أدلى سكان كاتالونيا بأصواتهم في انتخابات نيابية مبكرة تحسم مسار الإقليم، بعد شهرين على إعلان استقلال أحادي هزّ إسبانيا. وكان رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي دعا الى هذه الانتخابات، بعدما وضع كاتالونيا تحت وصاية مدريد، إثر إعلان 70 من النواب ال135 في برلمان الإقليم «جمهورية كاتالونيا» في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد استفتاء في هذا الصدد نُظم في 1 تشرين الأول. وفرضت الحكومة المركزية حكماً مباشراً على الإقليم، وأقالت حكومته وحلّت برلمانه وسجنت قياديين انفصاليين ولاحقت آخرين، بينهم الرئيس المعزول كارليس بيغديمونت الذي فرّ الى بروكسيل، مع 4 من «وزرائه». راخوي الذي نال «الحزب الشعبي» اليميني الذي يتزعمه 8.5 في المئة من الأصوات في انتخابات الإقليم عام 2015، أشاد باستخدام البند 155 من الدستور في كاتالونيا، من أجل إعادة الأمن في الإقليم، وزاد: «في كل مناطق إسبانيا باتت الحكومات تدرك ما يحصل، حين يفعلون ما لا يمكننا فعله». وقال الخبير السياسي جوان بوتيلا في برشلونة: «كل الأنظار تتجه لمعرفة هل إن العملية الانفصالية ستتواصل أم ستتوقف». وكانت صفوف الانتظار طويلة، حتى قبل فتح مكاتب الاقتراع صباحاً، ورجّح محللون نسبة مشاركة قياسية. وعنونت الصحافة الإسبانية أمس عن حوالى مليون من المترددين الذين يشكلون خمس عدد الناخبين تقريباً، والذين قد يرجّح خيارهم الكفة من جهة الى أخرى. وقالت غلوريا غارسيا (57 سنة): «التصويت يعني نعم أم لا لحركة الاستقلال في كاتالونيا». وذكر مدرّب تطوير المهارات الشخصية أليكس أرويو انه لم يشعر إطلاقاً في الماضي بأنه انفصالي، مستدركاً انه بدّل موقفه «بسبب المواقف المتشددة للدولة» الإسبانية و «قلّة الاحترام» و «العنف» الذي أبدته. كما اعتبر ادوارد غاريل (67 سنة) أن الرغبة في الاستقلال متجذرة «في التركيبة الجينية للكاتالونيين»، وزاد: «نريد أن نقرر مصيرنا بأنفسنا». أما غلوريا غارسيا التي وضعت علماً إسبانياً على كتفيها، فرأت أن «الرهان يكمن في أننا جميعاً إسبان، ويمكن (حزب) سيودادانوس أن يمثل التغيير المثالي للحزم في إبقاء وحدة إسبانيا». وفاز الانفصاليون للمرة الأولى عام 2015 بالغالبية في البرلمان، بنيلهم 47.8 في المئة من الأصوات، في اقتراع شهد نسبة مشاركة قياسية بلغت نحو 75 في المئة. وتتخذ هذه الانتخابات شكل استفتاء، مع الاستقلال أو ضده. وأجرى «الحزب الشعبي» الحاكم في إسبانيا وسطيّو حزب «سيودادانوس» والحزب الاشتراكي حملة تستنكر «كابوساً» أو «جنوناً» ناجماً عن النزعة الاستقلالية. وشددوا على «انقسام اجتماعي» خلّفته مسألة الاستقلال في الإقليم، وعلى نقل أكثر من 3 آلاف شركة مقارها الى خارج كاتالونيا. وأظهرت استطلاعات رأي أن المعركة تدور للمرة الأولى بين حزب «اليسار الجمهوري الكاتالوني» الانفصالي بزعامة نائب الرئيس المقال أوريول جونكيراس، القابع في السجن بتهمة «العصيان»، و «سيودادانوس». وقالت زعيمة «سيودادانوس» في كاتالونيا إينيس أرّيماداس: «هذا الانتخاب ليس مهماً لكاتالونيا فحسب، بل لإسبانيا برمتها وسائر أوروبا». ويريد بيغديمونت استعادة منصبه عبر الانتخابات، علماً انه سيعتقل فور عودته الى كاتالونيا. ودعا الناخبين إلى التصويت له، معتبراً ذلك رداً على الحكومة الإسبانية. وكتب على موقع «تويتر»: «سنُظهر مجدداً مدى قوة شعب لا يُقهر. لنجعل روح أول تشرين الأول دليلاً لنا. ما هو على المحك ليس الفائز بالانتخابات، بل اذا كانت البلاد (كاتالونيا) ستفوز أم راخوي». ويقدّم بيغديمونت نفسه على أنه المرشّح الوحيد المناسب لقيادة الإقليم، محاولاً قطع الطريق على جونكيراس الذي يتطلّع حزبه الى قيادة الإقليم للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1939. ولم يتمكّن جونكيراس من إجراء حملة انتخابية، ويُسمح له بعشرة اتصالات هاتفية أسبوعياً من سجنه، ووجّه رسائل الى أنصاره.