بدت المعارضة السورية مربكة في مقاربة مؤتمر سوتشي الذي تهيّئ له روسيا بالتنسيق مع تركيا وإيران، ويهدف إلى التوصل لخطوات عملية على مسار حلّ الأزمة السورية على مستويين: وضع دستور جديد، وتنظيم انتخابات. وفي حين لا يزال وفد المعارضة إلى آستانة في حال تشاور ليقرر المشاركة في المؤتمر من عدمها، نبّه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» من أن يؤدي المؤتمر إلى شرخ جديد في صفوف المعارضة. وكانت التطورات السورية محور نقاش بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ورئيس الهيئة التفاوضية للمعارضة السورية نصر الحريري في الرياض. وتخلل اللقاء «بحث في المستجدّات على الساحة السورية، وسبل تحقيق تطلّعات الشعب السوري»، كما أفادت وكالة الأنباء السعودية. وتزامناً مع تصدّر روسيا المشهد السياسي السوري، كان لافتاً إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، عزمه البحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مسألة إجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية ونقل مرضاها إلى تركيا. وقال أردوغان إن رئيسي الأركان الروسي والتركي يجريان مشاورات حول الموضوع لاتخاذ الخطوات اللازمة، كما ستقوم أجهزة الاستخبارات التركية ورئاسة إدارة الكوارث والطوارئ في الهلال الأحمر بما يلزم في هذا الشأن». وصدرت عن مبعوث الكرملين إلى سورية ألكسندر لافرينتييف، تصريحات مفادها أن «لا مكان» في سوتشي لمن يطالب برحيل الرئيس بشار الأسد، ما أوحى بأن موسكو عازمة على عقد المؤتمر بأوسع حضور سوري لتأمين «شرعيته»، وإن كان عبر ديبلوماسية الإرغام ذاتها التي دفعت روسيا قبل شهور إلى تهديد من يغيب عن «سوتشي» بأنه يعرّض نفسه للتهميش في العملية السياسية التي تقودها لرسم سورية المستقبل. موقف لافرينتييف لم يقتصر فقط على الضغط على المعارضة لتسييرها في خيارات تفرغها من رسالتها السياسية، بل تعدّاه إلى تأكيد أن أي لجنة دستورية قد تنبثق عن «سوتشي» يجب أن تحظى بموافقة الأسد، وفي هذا الإطار أتى رفض رئيس دائرة الإعلام في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» أحمد رمضان، محاولةَ روسيا فرض حلّ أحادي في «سوتشي»، وقال إنه «لا يمكن تمرير صفقات تخالف قرارات المجتمع الدولي ورغبة الشعب السوري»، كما أنه «لا يمكن تمرير هذه الصفقة الروسية في سوتشي أو غيرها من خلال سحب البساط السياسي من جنيف إلى هناك». ونبّه رمضان من أن محاولة روسيا فرض حلّ على السوريين «تمثل تحدياً لقوى المعارضة»، وهو ما وافقه عليه عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف» فؤاد عليكو، بتحذيره من أن «سوتشي» قد يؤدي إلى إحداث شرخ في صفوف المعارضة، معتبراً أن التصريحات الروسية تؤكد أن موسكو تشترط على المعارضة تخليها عن مطلب رحيل الأسد مقابل إشراكها في المؤتمر، ورأى أن «روسيا تتصدر المشهد السياسي وتضع حلولاً بالاستناد إلى مفهوم المنتصر والمهزوم في ظل غياب مشاريع دولية للحل السياسي». وأعلنت «الجبهة الجنوبية»، وهي تحالف يضمّ فصائل من «الجيش السوري الحر»، مقاطعةَ مؤتمر سوتشي، معتبرة أن من يحضره «عدو للشعب السوري». وأشارت في بيان أمس، إلى أن «كل جولات المفاوضات من جنيف إلى آستانة أثبتت عدم جدية نظام الأسد وتنصله من كل الاستحقاقات الدولية»، واتهمت موسكو ب «محاولة الالتفاف على الشرعية الدولية بالدعوة إلى مؤتمرها المزعوم لتظهر نفسها المخلّص الوحيد للشعب السوري». وأكد البيان رفض «الجبهة الجنوبية» «سوتشي» تماماً، مضيفاً أن «أي شخص يشارك في المؤتمر، سواء بصفته الشخصية أو من خلال موقعه في المؤسسات الثورية بعامة، يعتبر عدواً لها وللشعب السوري».