبقاً حليفاً للصحة، هنا أبرزها: - تملك السليقة (القمح الكامل) مشعراً سكرياً منخفضاً، ما يعني أن السكريات الموجودة فيها تمتص ببطء وتذهب إلى الدم بوتيرة تتلاءم مع مستوى السكر في الدم بحيث لا تحصل التذبذبات السريعة علواً وانخفاضاً، كما الحال مع الأغذية الأخرى التي تملك مشعراً سكرياً مرتفعاً، ولهذا يُنصح بالسليقة للسكريين والبدناء والراغبين في خفض أوزانهم. - في السليقة كمية عالية من الألياف الغذائية غير الذوابة، أي التي لا تنحل في الماء، ما يعطيها القدرة على البقاء في المجرى المعوي لمدة طويلة، وهذا ما يساهم في زيادة وزن الكتلة البرازية التي يتم طردها بسهولة من القولون والمستقيم. وتضطلع الألياف بدور بالغ الأهمية في الحفاظ على صحة الأمعاء والقلب والأوعية الدموية، فهي تساهم في تنظيم عمل القولون وتحميه من الإصابة بالسرطان، وتعمل على خفض مستوى الكوليسترول المتهم الأول في قضية تصلب الشرايين والأمراض القلبية الوعائية. ومن باب العلم فإن 100 غرام من السليقة تحتوي أربع مرات أكثر من الألياف مقارنة بالكمية نفسها من الرز الأسمر. - تحتوي السليقة على مادة الليغنان التي تصنف ضمن عائلة مركبات البولي فينولات التي تعتبر من أقوى المركبات المضادة للأكسدة والسرطان، خصوصاً سرطان الثدي والقولون والبروستاتة. - في السليقة مجموعة جيدة من المعادن المهمة، على رأسها الحديد المضاد لفقر الدم، والزنك الضروري لعمل جهاز المناعة والجهاز التناسلي، والكلس المهم لبناء العظام والأسنان، والسيلينيوم المناهض للشوارد الكيماوية الحرة والمضاد للشيخوخة، والمنغنيز الذي يدخل في بنية الكثير من الأنزيمات والمركبات النشطة التي تفتت الدهون والسكريات والبروتينات من أجل استخلاص المشتقات اللازمة منها، والماغنيزيوم الذي يلعب دوراً محورياً في الكثير من الوظائف الحيوية في كل خلايا الجسم. - من جهة الفيتامينات، في السليقة مجموعة لا بأس بها خصوصاً فيتامينات الزمرة ب المهمة جداً للجملة العصبية.