أوضح مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام الشاعر أحمد الملا، أن «استعدادات الدورة الجديدة لمهرجان بيت الشعر، دورة علي الدميني، متوالية منذ خمسة أشهر، بحسب برمجتها في خطة تنفيذ مهرجان بيت الشعر الذي ينطلق غداً، وهاهي في طور اكتمالها ونقترب من ساعة الصفر لحظة الافتتاح في الساعة السادسة من مساء الغد، ويستمر أربعة أيام»، مؤكداً في تصريح ل«الحياة»، أن جميع فرق الجمعية «مستنفرة للعمل المتواصل على جميع الصعد الفنية بمختلف تخصصاتها الإدارية والإعلامية واللوجستية؛ حرصنا الشديد على المحتوى الجيد مقترناً بالشكل الباهر». وأضاف الملا أن «كل ما نطمح إليه هو تقديم ما يليق بالمهرجان وشخصيته المكرمة والشعراء والأدباء والفنانين المشاركين وجميع الضيوف من الحضور الذين تمتلئ بهم قاعات المهرجان في ظاهرة استثنائية لجمهور الشعر». وفي ما يخص إطلاق اسم الشاعر علي الدميني على الدورة الثالثة من المهرجان، أكد أحمد الملا أن إدارة المهرجان ومستشاريه «أجمعوا على اختيار الشخصية المكرمة، وإطلاق اسم الشاعر الدميني على الدورة الثالثة.. لترسيخ تقليد غير مسبوق في مهرجاناتنا العربية (على حد علمي)»، لافتاً إلى أن الشاعر علي الدميني «رائد معرفي على مستويات عدة، ليس رائداً مبدعاً معتزلاً بفنه.. بل هو المثقف العضوي الفاعل في الحياة، والمنشغل بالمستقبل، والمساهم في خطاب إنساني مستقل.. وهو من القلة التي جمعت بين الانخراط في الشأن الاجتماعي التنويري وبين الاشتغال على تجديد الخطاب الفني الأدبي، بوعي عميق، وبراهنية إبداعية أبعد ما تكون عن الخطابية المستهلكة. ومهرجان بيت الشعر الثالث يزهو بدورة علي الدميني في سياق دورتيه الأولى والثانية، اللتين اقترنتا على التوالي باسمي الرائد محمد العلي والرائدة فوزية أبوخالد وبهم نفخر ونعلو». وبخصوص الشعراء المشاركين وكيفية اختيارهم، قال الملا إنهم يحاولون تمثيل مختلف الحساسيات الشعرية المعاصرة «ولا يحكمنا فنياً غير معيارين، الأول النص الشعري، والثاني قابلية الشاعر المهرجانية.. إضافة إلى محددات أخرى تحكمها ظروف خارجة عن إرادة المهرجان، مثل فرص الحضور سواء بحسب أنظمة السفر ومناسبة مواعيد المهرجان للشاعر»، موضحاً أنه في كل مهرجان يتم «وضع خريطة كبيرة للشعراء، ويتم عبر مناقشات مطولة التوصل إلى الأسماء المعلنة، نؤمن أن الوطن يستحق مهرجاناً نوعياً ينطلق من المنطقة الشرقية بتاريخها المشرق ثقافياً والمؤثر عالمياً.. ونتمنى أن تكون الدورة الرابعة دولياً من كل أنحاء العالم». أما بخصوص تداخل الفنون المختلفة وتمازجها في فعاليات المهرجان وفقراته، فقال إن إحدى سمات مهرجان بيت الشعر «المزج والتفاعل بين مختلف الفنون وليس المجاورة فقط، بل حد التعاشق. فهناك القراءات الشعرية التي تتم في قالب مسرحي إبداعي كامل من الإضاءة والسينوغرافيا والموسيقى بإشراف مخرج مسرحي وتقنيين، إضافة إلى معرض فني يتغير شكله في كل دورة، ويربط بين الفن والشعر، ليكون في هذه الدورة جانب الفوتوغراف في اللقطة الشعرية والفيديو آرت والموسيقى والأغنيات الملحنة خصيصاً من قصائد شعرية والمسرح والسينما والموسيقى الخالصة، إلى جانب العروض الأدائية. كما لا ننسى الاحتفاء بالكتب