بغداد - «الحياة»، أ ف ب - جدد وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني تأكيد أن العقود التي وقعتها السلطات الكردية مع شركات نفط خاصة تعتبر غير قانونية حتى تصادق عليها وزارة النفط في بغداد، مشيراً الى أنها ستعلن أسماء شركات النفط الأجنبية الفائزة بعقود نهاية هذا الشهر. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الناطق باسم الحكومة علي الدباغ إنه «حدث نفطي كبير وهو اجراء دورة التنافس الأولى. اخترنا ستة حقول نفطية عملاقة وحقلي غاز وطلبنا من الشركات النفطية الكبرى في العالم التأهل، فتقدمت 120 شركة جرى قبول 35 منها». وأضاف أن الشعب سيطّلع بشفافية على العروض المقدمة في اللحظة التي سيطلع عليها الوزير في 29 حزيران (يونيو) الجاري. وتابع أن الاعلان لن يكون «عن طريق مفاوضات ثنائية وأبواب مغلقة إنما أمام الشعب». ورأى أن «العطاءات ستقدم إلى أربع شركات في اليوم الأول». وقال مسؤول في الوزارة إن الشركات «ستعمل بعقود خدمة يُعمل بها للمرة الأولى في العراق». وتشارك الوزارة في تنفيذ خطط وبرامج الدولة من خلال اعادة تطوير حقول النفط والغاز البالغ عددها 78 حقلاً لم يستغل منها سوى 15 فقط. وكانت وزارة النفط أعلنت في 30 حزيران (يونيو) العام الماضي أنها منحت 35 شركة عالمية تراخيص للعمل في قطاع استخراج وتطوير الحقول النفطية من بين 120 شركة تقدمت بطلبات. يذكر أن ستة حقول طُرحت للتنافس بينها حقلا الرميلة الشمالي والجنوبي وحقل غرب القرنة وحقول البزركان وأبو غرب والفكة في ميسان، فضلاً عن حقلي كركوك وباي حسن الى جانب حقلي الغاز في المنطقة ذاتها وهما عكاس والمنصورية. ويملك العراق ثالث أكبر احتياط نفطي مؤكد بعد روسيا وايران، يبلغ حجمه 115 بليون برميل. ولدى الانتهاء من تطوير حقوله، سيكون العراق قادراً على انتاج ستة ملايين برميل يومياً في غضون خمس سنوات، بحسب الشهرستاني. وراوح معدل تصدير النفط العام الماضي بين 1.6 و1.7 مليون برميل، من أصل معدل انتاج بلغ مليونين وأقل من نصف مليون برميل يومياً. وكان العراق يصدّر 3.4 مليون برميل يومياً مطلع ثمانينات القرن الماضي. كما رفض الشهرستاني الدفع إلى شركات طورت حقلي النفط طق طق وطاوكي في شمال العراق في اطار عقود وقعت في شكل مستقل مع الحكومة الاقليمية الكردية. وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ إن «هذه العقود تحتاج الى مصادقة وزارة النفط الاتحادية... حتى تصادق تعتبر غير مكتملة الشرعية». وعقب المؤتمر، قال وزير النفط إن الحكومة المركزية لن تبحث في أي تعويضات للشركات المطورة لحقلي طق طق وطاوكي تحت أي ظرف. ومن شأن تصريحات الشهرستاني أن تصعد التوتر بين بغداد وحكومة كردستان التي تقول إنها لن تدفع إلى شركات «دي أن أو انترناشونال» النرويجية و «أداكس بتروليوم» المدرجة في تورونتو و «جينل انرجي» التركية من حسابها الخاص. ومن المقرر أن تندمج «جينل» مع «هريتدج أويل» البريطانية. وقال الشهرستاني إن على الحكومة الكردية أن تدفع للشركات من موازنتها البالغة 17 في المئة، والتي تحصل عليها سنوياً من الموازنة الاتحادية، وهو ما يرفضه وزير الموارد الطبيعية الكردي اشتي هورامي. وكانت الحكومة العراقية سمحت مطلع الشهر الجاري بالبدء في تصدير النفط الخام من حقلي طاوكي وطق طق، ما بدا أنه انفراج في الخلاف الطويل بين الحكومة