يجري انفصاليّو كاتالونيا حملة غير مألوفة تفاقم انقساماتهم، استعداداً لانتخابات نيابية مبكرة في الإقليم مرتقبة الخميس المقبل، عبر خطب مسجلة على أشرطة فيديو من بروكسيل، والتركيز على وجود رئيس لائحة في السجن. ويتواجه الرجلان القويان في الحكومة الإقليمية التي أقالتها مدريد، الرئيس كارليس بيغديمونت ونائبه أوريول جونكيراس، لقيادة كاتالونيا، على رغم فرصهم الضئيلة لتحقيق ذلك، نظراً إلى وضعهما القضائي. فكلاهما ملاحق بتهمة التمرد والانشقاق والاختلاس، لدورهما في إعلان أحادي للاستقلال، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وسيُعتقل بيغديمونت، الفارّ إلى بلجيكا، إذا عاد إلى إسبانيا، فيما يقبع جونكيراس في سجن قرب مدريد. وبعدما فرضت الحكومة المركزية برئاسة ماريانو راخوي حكماً مباشراً على كاتالونيا، توجّه بيغديمونت إلى بلجيكا، ليؤكد من العاصمة الأوروبية أن إسبانيا تجري «محاكمة سياسية» للانفصاليين. وبعد سحب مذكرة أوروبية أصدرها القضاء الإسباني، لتوقيفه وأربعة من «وزرائه» لحقوا به إلى بروكسيل، رأى أن «استراتيجية وضعنا في دائرة الضوء على الساحة الدولية كانت مفيدة في نهاية المطاف». وأعدّ لائحته الانتخابية الخاصة، وتضمّ أعضاء من حزبه «الديموقراطي الأوروبي الكاتالوني» المحافظ ومن شخصيات مستقلة. وارتفعت نتائجه في استطلاعات الرأي، ويقترب من نتائج حلفائه السابقين في «اليسار الجمهوري» بزعامة جونكيراس. وقال إيلي بارو (40 سنة) الذي شارك مع أكثر من 45 ألف انفصالي في تظاهرة في بروكسيل في 7 الشهر الجاري: «نصوّت لليسار الجمهوري في كاتالونيا، لكن رئيسنا هو بيغديمونت». ويتدخل بيغديمونت في اجتماعات الحملة، عبر خطب مسجلة على أشرطة فيديو تُعرض على شاشات عملاقة، وتغريدات يومية تقريباً على موقع «تويتر»، كما يعطي مقابلات كثيرة لوسائل الإعلام الكاتالونية. لكن حزب «اليسار الجمهوري» في وضع اكثر تعقيداً، إذ إن جونكيراس الذي يرأس لائحته، مسجون منذ 2 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال مساعده راوول موريكا: «قدرتنا على التأثير في المواطنين تراجعت كثيراً. لا نستطيع المشاركة في نقاشات ولا إعطاء مقابلات ولا الذهاب إلى استوديوات التلفزيون». وتقتصر مشاركة جونكيراس على صوغ مقالات من زنزانته وإرسالها عبر البريد إلى مستشاريه لنشرها في وسائل الإعلام. وقال موريكا إن «القيام بالحملة مسألة شديدة التعقيد». وتتسم بالصعوبة أيضاً عملية تنسيق الحملة. فمن السجن لا يستطيع جونكيراس إلا إجراء 10 اتصالات في الأسبوع، مدة الواحد منها 5 دقائق. وقال موريكا: «ثمانية اتصالات لزوجته واتصالين لي. أدوّن سريعاً ما يقوله لي وأنقل التعليمات إلى مارتا روفيرا»، وهي المسؤولة الثانية في حزب «اليسار الجمهوري» وتتولى الحملة ميدانياً. ويبدو أن غياب المرشح الرئيس كبّد كثيراً الحزب الذي بدأ الحملة بتقدّم كبير في استطلاعات الرأي، ويتبعه الآن حزب «سيودادانوس» الرافض للاستقلال، ومرشحته الشابة إينيس أرّيماداس. ويهتزّ ميثاق عدم الاعتداء بين الانفصاليين، المُبرم في بداية الحملة، كلّما حققت لائحة بيغديمونت تقدماً في نيات التصويت لدى حزب «اليسار الجمهوري». واستبعد كارليس موندو، وهو وزير سابق في الحكومة المقالة وأمضى شهراً في السجن قبل إطلاقه، عودة بيغديمونت رئيساً للإقليم، قائلاً: «يجب أن نتحلّى بواقعية، إنها أمنية لا تتحقق». وردّ عليه شريكه السابق في الحكومة جوردي تورول الذي يدعم بيغديمونت، قائلاً: «السعي إلى مجيء رئيس جديد، يعني الموافقة على أن يتمكّن راخوي من تغيير رئيسنا».