التي يصدرها المهرجان للمكرم وجائزة الكتاب الشعري الأول. وتعتقد إدارة مهرجان بيت الشعر أن الفنون نسيج واحد متعدد الألوان والأشكال، ومن أساس صناعة الجمال ذاك التعدد والتناغم في حالة حميمة ومشتركة». ومن أبرز المشاركين في هذه الدورة من المهرجان: عبدالله ثابت، خالد الناصري، خلود المعلا، نشمي مهنا، مسفر الغامدي، ديمة محمود، بثينة اليتيم، حمد الفقيه، محمد الماجد، عبدالله الصيخان، علي بافقيه، أحمد عائل فقيهي، طلال الطويرقي، رمزي رحومة، إبراهيم زولي، حسين فخر، جاسم الصحيح، سعد البازعي، سعيد السريحي، طارق العواجي، عبدالوهاب أبوزيد، رائد الجشي، صالح الخنيزي وراضي النماصي. إضافة إلى الفنانين: زهراء القطري، زينب بوخمسين، صالح الدغاري، جمانة المؤمن، حسين بوحليقة، يوسف المسعود، أحمد منصور، حسين آل سلطان، حسن الخلف، منال العويبيل، حسين الهاشم، سالم عريبي، نايف الضامن، محمد الخراري، يثرب الصدير، زهراء هويدي، نسيم العبدالجبار، إيمان حوذان، آمنة زعزوع، أحمد النعيم، فهد القثامي، ريم البيات، محمد الفرج وسارة أبوعبدالله. وكان أحمد الملا عبَّر عن طموح إلى تطوير مهرجان بيت الشعر، تطويراً يشمل مزج الفنون بعضها ببعض في نماذج مشتركة، وتقديم القراءات والفعاليات خارج أسوار الجمعية وبين الجمهور في مواقع ثقافية عامة، إضافة إلى دعوة شعراء وفنانين من مختلف دول العالم. وقال إنهم في الجمعية يشتغلون بحماسة وشغف، إلى جانب التخطيط الإداري المسبق، مشيراً إلى أن الجمعية تعمل طوال العام على مشاريع فنية وثقافية لأطراف أخرى، وتتقاضى عليها أجوراً توفرها للصرف على برامجها. مثقف نقدي بامتياز.. عاش وكتب ودافع وهاجم وصف عدد من الشعراء والمثقفين تكريم الشاعر علي الدميني في مهرجان بيت الشعر بأنها «لفتها تستحق الإشادة»، مؤكدين أن صاحب «رياح المواقع» «رسم بروحه وطناً ممتزج بالأطياب». وأوضح هؤلاء أن الدميني ليس فقط شاعراً كبيراً، إنما أيضاً مثقف نقدي كتب وناضل ودافع وهاجم. وأكد الشاعر مسفر الغامدي أنه «بلا شك تكريم الشاعر الكبيرعلي الدميني، لفتة تستحق الإشادة. (أبوعادل) ليس شاعراً كبيراً، وأحد مؤسسي تيار الحداثة في بلادنا فحسب، بل هو مثقف بالمعنى الحقيقي للكلمة مثقف نقدي بامتياز، من خلال ما عاش وكتب وناضل ودافع وهاجم... وفوق كل ذلك هو إنسان يأسرك بإصغائه ومحبته وتواضعه، حتى وأنت لا تزال تحبو في بداياتك. إن كان هناك من بيت للشعر في بلادنا، فمفتاحه لدى على الدميني. سيفتح الباب وسندخل معه... سندخل وراءه». من جهته، قال الشاعر عبدالوهاب أبوزيد إنه من الأمور الجيدة والإيجابية «التي بتنا نشهد تكرارها أخيراً في مشهدنا الثقافي بصفة عامة، تكريم المثقفين والمبدعين ممن حققوا إنجازات كبيرة في حياتهم وقبل رحيلهم عن دنيانا. وفِي هذا السياق يأتي تكريم الشاعر الكبير علي الدميني صاحب التجربة الشعرية والكتابية والصحافية بعيدة الأثر في مجمل المشهد الثقافي المحلي، وذلك ضمن مهرجان الشعر السنوي، الذي نتمنى له الاستمرار في المقبل من الأعوام. شخصياً، كنت أحلم بوجود مثل هذا المهرجان الشعري على مستوى الوطن، كما هو موجود في عدد من البلدان العربية والعالمية بالطبع، وها هو الحلم يتحقق، مقترناً بتقليد حميد