أكدت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الجارية في شأن تأليف الحكومة اللبنانية ان اندفاع عدد من الوزراء والنواب المنتمين الى الأكثرية النيابية باتجاه المطالبة بالإسراع في ولادتها والسعي لإزالة العقبات التي ما زالت تؤخرها، لا يعكس حقيقة أجواء المشاورات لإيجاد مخرج لما يسمى بأزمة وزارة الداخلية، إذ لم يتحقق حتى الساعة أي تقدم على هذا الصعيد، على رغم دخول قائد الجيش العماد جان قهوجي على خط الاتصالات في محاولة لخلق المناخ المؤدي الى التفاهم على اسم وزير الداخلية في ضوء إعلان وزيرها الحالي زياد بارود عدم رغبته في التوزير. وكان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي زار بعبدا عصر امس، واجتمع الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في اطار المشاورات الروتينية لتشكيل الحكومة. ولفتت المصادر الى ان إغداق التصريحات المتفائلة من جانب العدد الأكبر من الوزراء والنواب في الأكثرية، لا يمنع الحاجة الى تضافر الجهود لتسهيل تشكيل الحكومة، ويبقى في ظل تعثر ولادتها، ضمن إطار تبادل المزايدات الذي لا يغير شيئاً على مستوى العقبات. وقالت هذه المصادر ان المراوحة في المشاورات أدت الى استنزاف قوى الأكثرية التي لم تعد قادرة حتى إشعار آخر على القيام بمبادرة من شأنها أن تؤدي الى التقريب في وجهات النظر، مشيرة الى ان هناك صعوبة في تسويق اقتراح قائد الجيش الرامي الى تأمين التوافق على مرشح حيادي للداخلية. ورأت انه كان من الأفضل عدم إقحام المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، وفي ضوء المنافسة على أشدها بين الرئيس سليمان ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون على من يتولى الداخلية. وتابعت المصادر عينها: «العماد قهوجي حاول القيام بدور وسيط، لكن هناك من يعتقد بأن الاختلاف حول الداخلية أخذ يكبر ولم تؤد الاتصالات الى إخراجها من التحدي، مع ان بارود كان السبّاق في قطع الطريق على من يحاول تحميله مسؤولية التأخر في تأليف الحكومة بذريعة ان الإصرار على إسناد الداخلية له بات العائق الوحيد الذي يؤخر إنجاز التركيبة الوزارية». وأكدت ان مبادرة قهوجي «لم تعد في صلب البحث الدائر في شأن الداخلية»، وعزت السبب الى ان «البعض يحاول وضع يده عليها بدلاً من أن يترك لرئيس الجمهورية الحق في اختيار وزير لها يوافق عليه جميع المعنيين». وأكدت ان تعثر مبادرة قهوجي مردها الى «إصرار عون على موقفه بأن يكون رئيس الجمهورية الحلقة الأضعف في التشكيلة الوزارية وهذا ما يرفضه الرئيس ميقاتي الذي يرفض التسليم لعون بكل ما يريد وبالتالي يصر على ممارسة صلاحياته على أكمل وجه». لذلك، فإن اقتراح قهوجي قوبل بصعوبات حالت دون الانطلاق منه كقاعدة للتأسيس لاتفاق في خصوص الداخلية. وشددت المصادر على أنه «كان من الأفضل عدم الزج بالمؤسسة العسكرية في اختلاف تعذر حتى الآن على أهل السياسة التوصل الى تفاهم حوله، مع انهم ينتمون الى فريق يغلب عليه اللون الواحد، ولم يعد أمامهم سوى العودة الى الربع الأول في البحث عن تسوية لوزارة الداخلية».