تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة طارئة غداً للتصويت على مشروع قرار يرفض اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وذلك بعدما استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) ضده في مجلس الأمن ليل الإثنين- الثلثاء. وكانت تداعيات القرار الأميركي في صلب لقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس مع كل من البابا فرانسيس في الفاتيكان، ثم الرئيس إيمانويل ماكرون في باريس، إضافة إلى دور المملكة في رعاية المقدسات الإسلامية في المدينة. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس محمود عباس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في الرياض اليوم، قبل أن يتوجه عباس إلى باريس بعد غد للقاء ماكرون. في الوقت ذاته، اتفقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في اتصال هاتفي مع الرئيس ترامب على «أهمية طرح اقتراحات أميركية جديدة في شأن السلام في الشرق الأوسط»، كما ناقشا قضية القدس. وأعرب الرئيس الفرنسي والعاهل الأردني عن قناعتهما في أن القدس جزء من الحل الدائم والعادل الذي يتأتى من خلال المفاوضات. وشدد ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك على ضرورة التوصل إلى عملية سياسية لتسوية النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وأن فرنساوالأردن، الدولة الراعية للأماكن المقدسة، يرغبان في لعب دور مشترك على هذا الصعيد ومواصلة السعي إلى التوصل إلى اقتراح يحظى بصدقية في ملف السلام. وأكد مجدداً عدم دعمه القرار الأحادي الذي أعلنه ترامب في شأن القدس، لكنه استبعد إمكان طرح مبادرة فرنسية، معتبراً أن الوقت ليس وقت مبادرات، بل تنبغي مواصلة الحوار والنقاش مع الأطراف كافة والدول المجاورة. وقال الملك عبدالله إن القدس تحتل مكانة رئيسة على صعيد تحديات المنطقة، وإن الموقف الأميركي منها مناف للقوانين الدولية، ولا بديل من إدراج وضع المدينة في إطار مفاوضات شاملة تؤدي إلى حل الدولتين. وحذر في معرض رده على سؤال ل «الحياة» من أن أي تغيير في واقع القدس سيكون له تأثير في أوضاع المسيحيين في المدينة والمنطقة، حيث توجد أكبر جماعة مسيحية هي جزء من ماضي هذه المنطقة ومستقبلها. ورأى أن الحل يكمن في كيفية جلب الطرفين إلى المفاوضات من أجل حل شامل. وتناولت محادثات ماكرون والملك عبدالله الوضع في سورية، وقال الرئيس الفرنسي إن إعادة فتح سفارة فرنسية في دمشق غير مطروح حالياً، وإن المهم العمل على حل سياسي شامل وجامع يضمن تمثيل الأطراف كافة ويحمي وحدة سورية. وعن الرئيس بشار الأسد، قال إن عدو فرنسا في سورية هو تنظيم «داعش»، وإن الأسد عدو شعبه، لكن لا يمكن تجاهله في مرحلة انتقالية. وكان الملك عبدالله وصل إلى باريس قادماً من الفاتيكان حيث التقى البابا وخاطبه قائلاً: «صديقي وأخي العزيز»، وقدّم إليه لوحة تصوّر القدس القديمة وتبدو فيها قبة الصخرة الإسلامية وكنيسة القيامة المسيحية. وأكد الفاتيكان في بيان أن البابا والعاهل الأردني «أجريا محادثات ودية تناولت خصوصاً تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، مع إشارة خاصة إلى مسألة القدس»، كما ناقشا «دور عاهل المملكة الأردنية الهاشمية بصفته مشرفاً على المقدسات»، وتعهدا «تشجيع المفاوضات بين الأطراف المعنية وتعزيز الحوار بين الأديان». وفي نيويورك، أبلغ رئيس الجمعية العامة ميروسلاف لايكاك، وفود الجمعية العامة (193 دولة) بانعقاد جلسة طارئة غداً. وكان اليمن وتركيا طلبا، باسم كتلة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، عقد الجلسة. وقال السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة رياض منصور إن مشروع قرار مماثلاً للذي أحبطه «فيتو» أميركي، سيُعرض أمام الجمعية العامة، ويُتوقع أن ينال «تأييداً واسعاً جداً». وأضاف أن «الجمعية العامة ستقول من دون خوف من فيتو، إن المجموعة الدولية ترفض موقف الولاياتالمتحدة الأحادي»، علماً أنه لا حق لأي دولة باستخدام «الفيتو» في الجمعية العامة، خلافاً لمجلس الأمن. في السياق ذاته، صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمس، بأن «الدول العربية ستتوجه إلى الجمعية العامة لتمرير القرار تحت بند الاتحاد من أجل السلم، ليصير قراراً مُلزماً لكل مؤسسات الأممالمتحدة». وتابع: «ثمة سبل متعددة تتم دراستها على الصعيدين الفلسطيني والعربي من أجل التعامل مع أي تبعات سلبية للقرار الأميركي» بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة محمد المومني، قوله إن الأردن «سيعمل مع المجموعة العربية في الأممالمتحدة لضمان تحرك فاعل يؤكد الوضع القانوني للقدس الشرقية أرضاً محتلة وعدم قانونية القرار الأميركي وتناقضه مع قرارات الشرعية الدولية وكل قرارات مجلس الأمن».