رمى رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت الكرة في ملعب الحكومة المركزية، إذ امتنع عن الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة في الإقليم، كانت ستتيح نزع فتيل توتر مع مدريد. وبرّر قراره بغياب ضمانات كافية من حكومة ماريانو راخوي، بأن هذه الخطوة ستجمّد فرض حكم مباشر على الإقليم الساعي إلى الانفصال. وردّت الحكومة الإسبانية مطالبةً ب «بدء مرحلة جديدة يُحترم فيها القانون». وكان بيغديمونت أثار ارتباكاً أمس، إذ ألقى خطاباً بعدما كان ألغاه، إثر تأخيره لثلاث ساعات من دون تفسير واضح. أتى ذلك قبل عقد البرلمان الكاتالوني جلسة لمناقشة خطط مدريد لفرض وصايتها على الإقليم. وكانت وسائل إعلام في كاتالونيا رجّحت أمس أن يعلن بيغديمونت في خطابه تنظيم انتخابات مبكرة، في خطوة من شأنها نزع فتيل أزمة مستفحلة مع مدريد، لكنها تهدّد بانقسام لدى انفصاليّي الإقليم. تزامنت البلبلة مع مفاوضات داخل الائتلاف الحاكم في كاتالونيا، وبين ساسة في برشلونةومدريد، لتجنّب تجميد الحكم الذاتي للإقليم، بعد تنظيمه استفتاء مطلع الشهر على الاستقلال، اعتبرته الحكومة المركزية والمحكمة العليا غير دستوري. وقال بيغديمونت أمس: «كنت مستعداً للدعوة إلى تنظيم انتخابات، إذا مُنحت ضمانات. ليست هناك ضمانات تبرّر الدعوة إلى انتخابات. يعود إلى البرلمان (الكاتالوني) أن يحدد تداعيات تطبيق المادة 155 (من الدستور الإسباني) ضد كاتالونيا»، والتي تمكّن مدريد من تجميد الحكم الذاتي للإقليم، في خطوة ستُعتبر سابقة ستطاول واحداً من الأقاليم ال17 في البلاد، منذ وفاة الديكتاتور فرنشيسكو فرانكو عام 1975، وصوغ دستور ديموقراطي عام 1978. ورأى أن فرض مدريد وصايتها على كاتالونيا يشكّل «مساً» بالدستور الإسباني. وعلّقت سورايا سانز دي سانتاماريا، نائب راخوي، مطالبةً بحكم مباشر لكاتالونيا من أجل «بدء مرحلة جديدة يُحترم فيها القانون». وكانت نائب رئيس الحكومة تتحدث أمام لجنة في مجلس الشيوخ تضمّ 27 عضواً وتدرس طلباً قدّمته الحكومة المركزية لتطبيق المادة 155 من الدستور، ما يمكّنها من إقالة حكومة الإقليم وإخضاع شرطته وبرلمانه ووسائل إعلامه الرسمية لوصايتها لستة أشهر، إلى حين تنظيم انتخابات مطلع 2018. ويُرجّح أن يوافق المجلس على تطبيق هذه المادة، خلال جلسة عامة اليوم، إذ يحظى «الحزب الشعبي» اليميني الحاكم بغالبية مريحة فيه، كما سينال دعم الحزب الاشتراكي المعارض وحزب «سيودادانوس» الوسطي. وكانت صحيفة «لا فانغوارديا» الصادرة في برشلونة نقلت عن مصادر في «الحزب الشعبي» أن الحكومة المركزية مستعدة لتجميد تطبيق الحكم المباشر في كاتالونيا، إذا دعا بيغديمونت إلى انتخابات مبكرة في الإقليم. وهذه الخطوة قد تعزّز تفويض بيغديمونت إذا فازت الأحزاب المؤيّدة للانفصال، لكنها قد تطيحه إذا فازت الأحزاب المعارضة للاستقلال. كما قد تفاقم انقسامات داخل معسكر الانفصاليين، وتنهي مساعي الاستقلال. وفي السياق ذاته، أعلن حزب يساري انفصالي يشارك في الائتلاف الحاكم في كاتالونيا، أنه سينسحب من حكومة بيغديمونت، إذا دعا إلى انتخابات مبكرة. كما أعلن نائبان من حلفائه استقالتهما. أتى ذلك بعدما أبلغ مسؤولان برلمانيان وكالة «أسوشييتد برس» بأن بيغديمونت الذي عقد جلسة طارئة لحكومته مساء الأربعاء، عرض من خلال وسطاء الدعوة إلى انتخابات مبكرة، إذا تخلّت الحكومة المركزية عن مساعيها لحكم الإقليم، لكن «الحزب الشعبي» رفض. وقال راخوي لنائب انفصالي كاتالوني: «تقولون لي إن المؤسسات الكاتالونية طلبت الحوار، وإن ردّي كان المادة 155. هذا صحيح. هذا الردّ الوحيد الممكن». وقبل ساعات من إلقاء بيغديمونت خطابه، تظاهر آلاف من الناشطين والطلاب الكاتالونيين أمام مبنى الحكومة في برشلونة، مردّدين «الاستقلال»، فيما كُتب على لافتة «بيغديمونت خائن».