التي يقودها العرب الشيعة في بغداد والاقلية الكردية على أراض متنازع عليها والسلطة وموارد النفط العراقية. وأضاف أن «تصدير النفط المنتج في حقول اقليم كردستان الشمالية يعد خطوة أولى في المسار الصحيح كون واردات التصدير ستودع في الموازنة العامة بإشراف الحكومة الاتحادية». وتابع أن «أي نفط ينتج في أي بقعة من العراق لا بد أن توضع وارداته تحت اشراف الحكومة الاتحادية». وأكد أن «المصادقة على قانون النفط والغاز واقراره من البرلمان العراقي سينظم آلية التعامل في مثل تلك الحالات». وفي ما يخص الحقول النفطية المشتركة مع الكويت وايران، قال الشهرستاني إن «حفاراتنا باشرت بحفر الآبار الانتاجية ضمن الامتداد الطبيعي للحقول النفطية المشتركة داخل الاراضي العراقية بغية استثمار المنتج وتصديره الى الاسواق العالمية النفطية». وأضاف: «كان من المفترض أن تقرر اللجان المشتركة للبحث في تقاسم الانتاج النفطي لتلك الحقول وبإشراف طرف دولي ثالث حصة كل جانب من الحقل النفطي لتجنب الدخول في أزمات مع تلك الدول. إلا أن بطء تلك الاجراءات يدفعنا لاستثمار الجزء الممتد داخل الاراضي العراقية من الحقل النفطي وذلك لا يعد تجاوزاً او انتهاكاً لأي طرف من الأطراف». وتابع أن الوزارة وبجهودها المتواضعة تسعى إلى زيادة انتاجها من النفط بما يتناسب والانتعاش الذي تشهده اسعار النفط العالمية، نافياً أن تكون تلك الزيادة مقترنة باستجواب وزير النفط من مجلس النواب. وعلى رغم موافقتها على التصدير، لا تزال بغداد ترفض الاعتراف بعقود التطوير الموقعة مع الشركات، ما يضفي غموضاً على الطريقة التي ستحصل بها «دي أن أو» والشركات الأخرى على مستحقاتها. وتقول الحكومة المركزية إنها يجب أن توافق على كل عقود النفط، وهي تعارض اتفاقات تقاسم الانتاج التي يفضلها الأكراد. وبدلاً من ذلك، تعلن بغداد نهاية الشهر الجاري نتائج أول عطاء تطرحه لعقود خدمات بنظام الرسوم الثابتة في بعض من حقول النفط العراقية المميزة. ويقع بعض هذه الحقول قرب مدينة كركوك المتنازع عليها بين الاكراد والعرب والتركمان. وقال هورامي ان الحكومة الكردية سترفض أي اتفاقات تخص تلك الحقول اذا لم تعجبها الشروط. ودافع الشهرستاني عن سجله في ظل انتقادات بأن انتاج العراق لا يزال أقل من مستوى ما قبل الغزو الأميركي عام 2003. وبدا أن المؤتمر الصحافي المشترك مع الدباغ هو اشارة الى عزم الحكومة مساندة الشهرستاني فيما يستعد لاعلان نتائج الجولة الأولى من عطاءات عقود الخدمة يومي 29 و30 حزيران (يونيو) الجاري. وقال الدباغ انه يأمل في أن يحل قانون النفط والغاز الجديد مسألة اتفاقات النفط. وفي نبرة تصالحية تشي بأن الحكومة قد تخفف من موقفها، شدد أيضاً على أن تدشين صادرات الخام الكردية في مصلحة العراق الذي تشتد حاجته الى المال لإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب، لافتاً الى أن هذا سيضيق الخلافات بين وجهات النظر المختلفة. وأشاد الدباغ بالجهود التي تبذلها الوزارة في زيادة الانتاج وتطوير القطاع النفطي، نافياً ممارسة الحكومة أي ضغوط على الوزارة لهذا الغرض. وأكد أن النفط يعد العصب الاقتصادي لموازنة البلاد. وأضاف: «في ما يخص الحقول النفطية المشتركة مع دول الجوار، لا توجد أي مشكلات في ذلك والأمور تتجه نحو التسوية»، مشيراً الى حرص الحكومة على تطوير ودعم القطاع النفطي.