كثفت الديبلوماسية العربية جهودها لإسقاط قرار الرئيس دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وبدأت الاستعداد لليوم الثاني ل «فيتو» أميركي تتوقعه على مشروع قرار مصري سيُناقش في مجلس الأمن اليوم ويعتبر قرار ترامب في شأن القدس «باطلاً ولاغياً. وكان الفلسطينيون سعوا إلى أن ينص مشروع القرار الذي قدمته مصر إلى مجلس الأمن أول من أمس، على دعوة مباشرة إلى الإدارة الأميركية للتراجع عن قرارها. لكن ديبلوماسيين ذكروا أن دولاً في مجلس الأمن، بينها بريطانيا وفرنسا ومصر واليابان وأوكرانيا، تحفظت عن إصدار نص قاس جداً، وأصرت على أن المسودة المقترحة يجب أن تؤكد مجدداً الموقف الوارد في القرارات الموجودة أصلاً، في ما بدا محاولة لتحقيق التوازن لتأمين أصوات الدول الأعضاء ال14 الأخرى في المجلس. ويؤكد مشروع القرار الذي ينظر فيه مجلس الأمن اليوم أن «أي تغيير في وضع القدس ليس له أي مفعول قانوني ويجب إبطاله»، ويشدد على أن قضية القدس «يجب حلها عبر المفاوضات»، ويعبر «عن الأسف الشديد للقرارات الأميركية الأخيرة»، من دون ذكر إعلان ترامب تحديداً. كما ينص على أن «أي قرارات وأعمال تبدو وكأنها تغير طابع القدس أو وضعها أو تركيبتها السكانية، ليس له أي مفعول قانوني وهو باطل ويجب إلغاؤه». ويدعو كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى عدم الاعتراف بأي إجراءات تخالف قراراتها في شأن وضع المدينة المقدسة، كما يحض كل الدول على الامتناع عن فتح سفارات لها في القدس. وكانت الولايات المتحدة وجدت نفسها معزولة في مجلس الأمن الأسبوع الماضي عندما نددت الدول الأعضاء ال14 الأخرى، بينها حلفاؤها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بقرار ترامب في شأن القدس. وكانت الأمم المتحدة تبنت عشرات القرارات التي تدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران (يونيو) 1967. وأكدت الحاجة إلى إنهاء احتلال هذه الأراضي. إسرائيل تنتقد مشروع القرار وانتقد السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون مشروع القرار المصري، معتبراً أنه محاولة من الفلسطينيين «لإعادة اختراع التاريخ». وأضاف في بيان: «ليس هناك أي تصويت أو نقاش يمكن أن يغير واقع أن القدس كانت وستظل عاصمة إسرائيل». لكن التحرك العربي بدا مُصراً على تمرير قرار يُسقط الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل» ولو من بوابة الأمم المتحدة. وأوضح مصدر ديبلوماسي مصري ل «الحياة» أن بلاده قدمت مشروع القرار نيابة عن المجموعة العربية والإسلامية، وقال: «المتوقع في شكل كبير جداً استخدام الفيتو الأميركي ضد القرار»، لافتاً إلى أن واشنطن «اتخذت خطوة يستحيل أن تتراجع عنها». وأكد: «سنذهب في اليوم التالي بعد الفيتو الأميركي مباشرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذا استطعنا تأمين ثلثي أصوات أعضائها، في ظل هذا الزخم العربي والإسلامي الكبير تجاه القدس، من أجل تمرير مشروع القرار تحت بند الاتحاد من أجل السلام، ليتحول إلى قرار ملزم لكل مؤسسات الأمم المتحدة، بما فيها مجلس الأمن». وفيما يلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني غداً بابا الفاتيكان فرنسيس، والرئيس إيمانويل ماكرون لبحث تطورات ملف القدس، شكلت الجامعة العربية وفداً يضم وزراء الخارجية السعودي والمصري والأردني والفلسطيني والمغربي والإماراتي، إضافة إلى الأمين العام للجامعة سيعقد أول اجتماعاته مطلع الأسبوع المقبل في عمان لبحث التحرك على الصعد الديبلوماسية والإعلامية من أجل مواجهة الآثار الناشئة والتبعات السلبية للقرار الأميركي. واجتمع الرئيس محمود عباس أمس مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان، ووزير خارجيته محمد بن عبد الرحمن في الدوحة، وبحث