تحفل شاشات الفضائيات ببرامج تتناول ما يرد في الصحافة المكتوبة من أخبار وتعليقات وتحليلات وزوايا وأعمدة وافتتاحيات. وهي برامج، وإن تعددت عناوينها، تتسم، في غالبيتها، بطابع نمطي يأخذ فقرات من هنا وهناك، ويرصد «المانشيتات» الفاقعة على عجل، ليجري عرض الحروف المكتوبة على الشاشة المضيئة في شكل يفتقر إلى الجاذبية، والذكاء، وكأن الأمر مجرد تقليد محض تتبعه غالبية الفضائيات لتملأ ساعات البث الطويلة. برامج قليلة، من هذا النوع، تنجو من فخ «الابتذال السائد» لتكون، بحق، مثالاً ناجحاً يستطيع جذب المشاهد، ولعل برنامج «سبعة أيام» الذي يقدمه عرفان عرب على شاشة «بي بي سي» العربية يحقق، إلى حد بعيد، هذا الهدف. البرنامج مختلف في الشكل والمضمون، فهو يرصد المواضيع التي ركزت عليها الصحافة المكتوبة خلال أسبوع، ويستعين بصحافيين كبار كي يفسروا هذه الاهتمامات الصحافية عبر تحليل مهني يستند إلى خبرة الضيوف الطويلة في المجال الصحافي، مثل جهاد الخازن أو أمجد ناصر وغيرهما ممن عملوا عقوداً في مجال الصحافة المقروءة ويعرفون خفايا اللعبة الصحافية، ويستطيعون قراءة «ما بين السطور». ولا يكتفي المقدم بهذا العرض العابر، بل يذهب مع ضيوفه نحو فضاءات أبعد مما قالته الصحافة، فيقدم هؤلاء وجهة نظرهم حول هذه القضية أو تلك في معزل عن اتجاه الصحيفة، ليتجاوز البرنامج حدود كونه يعرض موضوعاً صحافياً إلى آفاق أرحب توضحها آراء المشاركين. وثمة قاعدة إعلامية معروفة تقول إن الطريقة المناسبة لمعرفة توجهات صحيفة ما، تكمن في «سلة المهملات»، أي في ما أغفلته الصحيفة وتجاهلته. وهذا سؤال رئيس في البرنامج، إذ يحاول مقدم البرنامج، بعدما يستعرض اهتمامات الصحافة لأسبوع، أن يعرف ما هو الموضوع المهم الذي لم يأخذ نصيبه من الاهتمام في الصحافة، وكان جديراً بذلك. هذه الفقرة، تبين أن للصحافة أجندات، إذ تبالغ حيناً وتتجاهل أحياناً، وفقاً لتلك الأجندات. غير أن اللافت، هنا، هو أن الخدعة تنطلي، غالباً، على الإعلام العربي، إذ يحذو على نحو «ببغائي» حذو إعلام لا يتفق معه في الأهداف، كنوع من «التقليد الأعمى»، فيركز على ما تركز عليه محطة «سي إن إن»، مثلاً، من دون تدقيق. وبما أن أي صحيفة لا تخلو من رسم كاريكاتوري، فإن ثمة فقرة تتوقف عند هذه الرسوم، ويغلب عليها طابع الدعابة الخفيفة في محاولة من البرنامج للتخفيف من سطوة القضايا الجادة. يتكامل كل ذلك مع فضاء استوديو يتميز بهدوء اللون والإضاءة مع شاشة في العمق تستعرض صوراً للموضوع المطروح، ومقدم يعرف كيف يدير الحوار ويقسم الوقت، ومطلع على ما يثيره من مواضيع ليفلح في النهاية في إنجاز مادة إعلامية تستحق المشاهدة، والثناء.