طال انتظاره، وأعني به تكريم الشعراء في حياتهم وقبل أن يفوت الأوان». أما الكاتبة سلمى بوخمسين فتقول، إن «الشعراء الحقيقيين لا يولدون كل يوم، ففي كل جيل يبرز لنا نجم أو نجمان قادرون على تحديد ملامح المرحلة وتأريخها شعراً أو سرداً وحكايا... ومن هؤلاء النجوم الشاعر الجميل علي الدميني، الذي لم يكتفِ بالتأريخ فحسب، بل كان أحد صانعيه والمؤثرين في الجو الثقافي العام بالمنطقة. علي جنوبي المولد، شرقي الهوى، رسم بروحه وطناً ممتزج الأطياب، عايش تغيراته ومراحله، صعوده وتقلباته، نجاحاته وصموده. علي القلم الصادق الذي لم يعرف المواربة، ولم يرتدِ الأقنعة، جدير بأن يحتفي به أبناء جيله كما تحتفي به الأجيال اللاحقة، لأننا جميعاً تعلمنا على يديه الحب والنزاهة قبل الشعر... نحتفل بعلي لأنه يستحق». وجه الشعر المضيء بالحياة يقول الشاعر علي الحازمي: «مرت سنوات طويلة ونحن ننتظر وزارة الثقافة أن تقوم بواجبها تجاه رموز الشعر الحديث بالمملكة، الشعراء الذين أثروا المشهد الشعري محلياً وعربياً، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بيت الشعر بجمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية يقوم بهذا الدور منذ عامين، وعلى رغم إمكاناته المحدودة، إلا أنه بالكثير من الحب والتفاني والمسؤولية استطاع أن ينجح في تكريم رمزين شعريين بطريقة استثنائية (محمد العلي وفوزية أبوخالد)، رمزين كنا نشعر بحرج شديد من أنفسنا تجاههما ونحن لا نستطيع أن نقول لهما شكراً بتلك الطريقة اللائقة». ويضيف: «في هذه الدورة من مهرجان الشعر، نحن على موعد مع تكريم شاعرنا الكبير والقدير علي الدميني، الشاعر الإنسان بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، لن أضيف جديداً هنا عن تجربة الدميني الشعرية والروائية والنقدية والصحافية، فهي تجربة غنية وملهمة، تمتلك من القيمة والثراء ما يجعلها حاضرة في ذاكرة ووجدان الأدب السعودي بامتياز، بالكثير من الحب مازلت أتذكر دعمه المتواصل للأصوات الشعرية الشابة بالمملكة من مختلف المناطق، قبل عشرين عاماً كان تواصلي الأول معه من أجل المشاركة بمجلة (النص الجديد) الأدبية، التي كان مشرفاً عليها، كان يسألني بحب عن جميع الشعراء بمنطقتي، ويحرص على إتاحة الفرص لهم للنشر بالمجلة. أما آخر تواصل لي معه فكان قبل أشهر قليلة وهو يعرض عليّ المشاركة بملف جديد عن الشعر في السعودية، يعمل وقتها على إعداده لينشر بإحدى المجلات الثقافية في المغرب العربي»، متسائلاً: «ما الذي يحرض هذا الشاعر القدير ليقوم بكل هذه الأدوار لخدمة الأدب والشعر في وطنه؟ إنه التفاني والشعور النادر بالمسؤولية تجاه الكلمة، تجاه الشعر، تجاه الحياة، على رغم كل هذه السنوات المديدة وتقلباتها، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً في أن تختطف أو تنال من ثورة الشغف المتقد بوجدان شاعرنا الكبير، الشكر كل الشكر للقائمين على بيت الشعر بجمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية، وفي مقدمهم الشاعر الجميل أحمد الملا، نشكرهم من الأعماق لأنهم قاموا نيابة عن كل الشعراء والمثقفين ومحبي الشعر بالمملكة، قاموا بحب وصفاء منقطع النظير بما يجب القيام به على أكمل وجه».