معهما تطورات القضية الفلسطينية، والأخطار التي تهدد القدس بعد إعلان ترامب. وفي القاهرة، شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب (البرلمان المصري) أمس حالة من الغضب للتنديد بقرار ترامب، وسط هتافات النواب بأن «القدس عربية»، في وقت أكد رئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال أن الشارع المصري «لن يتنازل عن عروبة القدس مهما صنعت الإدارة الأميركية». اعتقالات إسرائيلية في الضفة رام الله، الجزائر، جاكرتا، ليبرفيل – «الحياة»، رويترز، أ ف ب – شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس حملة اعتقالات في بلدات وقرى في الضفة الغربية، رداً على الاحتجاجات على قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ونقل السفارة إليها، فيما وصل عدد الفلسطينيين المعتقلين منذ بدء الاحتجاجات إلى 430 موقوفاً. وأوضح نادي الأسير الفلسطيني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 16 فلسطينياً من محافظات الضفة فجر أمس، ليرتفع عدد المعتقلين إلى 430، بينهم 131 طفلاً، و9 سيدات، وثلاثة جرحى معتقلين يقبعون في مستشفيات الاحتلال. وأشار أن أعلى نسبة اعتقالات كانت في القدس حيث اعتقل 130 فلسطينياً، تليها الخليل بنحو مئة مواطن، لافتاً إلى أن غالبية المعتقلين تعرّضت إلى أشكال من التّعذيب الجسدي والنّفسي خلال الاعتقال. وأصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق خلال مواجهات اندلعت في بلدة يعبد جنوب مدينة جنين ليل السبت- الأحد. وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات أطلقت قوات الاحتلال خلالها الرصاص المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع. إلى ذلك، تواصلت تظاهرات نصرة القدس والتضامن مع الفلسطينيين، إذ نظم عشرات الآلاف من الإندونيسيين أكبر مسيرة احتجاجية في جاكرتا احتجاجاً على الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ودعوا إلى مقاطعة البضائع الأميركية. وحال أفراد الشرطة الذين كانوا يقفون وراء أسلاك شائكة، دون تقدم المحتجين نحو السفارة الأميركية. ولوّح المحتجون بالأعلام الفلسطينية ورفعوا لافتات مُنددة بترامب، وطالبته لافتات أخرى بالعدول عن قراره. وفي العاصمة الهنغارية بودابست، شارك مئات من الجالية الفلسطينية والمجريين في مسيرة انطلقت من سفارة فلسطين ووصلت إلى السفارة الأميركية. وأكدت السفيرة الفلسطينية في المجر ماري أنطوانيت في كلمة، على تضامن الشعوب الحرة في العالم مع الشعب الفلسطيني، معتبرة أن الصمت عن ذلك يشكل مشاركة في الجريمة. وكانت مدن جزائرية شهدت تظاهرات ضخمة أول من امس دعماً للقدس ورفضاً لقرار ترامب، من بينها تظاهرات في الجزائر العاصمة ومدن أخرى، قُدر تعدادها بنحو نصف مليون مواطن. ورفع المحتجون أعلام فلسطين، وشعارات ترفض قرار ترامب، وتؤكد التمسك بالقدس عاصمة لفلسطين، من بينها: «أرض فلسطين وقدسها عاصمة المليار ونصف مليار مسلم»، و «جيش وشعب معك يا قدس». كما ردد المشاركون في التظاهرة، الهتاف الشهير «فلسطين الشهدا»، الذي يردده الجزائريون في كل محفل. إصابة مواطنيْن دنماركيين في غضون ذلك، أصيب مواطنان دنماركيان، أحدهما بجروح خطيرة، في العاصمة الغابونية ليبرفيل في هجوم بسكين شنه نيجيري، قال إنه قام بذلك «رداً على هجمات الولايات المتحدة ضد المسلمين»، وفق ما أفاد مصدر رسمي. وتعرض الرجلان اللذان كانا يجريان تحقيقاً في الغابون لحساب قناة «ناشونال جيوغرافيك» للطعن فيما كانا يتسوقان في قرية يرتادها السياح. بحسب وزير الدفاع إيتيان ماسار الذي أضاف: «بحسب الشهادات الأولى في المكان، فإن منفذ الهجوم نيجيري في الثالثة والخمسين ارتكب فعلته صارخاً الله أكبر واعتقل في المكان». وتابع أن المهاجم «يقيم في الغابون منذ 19 عاما.