ترجمت إسرائيل تهديداتها للسلطة الفلسطينية بالاقتصاص منها في حال واصلت العمل على إنجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية، إلى لغة الفعل مع إعلان وزير المال يوفال شتاينتس تعليق تحويلات عائدات الضرائب إلى السلطة، فيما يرتفع صوت وزراء يطالبون رئيس حكومتهم بنيامين نتانياهو بتشريع قانون بضم مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة إلى تخوم إسرائيل في حال نجح الفلسطينيون في استصدار قرار من هيئة الأممالمتحدة في اجتماعها السنوي الخريف بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة على أساس حدود عام 1967. إلى ذلك، تبدي إسرائيل قلقاً من «التحول» في السياسة المصرية. وكان وزير المال الإسرائيلي قرر تعليق تحويل دفعة مستحقة للفلسطينيين من عائدات ضرائب جمركية بمبلغ 300 مليون شيكل (نحو 85 مليون دولار)، بداعي أن إسرائيل «تخشى أن تستغل الأموال لتمويل حماس التي يدعو ميثاقها لتدمير إسرائيل»، كما قال للإذاعة العسكرية. وتجبي إسرائيل، وفقاً لاتفاقات السلام مع الفلسطينيين، العائدات الضريبية بالإنابة عن السلطة، على أن تسلمها إياها مع نهاية كل شهر، في إجراء روتيني. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن شتاينتس الذي شارك في اجتماع «الهيئة الوزارية السباعية» الأسبوع الماضي لمناقشة سبل مواجهة «الوفاق الفلسطيني» يعتزم تعليق العائدات المستقبلية أيضاً للضغط الاقتصادي على السلطة الفلسطينية. وتوفر آلية تحويل الضرائب للسلطة نحو 1.4 بليون دولار سنوياً، ما يعادل ثلثي موازنتها. وكانت إسرائيل لجأت إلى هذه العقوبة قبل ثماني سنوات إبان حصارها الرئيس الراحل ياسر عرفات، واحتجزت مبالغ كبيرة لأكثر من عامين. واشترط شتاينتس إعادة النظر في تحويل الأموال بأن «يثبت الفلسطينيون لنا انه لا يوجد صندوق مشترك بين السلطة الفلسطينية وحماس الإرهابية في غزة»، مخيّراً السلطة بين مثل هذا الصندوق المشترك وبين مواصلة التعاون مع إسرائيل. وتابع أنه لا يعقل أن تطلب إسرائيل من العالم بأسره ألا يموّل «حماس»، بينما «نحن نفعل ذلك في شكل غير مباشر». بدوره، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات قرار إسرائيل «نوعاً من القرصنة المالية». وقال لوكالة «رويترز»: «هذا أمر خطير جداً... هذه أموالنا وندين هذا الأمر بشدة... إسرائيل بدأت تخوض حرباً حتى قبل تشكيل الحكومة (التي اتفق عليها عقب توقيع اتفاق المصالحة) وتستمر في خوض الحرب... هذه أموال فلسطينية وليست إسرائيلية لا يحق لإسرائيل حجزها بأي حال من الأحوال». من جانبه، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أن «السلام ممكن فقط مع من يرغب فيه وفي العيش معنا، وليس مع من يسعون لتدميرنا»، مضيفاً أن الاتفاق بين «حماس» و «فتح» يجب أن يقلق ليس فقط إسرائيل، إنما أيضاً كل من يصبو في العالم الى تحقيق السلام بيننا وبين الفلسطينيين. وتابع إن إسرائيل تصبو للسلام وتمدّ يدها لجميع شعوب المنطقة، «لكنها ستقف بصلابة في وجه كل مَن يحاول أذيّتنا وتعريض وجودنا للخطر». وزاد أنه سينقل هذه الرسالة إلى بريطانيا وفرنسا اللتين يزورهما هذا الأسبوع. وقال وزير الاتصال القطب في «ليكود» موشيه كحلون إنه يتوجب على إسرائيل الرد على مساعي الفلسطينيين لنيل اعتراف دولي بدولة مستقلة لهم ب «خطوة إسرائيلية أحادية الجانب ملائمة». وأضاف أنه ينبغي على إسرائيل أن تعلن عنها رسمياً، وأن تتمثل هذه الخطوة بضم المستوطنات في الضفة إلى إسرائيل «بقرار أحادي الجانب». ورأى وزير الإعلام يولي ادلشتاين إن ضم المستوطنات يجب أن يتم فوراً، «فضلاً عن درس خطوات إضافية في حال واصل الفلسطينيون الدفع بمقترحهم في الأممالمتحدة». إلى ذلك، أفادت تقارير صحافية أن نتانياهو يدرس إمكان إيفاد مستشاره الخاص اسحق مولخو إلى القاهرة للقاء كبار المسؤولين المصريين، وذلك «حيال قلق إسرائيل من التقارب بين مصر وإيران، ورعايتها اتفاق المصالحة الفلسطينية، وإعلانها عزمها إعادة فتح معبر رفح». وكان نتانياهو نقل لزعماء أوروبيين وأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي قلق إسرائيل من «تطرف التصريحات المصرية المتعلقة بإسرائيل ومن التقارب بين القاهرة وطهران».